اراء و مقالات

الأردن: تدخُّل الأمير حسن ينزع فتيل الأزمة ويُلزم الأمير حمزة باحترام “النهج الهاشمي”

يمكن اختصار المشهد الأردني أمس بهذه الجملة: أوكل عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني إلى عمه ولي العهد الأسبق الأمير حسن بن طلال التعامل مع موضوع ولي العهد السابق الأمير حمزة، وفق ما أعلن الديوان الملكي الأردني الإثنين، وذلك بعد إصرار الأمير حمزة على أنه لن يلتزم بأوامر من الجيش.
“الالتزام بنهج العائلة الهاشمية”، هذه العبارة التي استند إليها نبأ الإنفراج الجديد في أزمة الأمير حمزة بن الحسين وبتوقيع وبصمة المخضرم وكبير العائلة سنا الأمير حسن بن طلال، ما الذي يعنيه ذلك بصورة محددة؟
طبعاً لا يمكن معرفة التفاصيل بعد لأن التزام الأمير حمزة بـ “النهج الهاشمي” يعني ضمناً قبول التزام ما يصدر من أوامر ملكية بعد الآن.
والأهم قبول ما سبق أن طالبه به رئيس الأركان اللواء يوسف حنيطي بعنوان “وقف التواصل الذي يضر بمصالح الدولة”. واضح أن الأمير المخضرم حسن بن طلال دخل باسم “مجلس العائلة” لمعالجة “خلاف عائلي” وضمن التقاليد المرعية. الأوضح أن الأمير حسن بخبراته العريضة قد يكون الوحيد المؤهل ليس فقط لمعالجة الإشكال، ولكن لضمان عدم تكراره.
مبكراً تم الإعلان عن الانفراج بالشكل “العائلي” من أزمة الأمير الشاب الذي صرح أمس الأول بأنه “ينتظر الفرج”، وقال التصريح الرسمي إن الأمير حمزة قبل تدخل عمه المخضرم وسيلتزم بالمسار الذي حدده “جلالة الملك”، مؤكداً التزام النهج الهاشمي. تبقى طبعاً تفاصيل الالتزام مرتهنة بأصحابها، فالسلطات العليا في المملكة حرصت على “لفت نظر” الأمير أكثر من أي سلوك آخر، و”تفاهمات العم حسن” برزت في اللحظة المواتية ورحب بها الأردنيون أملاً باحتواء الأزمة في بعدها الأميري على الأقل. وبالتالي سياسياً ووطنياً تنزع تفاهمات العم المحنك “فتيل أزمة”، لكن في الحيثيات قد تبرز خيارات أصبحت “مطلوبة للجميع” الآن على الأرجح، ومن بينها سيناريو يقضي بأن يوقف الأمير الشاب كل نشاطاته التي “تغضب القصر” أو “تنتقد كبار المسؤولين”، خصوصاً في عمق بنية العشائر الأردنية تجنباً لإثارة الحساسية، أو أن ينتهي الأمر بهدنة تنهي عزلة الأمير وبإمكانية مغادرته البلاد لاحقاً. طبعاً تلك جزئيات “حل” تبقى طي الكتمان، لكن جهد الأمير حسن واستناداً إلى مصادر غربية مطلعة جداً، لم يكن الوحيد، فعدة جهات “دولية” مهتمة جداً بالأردن ووضعه الداخلي تدخلت خلف الستارة في نصائح لاحتواء حادثة الأمير حمزة، خصوصاً أن الحديث الرسمي عن نشاطات مقربين منه لم يثبت وجود علاقة قطعية بينه وبن متهمين آخرين كبار بالتآمر مع “جهات خارجية”.
الولايات المتحدة والحكومة البريطانية من أبرز المهتمين بالتطورات الأخيرة في الأردن، وقد ثبت للمراقبين بأن الاتهامات العلنية للأمير حمزة من جهة الحكومة الأردنية “زادت من شعبيته” عملياً، فيما تكثر مظاهر التنديد بالرواية الحكومية عن “مؤامرة الزعزعة”.
وفي الوقت الذي ارتفعت فيه في الأردن حدة الترحيب بمعالجة “تفاهمات الأمير حسن” بالمسار العائلي، لم يشهد ملف رئيس الديوان الملكي الاسبق الدكتور باسم عوض الله أي تطور لافت في مسار القضية، فيما استمرت التسريبات عن “المزيد من الاعتقالات”.
ويعلم الجميع بأن “احتواء” مسألة الأمير “المشاكس” حمزة بن الحسين بأي طريقة أو سياق، يدفع “مخالفات عوض الله” وبقية المعتقلين من السبت الماضي إلى مسار الضغط المعلوماتي، والكشف عن البينات وتدشين “ملف قضية ومحاكمة”. بمعنى أن ملف عوض الله لا يمكن معالجته بعيدا عن الإطار القانوني والقضائي ما دامت قد أعلنت سياسياً وقبل المحاكمة اتهامات من وزن ثقيل أهمها “التآمر مع جهات خارجية” غامضة.
رغم ذلك لا يزال الملف طي الكتمان والمتابعة الأمنية، حيث خلافاً لموضوع الأمير حمزة، على المحك سلسلة طويلة ومثيرة من الاختبارات والمقايسات والأحداث والأسرار، بعد المبالغات الإعلامية في الحديث عن “مؤامرات وانقلابات”، فعوض الله شخصية مليئة بالأسرار الإقليمية، وليست المحلية فقط، وإدارة محكمة علنية له قرار لا بد من تدبره وتوفير غطاء سياسي مدروس له، لأنه يعني ببساطة إعلاماً وشارعاً ونواباً ومحامين وبنوكاً ودولاً صديقة وكوكتيلاً من المفارقات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى