اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن: هل يجر الطراونة الرزاز و«يرحلان معاً»؟… الوضع «محرج جداً» وأزمة «تحقيقات الفساد» تتشعب

 

 

 قد لا ينتهي الأمر بالطريقة الأسهل بعد إغلاق الباب في الأردن أمام خيارات التعايش بين البرلمان والحكومة، وبعدما تشكلت حالة حراكية جديدة هذه المرة وبسقف الربيع العربي نفسه باسم أبناء عشيرة الطراونة، التي تحاول الاحتجاج على استهداف عائلة ابنها رئيس مجلس النواب عبر شقيقه المقاولين.
يقر الجميع بأن الوضع أصبح محرجاً للغاية، وبأن الأزمة المتدحرجة بين السلطتين على خلفية التحقيق في ملفات فساد العطاءات والمقاولات قد لا تنتهي بحلول وسطية بعد الاحتكام لقواعد الدستور التي تنص على رحيل الحكومة التي يحل البرلمان في عهدها. وعملياً، يواصل بعض أبناء الطراونة، وليس كلهم، التواجد في العاصمة عمان ضمن وصلة احتجاج على اعتقال المقاول أحمد يوسف الطراونة، شقيق رئيس البرلمان.

«أوامر التغيير» في العطاءات تنتج عنها «أزمة دستورية» وأخرى سياسية

المحتجون، بوضوح، لديهم إرشادات محددة؛ فهم يهتفون للملك ويناشدونه التدخل، ويحاولون منع أي مظاهر احتكاك مع قوات الدرك والشرطة بدون التفريط بتجمعهم، لكنهم يعتبرون – حسب منطوق ومضمون الانتخابات- الخصم الأبرز في عائلة الطراونة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، ويواصلون إطلاق «هتافات حادة» وأحياناً «جارحة».
وفي توقيت محرج أيضاً بإقرار السياسي المخضرم الدكتور ممدوح العبادي، تتخذ الأمور اتجاهاً جهوياً، وتتهم سلطات الحكومة بافتعال أزمة اسمها «أوامر التغيير» في المقاولات، والمحتشدون من أنصار الطراونة يهتفون بأسماء محددة لفاسدين مفترضين ويطالبون برؤوس بعضهم خلف القضبان.
في كل حال، الاحتجاج يتعتق، ورئيس البرلمان العقلاني عاطف طراونة وجد نفسه مضطراً للتصعيد دفاعاً عن أفراد عائلته، في الوقت الذي لم تظهر فيه بعد وصفة وطنية مدروسة بعمق للخروج بأقل الكلف بعدما اعتبرت تحقيقات الفساد بمثابة إعلان لولادة عهد جديد، وبعدما صنفت المداهمات الضريبية ومتابعها بأنها خيار إجباري ووجودي للدولة.
جهة ما تستطيع الاحتفال بالصدام الذي انتقل من مستوى أفراد وأشخاص إلى مستوى علاقة تأزمت بين سلطتين دستوريتين، على رأس الأولى الدكتور عمر الرزاز، وعلى رأس الثانية ما دام البرلمان غير منعقد، المهندس عاطف طراونة.
لم يشهد الوسط السياسي والإعلامي سابقاً وجود أزمة بين القطبين، وعلى العكس… كانت العلاقة بين السلطتين ناعمة، وكان الطراونة متعاوناً للغاية مع اتجاهات حكومة الرزاز، وعبر عن ذلك في أكثر من مفصل وموقف ومفترق طرق. لكن الرزاز بدأ يقول بأن المسألة ليست شخصية ولا عائلية ولا جهوية، متمسكاً أن تستمر التحقيقات في ملفات الفساد دون انتقاء أو تسييس.
وهو خيار يعني أن الصدام أصبح حتمياً أكثر بين عائلة لها نفوذ سياسي واقتصادي كبير ومسنودة بشريحة اجتماعية وعشائرية، وبين حكومة تزعم أنها قررت كسر ظهر الفساد دون أن تقدم في المقابل للرأي العام أي شروحات مقنعة بشأن سلسلة تعيينات تقررت وبرواتب كبيرة وأثارت الجدل.
خصوم الرزاز والطراونة، بصرف النظر عن هويتهم، مستفيدون تماماً من الصدام بين القطبين، والثاني قالها بوضوح في بيان مثير عندما أصر مستخدماً صفته الدستورية على أن عائلته مستهدفة تحت لافتة خصومة سياسية وعلى أن الكرة الآن بين يدي الرأي العام. وقالها قبله الرزاز أيضاً وهو يحاول إنتاج الانطباع بأن حكومته تنجز في الملف الشعبوي الطاغي تحت لافتة «استعادة أموال الدولة».
وهو تلويح يعني بالضرورة بأن حكومة الرزاز إذا تم ترحيلها، فهي تحاول الإيحاء بأنها رحلت بسبب حربها على صعيد الاشتباك مع الفساد، وبسبب قرارها وبرنامجها في استعادة أموال الدولة.
التخلص من حكومة الرزاز يصبح أكثر صعوبة الآن، خصوصاً مع نمو النغمة التي تقول أن طاقم هذه الحكومة لديه خبرة متراكمة قد يحتاجها الوطن وتحتاجها الدولة إذا ما حضرت الموجة الثانية العنيفة من فيروس كورونا.
حل البرلمان يعني رحيل الرزاز وحكومته بالاستحقاق الدستوري، وبقاء التعقيد ضمن التداعيات على أساس لافتة استهداف عائلة سياسية واقتصادية من جنوبي البلاد ليس خياراً، لا بل ليس في وقته المناسب إطلاقاً حسب الدكتور العبادي، فالنقاش ببين السلطتين عندما تريدان التعارض ينبغي أن يبقى فقط تحت القبة وليس خارجها.
السؤال، في ظل التعقيد الذي لم يدرس ونتج عن مجازفة اعتقال وتوقيف مقاول كبير من وزن الطراونة الشقيق، هو التالي: ما الحل ضمن المحددات الدستورية بعدما صدمت تحقيقات الفساد السلطتين معاً؟
الإجابة كالعادة أكثر تعقيداً، لكن ثمة أمل سياسي واحد عنوانه تأزيم دستوري بين سلطتين ورأسيهما، حله الوحيد بالمقتضى الدستوري أيضاً هو التخلص منهما معاً وتدشين بداية لفتح صفحة جديدة على أساس الاستحقاق الانتخابي. ويبقى السؤال المهم هل يكون ذلك المقصود في النهاية، أم أن الصدفة ستقود فقط إلى نهاية من هذا النوع؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى