اراء و مقالاتمقالات وآراء

“إغلاق المساجد” ملف نقاش حار في الأردن: الأوقاف حذرت “فحش الكلام” والإخوان “في الحياد”

 لا يريد وزير الأوقاف الأردني الشيخ الدكتور محمود الخلايله تحويل مسألة إغلاق أو فتح المساجد إلى “مادة حيوية” تلوكها ألسن الصحافة والمنصات الاجتماعية.

 لذلك يهاجم الوزير الشيخ بضراوة كل من يحاولون إنتاج مساحة رأي عام تضغط لإعادة فتح المساجد بمعزل عن المسار الصحي في الأمر.

هاجم الوزير ثلاث مرات في أقل من أربعة أيام كل من يحاولون تشويه موقف الحكومة وتحريض الناس عليها بمسألة المساجد.

استعمل الخلايله تعبيرا دقيقا منتقدا “فحش الكلام” ولاحقا في خطبة صلاة الجمعة الموحدة تحدث عن تعريض صحة المواطنين للخطر في حالة فتح المساجد مستعرضا الأدلة الشرعية التي تساند الإجراءات الحكومية.

مسألة المساجد حساسة جدا في بلد مثل الأردن. زادت حساسيتها مؤخرا بسبب شهر رمضان المبارك.

لكن وزارة الأوقاف أغلقت المساجد بناء على توصية مباشرة من لجنة الأوبئة الوطنية وخلف الستارة قال الوزير الخلايله في أحد الاجتماعات إن الخبرة الطبية هي التي ستقود وزارته في هذا الأمر والقرار محسوم.

عمليا مسألة المساجد شائكة قليلا، فالعاهل الملك عبدالله الثاني في خطاب شهير أول الأزمة تحدث عن وعد الأردنيين بالعودة إلى مساجدهم وكنائسهم قريبا.

وبعض المواطنين يعتبرون إغلاق المساجد تماما من أنماط “التزيد” حيث أن المسجد مثل العديد من المرافق يمكن فتحه وإقامة الصلاة جماعة فيه مع تلبية شروط الصحة العامة.

وهو خيار لا يوافق عليه طاقم الوزير الخلايلة لسبب “سياسي” وليس إداريا هذه المرة فالسيطرة على التوجيه والصلاة والدروس والوعظ والإرشاد ليست للوزارة في عدد كبير جدا من مساجد المملكة والمايكروفون الديني داخل المسجد ينبغي أن لا يجازف بتركه لأي أجندة سواء أكانت سياسية أو شخصانية وفردية أو متشددة.

التجمع بهدف الصلاة عبارة عن بيئة خصبة لنشر الوباء والفيروس، هذا ما يقوله وزير الأوقاف وسط تفهم كبير بطبيعة الحال من الشارع والجمهور باستثناء أقلية تسببت بتوتر أمني عندما أصرت في أوقات سابقة على إقامة صلاة جامعة أمام المساجد المغلقة ما اضطر الأمن العام للتدخل.

على منابر المنصات الاجتماعية وأحيانا في بعض الأوساط الإسلامية المسيسة ثمة دعوات ضاغطة على السلطات لإعادة فتح المساجد ما دامت قد سمحت بالعمل في العديد من القطاعات والمنشآت والمرافق.

بعض التعبيرات مالت للمزاودة على الحكومة من ناحية شرعية مما دفع الوزير الخلايله للرد وبخشونة متسائلا عن “العاقل” الذي يفترض يوما بأن الحكومة تريد إغلاق المساجد أو تهتم بالأمر.

في كل حال أوضحت الحكومة بدون شكوك بأن المسألة لا علاقة لها بأي توجه سياسي. والفكرة أن الخوف الصحي والوبائي من ما يمكن أن يحصل لم يدفع فقط باتجاه إغلاق المساجد بل أيضا باتجاه الحظر الشامل ليوم الجمعة الأخير وعلى أساس بروز إشارات لتحدي إغلاق المساجد بدعوات متشددة لإقامة صلوات الجماعة في ميادين وساحات عامة أو مقابل المساجد مما دفع باتجاه حظر شامل تجنبا لمثل هذا الخيار.

وقدمت اقتراحات لوزارة الأوقاف بخصوص فتح المساجد بدون إقامة صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك مع إجراءات تباعد اجتماعي لكن السلطة قدرت بأن المسألة صحية ووبائية قبل أي اعتبار آخر وينبغي لوزارة الأوقاف ان لا تغرق في الجدل الشرعي حول ما سيجري داخل المساجد ولا بجدل الفتاوى بين المشايخ والعلماء.

في كل حال اتخذ قرار إغلاق المساجد في وقت مبكر من المواجهة مع كورونا وتقبله الناس.

 لكن الساحة لا تخلو الآن من آراء واجتهادات تشاغب على السلطات ووزارة الأوقاف عبر التشكيك بخلفية إغلاق المساجد وعدم وجود مبررات صحية وهي تشكيكات عمليا لا تحظى باحترام الشارع ولا تهضم بمستوى الجماهير خصوصا في ظل الإقرار العام بجدوى وإنتاجية الإجراءات المتخذة والتي أعجبت العالم واتخذت لحماية الأردنيين.

 وعلى أساس مرصود يمكن ملاحظة ان مسألة المساجد من حيث إغلاقها أو المطالبة بإعادة فتحها لم تتصدر لا سلبا ولا إيجابيا ولم تخضع للتسييس حتى عند جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر الجسم الأضخم والأكثر تنظيما محليا بين القوى الإسلامية في الساحة.

يلاحظ بكثافة أن الإخوان المسلمين بحزبهم وبلجنة العلماء التابعة لهم وقفوا بالمعنى الشرعي والوطني مع “إجراءات الدولة العميقة” وسط تقصد الاكتفاء بوجهات نظر محدودة تدعم خيار حريات الأفراد وتستبعد الحاجة لأحكام عرفية وبدون مزاحمة أو تعارض.

بمعنى آخر وفي تزامن مع توقيت فيروس كورونا بات واضحا أن الحركة الإسلامية الأردنية تفهمت لا بل أقرت ولم تلعب بورقة فتح أو غلق المساجد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى