اراء و مقالات

الجدل يتجدد في الأردن بعنوان «تسييس» أوامر الدفاع للوقاية من كورونا

تهمة «الجباية» وازدواجية المعايير الصحية وصداع عمرو دياب

عمان – «القدس العربي»: بدت مفارقة حكومية أردنية بامتياز أخفقت السلطات خلالها في تفسير الازدواجية في معايير التعامل مع البروتوكولات الصحية وحتى أوامر الدفاع.
مباشرة بعد مهرجان جرش الفني الثقافي والجدل الذي أعقبه تحت عنوان احتشاد المواطنين ودون التزام وقائي أو صحي، تم تنظيم حفلة للمطرب المصري تامر حسني، وأعقبتها حفلة ظهر الجمعة للمطرب المصري عمرو دياب، أعادت إلهاب الجدل والإثارة تحت عنوان تـسييس أوامر الدفع هذه المرة، وهي تهمة موسمية وقديمـة تطـرح أسـئلة تبـقى عالقة دون أجوبة منذ قررت السلطات والحـكومة السابقة الإغلاق الشامل ثم الجزئي بسـبب التـعاطي والاشتـباك مع فـيروس كـورونا.

تهمة «الجباية» وازدواجية المعايير الصحية وصداع عمرو دياب

تجددت الأسئلة نفسها على نحو واضح وبشكل ملحوظ خلال اليومين الماضيين وتسابق مئات الأردنيين، لا بل الآلاف منهم، في إعادة نشر لقطات فيديو لحفل أقيم للمطرب عمرو دياب في مدينة العقبة جنوبي البلاد، وتخلله إسقاط ملموس لـكل تطبـيقات «التـباعد».
في الحفل مخالفات واضحة الملامح بعنوان الوقاية الصحية وعدم الالتزام بالكمامة ولا بالتباعد بالرغم من بعض الجهود التي بذلتها السلطات الإدارية والسلطات المسؤولة عن تطبيق وإنفاذ تعليمات قانون الدفاع. سأل الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي مراد عضايلة، أمام «القدس العربي» عن المريب في تسهيلات الحفلات الفنية، مقترحاً الأسبوع الماضي ترقب موقف الحكومة من طلب تقدم به حزبه لإقامة احتفال ديني يتناسب مع الهوية الوطنية والدينية للشعب الأردني بمناسبة المولد النبوي الشريف. وترافق الجدل في هذا السياق مع ما تيسر من دعوات في البرلمان بدأت تصدر وتبناها لأول مرة رئيس اللجنة الصحية في مجلس النواب الطبيب أحمد السراحنة، تحت عنوان وقف العمل بأوامر الدفاع.
السراحنة من النواب الذين يبتعدون عن الأضواء طوال المرحلة الماضية، لكن يبدو أن ظهور الحشود والتجمعات في حفلات غنائية أشعره بقدر من الاستفزاز، فقد طالب الحكومة بوقف العمل بتطبيقات أوامر الدفاع ما دامت تسمح بإقامة حفلات من هذا النوع. قبل ذلك، صدر عن حزب جبهة العمل الإسلامي، أكبر أحزاب المعارضة في الأردن، ما يتضمن الإشارة إلى ازدواجية المعايير الحكومية، حيث مطالبات بإعادة النظر بأوامر الدفاع والتطبيقات وإشارات إلى أن الحفلات التي تتضمن حالة كبيرة من الاختلاط وإسقاط قواعد الوقاية الصحية تسمح بها الحكومة، في الوقت الذي لا تزال تطبق فيه بروتوكولات متشددة في مؤسسات القطاع العام والمولات التجارية وحتى في المساجد، الأمر الذي أثار تساؤل العديد من المراقبين، لا بل حتى السياسيين الذين لاحظوا بوضوح بأن الحكومة لا تقدم أجوبة مباشرة ومقنعة على تلك التساؤلات في الوجدان العام بعنوان ازدواجية المعايير ما بين منشآت القطاع الخاص في تطبيق أوامر الدفاع المخصصة للوقاية الصحية وما بين الاحتفالات ذات الطبيعة الفنية والتي تصدر فيها موافقات رسمية من قبل الحكام الإداريين أو وزارة السياحة، كما لاحظ رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحـاج توفيق.
في الأثناء، وعلى هامش هذا الجدل، يصدر أمر الدفاع رقم 46 ويتضمن التوسع في بعض القيود المتعلقة بالمقاهي والمطاعم، وينص على السماح بجلوس عشرة زبائن على الطاولة الواحدة في المطاعم، لكن القيود الصحية في المقاهي والمطاعم الشعبية استمرت.
وفي الأثناء عملية رقابة تمارسها 14 جهة رسمية على الأقل على المحلات التجارية والمنشآت السياحية، وبدأت بعض الأصوات تصف هذه الرقابة التي تتوسع بالمخالفات باعتبارها نمطاً من أنماط الجباية. لا تقدم الحكومة أجوبة شافية، ولا يبدو أنها بصدد تقديم تلك الأجوبة الشافية، خصوصاً أن انتقاد ما حصل في حفلات غنائية لمطربين عرب أصبح عنواناً للاعتراض وأحياناً السخرية من جدية الحكومة في التعاطي مع تطبيقات الوقاية الصحية.
وهو أمر بدأ يثير سخط الرأي العام، في الوقت الذي تصمت فيه الحكومة عن هذا الجدل ويشتكي القطاع الخاص والقطاع التجاري وقطاع الخدمات من حجم المخالفات والغرامات المالية الكبيرة التي يتم توثيقها وبصورة بدأت تثير الضجيج والمخاوف عند كثير من المنشآت والمؤسسات التجارية، حتى أن بعض الآراء الفنية بدأت تربط بين انخفاض واردات الخزينة من الضريبة مستقبلاً وبين التأثيرات التي تجرى على منشآت ومحلات تجارية جراء الإصرار على فرض غرامات كبيرة وأحياناً مبالغ بها، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بعدم ارتداء الكمامة من قبل زبائن وليس من قبل عمال أو موظفين داخل أي من تلك المنشآت.
المفارقات بهذا المعنى في المشهد السياسي والصحي الأردني تتدحرج، ودفعت حتى رئيس اللجنة الصحية في البرلمان للتحدث، وهو رجل في العادة يعتزل الأضواء ولا يطلق التصريحات الإعلامية أو السياسية، في الوقت الذي تخفق فيه الحكومة بتبرير تلك المظاهر من الازدواجية، فهي تظهر وجهاً خشناً في بعض التفاصيل في الالتزام بأوامر الدفاع التي يصدرها رئيس الوزراء، بينما يحصل تساهل غير مفهوم مع نشاطات فنية وسياحية، وفي المقابل التوسع في مخالفات وفرض الغرامات المالية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى