اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن: تفاصيل ليلة الإطاحة بـ «التباعد الاجتماعي» وازدحام الأسواق… وكيف تتخذ حكومة الرزاز قراراتها؟

مشهد التزاحم الشديد في أسواق الأردنيين مساء الأربعاء، الذي يفترض أنه سيتكرر مساء الخميس، أثار الكثير من الجدل والتساؤلات السياسية والبيروقراطية حول «آلية اتخاذ القرار». وفي العادة، تتخذ القرارات «المهمة» بعد الإصغاء لجميع أركان الدولة والمسؤولين في مجلس السياسات ويلتزم الجميع.
بوضوح، عندما يتعلق الأمر بأزمة كورونا وتداعياتها ونتائجها، وأيضاً عندما تعلق بإحراءات العزل والحظر والإغلاق.. يظهر على سطح الأحداث بأن رموز حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز يتخذون القرارات بصيغة منفردة ودون تفعيل النقاش والتفاصيل مع بقية الأطراف في سلسلة الخبرة والقرار في أجهزة الدولة.
زاد معدل حصول ذلك في الأردن منذ نحو ثلاثة أسابيع وبعد تمكين الرزاز، بصفته وزيراً للدفاع، من إخضاع بقية المؤسسات له ولحكومته، وبالتالي زادت صلاحيات وزير الصحة الدكتور سعد جابر الذي اتخذ قراراً «غريباً جداً» مساء الأربعاء وقرر فجأة حظراً شاملاً لثلاثة أيام خلال عطلة العيد.
ببساطة شديدة، بسبب توقيت متأخر في إعلان قرار الحظر الثلاثي الشامل تباطأت سلسلة القرار المألوفة، وفوجئت الأجهزة الأمنية والوبائية تماماً بإقصاء تلقائي وعفوي لكل مظاهر التباعد الاجتماعي وإجراءات الوقاية مساء الأربعاء وحتى اعتباراً من صباح الخميس.
أظهر الأردنيون مرونة كبيرة في «تجاهل» التباعد الاجتماعي، حيث ازدحام شديد في محلات التسوق عشية الحظر، لأغراض العيد والبقاء في البيوت، والسبب قرار وزير الصحة المباغت الذي خلط حسابات الناس بعدما أعلنت الحكومة السماح بجولات على الأقدام وبدون سيارات في اليوم الأول للعيد.
لم تعرف بعد ظروف اتخاذ الوزير جابر لقراره الغامض وعلى نحو مفاجئ، ولم يشرح القرار ولا حيثياته ولا مبرراته، ولم يعرف بعد موقف رئيس الوزراء.. لماذا سمح الرزاز بذلك؟.. هذا سؤال جال بين غالبية من النخب دون تحصيل إجابة. ازدحام الأسواق الذي أطاح تماماً بنظام التباعد الاجتماعي في أسواق ومدن وشوارع مكتظة جداً يمكنه أن يكلف البلاد كثيراً في الوباء.. قالها الناطق الرسمي باسم لجنة الأوبئة الطبيب نذير عبيدات، وهو يصرح.. «هذا خطير على الوضع الوبائي».
لكن عبيدات ودبلوماسية شديدة أصبحت مألوفة لديه لم يتحدث عن السبب، وإن كان الانطباع العام – حسب الناشط الإعلامي والتواصلي فتح منصور- هو «عدم شرح قرار الحظر الشامل في العيد علمياً».
منصور والمئات من النشطاء والإعلامين بحثوا عن أجوبة، خصوصاً أن حيثيات ما حصل مع سائقي الشاحنات جراء «تقصير» وزارة الصحة لم يكشف النقاب عنه بعد، إضافة إلى أن الإطاحة بليلتين قبل صباح العيد بنظام التباعد الاجتماعي تصاعد أصلاً جراء رغبة الأردنيين في تدبير احتياجاتهم المعيشية وليس الترفية خلال ثلاثة أيام العيد الذي سيقضى قسراً في المنازل بموجب تنسيبات وزير الصحة.
لا يريد أحد في جبهة الوباء ولا في الحكومة الاعتراف بأن قرار الحظر التام المفاجئ هو من الأسباب التي أدت إلى تدافع الأسواق الغريب يومي الأربعاء والخميس، والذي أطاح بدوره بكل تعليمات التباعد الاجتماعي، وسينتج عنه على الأرجح مشكلات مربكة عريضة للجان الوباء التي تطارد الفيروس، وقد عبر علناً عن ذلك الطبيب عبيدات.
المخاوف حتى الآن حتى داخل دوائر القرار تتعلق بمستوى الارتجال الحكومي وبصعوبة «نقد أو ملاحظة» أخطاء الوزراء بعد تمكينهم بقرارات وقوانين الدفاع وفي غياب فلترة إجرائية وإبعاد الشراكة التي كانت يومية ببداية الأزمة مع بقية مؤسسات الميدان.
تتخذ القرارات بالقطعة إجرائياً هنا، والوزير جابر في مسألة حظر العيد تحمّل شخصياً مسؤولية القرار ودافع عنه بشراسة، لكن عندما ينتج عن القرار تدافع الأسواق وبالتالي ارتفاع مستوى الإصابات والإطاحة بنظام التباعد الاجتماعي سيميل الوزير كالعادة إلى توجيه اللوم للناس قبل أي اعتبار آخر.
لا تنطوي الإجراءات «الوزارية الفردية» على فهم معمق لطبيعة الأردنيين ومزاجهم السلوكي ولطبيعة علاقاتهم الاجتماعية المتينة، وهي حصرياً مشكلة «قلة الخبرة» عند «الشباب الموهوبين» في الطاقم الوزاري، وفقاً لتشخيص ووصف وزير الإعلام الأسبق والصحافي المخضرم راكان المجالي.
لذلك حصرياً، أعادت ليلة انفلات التفاصيل عشية عيد الفطر السعيد السؤال بقوة: كيف تتخذ حكومة الرزاز قراراتها الإجرائية التي تؤثر على حياة ملايين الأردنيين في وقت أزمة مفتوحة على كل الخيارات؟
حتى في عمق الأجهزة البيروقراطية التابعة لوزارة الداخلية يمكن ملاحظة التذمر الوظيفي الخبير من اتجاهات الوزراء الفردية، ليس في المسألة الصحية فقط… حيث الاستماع لحكام إداريين وموظفي أمن مباشرة من قبل «القدس العربي» دون تمكنهم من إيصال صوتهم للحكومة ولرئيسها.
بكل الأحوال، الوضع معقد وصعب في الشارع الأردني بعد القرار الغريب المفاجئ بالحظر لثلاثة أيام . والخوف مبكراً من تمرد سلوكي مضر على التباعد الاجتماعي في كثير من المواقع بالرغم من تغليظ العقوبات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى