اراء و مقالات

انقلاب إسرائيلي على الأردن: استذكار جماعي لهاتف الملك حسين إلى كلينتون عند محاولة اغتيال مشعل

ما الذي يمكن أن يقدمه الرئيس الأمريكي للأردن الجمعة؟

عمان – «القدس العربي» : لا أحد حتى اللحظة على الأقل يمكنه التكهن بتحصيل إجابة على السؤال التالي: ما الذي يمكن للرئيس الأمريكي أن يقدمه للأردن يوم الجمعة المقبل بخصوص الوصاية الهاشمية على القدس؟
واضح حتى عصر الثلاثاء بأن الطاقم الذي يرافق الملك عبد الله الثاني في زيارته إلى واشنطن ليس لديه معلومات محددة أو تقديرات من أي نوع خارج نطاق إظهار الرئيس بايدن لجرعة تضامن مع الوصاية التي أعلنت إسرائيل رسمياً، للمرة الثانية، أمس الأول، أنها بصدد تقويضها.

ما الذي يمكن أن يقدمه الرئيس الأمريكي للأردن الجمعة؟

ما تريده عمان من الرئيس بايدن قد لا تحصل عليه. وما يقدمه بايدن في ملف القدس والمسجد الأقصى قد لا يكون الكثير. لكن الانطباع مبكر بأن الوفد الرسمي بانتظار ما سيتقرر من لقاء الزعيمين ودون تصور أو أجندة مسبقة. وثمة مقترحات بالجملة تزدحم في مربع ضيق هنا. وعمان ذهبت في اتجاه الاستثمار، قدر الإمكان، في تصعيد نفتالي بينيت.
وترجمة عبارة الاستثمار هنا كانت واضحة من البداية، وعبر تقديم مسودة تقرير للأمريكيين يعرض بخصوص القدس مطالب أردنية محددة، سقفها في الحد الأدنى تعزيز وتمكين صلاحيات طاقم الأوقاف الأردني الذي يدير الرعاية، وفي الحد الأعلى رسالة ضمانات مكتوبة لا تقف عند التصريحات العلنية من الإدارة الأمريكية تعترف وتقر بالوصاية الهاشمية أو بالرعاية الأردنية، حتى لا تدخل اتفاقية وادي عربة في محور اشتباك ونفق مظلم في لحظة حساسة.
لم تصدر للحكومة الأردنية بعد توجيهات محددة بخصوص الرد على تصريحات نفتالي بينت، أملاً في ترسيم صورة موقف الاشتباك بعد استكشاف ما في جعبة كل من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وصديق عمان المفترض مدير الاستخبارات وليام بيرنز.

حقيقتان

مقدماً ومبكراً، قبل لقاء عبد الله الثاني – بايدن، تحركت الماكينة الإسرائيلية في واشنطن محذرة من أن الإدارة الحالية ملزمة سياسياً وقانونياً بمضمون الاعتراف الموقع الموثق للرئيس الأسبق دونالد ترامب بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل. واضح للمراقبين الأردنيين هنا بأن الاشتباك صعب ومعقد، وبأن إدارة بايدن تحاول التحرك مجاملة للأردنيين في فناء وفضاء التهدئة بالقدس فقط.
وبالتالي، قد يكون الاستنتاج بأن عمان ستحصل على ما تريد في حده الأعلى على الأقل متسرعاً، لأن ما سيحاول طاقم بايدن التأشير عليه هو الإيحاء بأنه يفكر بزيارة المنطقة، وحصراً بزيارة القدس الشرقية أيضاً، الأمر الذي يمكن لرام الله وعمان بناء بعض الرهانات عليه، لكنها ستكون رهانات على إنشائيات لغوية على الأرجح؛ لأن كل الخبراء في الملف الأمريكي وعلى رأسهم الدكتور مروان المعشر، يعيدون التذكير بحقيقتين واقعيتين الآن، هما: أولاً، أن إسرائيل انقلبت على الأردن وعلى عملية السلام. وثانياً، أن الإدارة الأمريكية غير مهتمة بتقديم خطط جديدة من أي صنف لعملية السلام.
ظهر الاثنين على الأقل، بقيت الحكومة الأردنية في الانتظار لتوجيهات أو تقديرات تأتي من الوفد الرسمي في واشنطن، بعدما لاحظ الجميع صمتاً مطبقاً وتجنباً للرد والتعليق، ويبدو أن التأخر زاد بسبب فارق التوقيت، وتجنباً لمزالق ترتيب اللقاء مع الرئيس بايدن.
لكن عمان أكثر إقراراً بالوقائع اليوم. والتي تقول بوضوح بانقلاب إسرائيلي صريح على الشريك الأردني يفترض -حسب ما ذكره لـ«القدس العربي» القطب البرلماني خليل عطية- أن يخلط أوراق العدو وليس أوراق الأردن، مع أن أزمة تصريحات نفتالي بينيت كشفت النقاب -على حد تعليل المراقب السياسي جليل خليفة- عن الفارق ما بين مفردة «تحترم»، ومفردة «تلتزم» إسرائيل بالرعاية الأردنية للأوقاف.
يحاول خليفة عبر «القدس العربي» لفت النظر إلى أن مصطلح الوصاية الأردنية ليس موجوداً بحرفيته في نصوص اتفاقية وادي عربة، وهي إشكالية يكتشفها القوم الآن. وسيغرق الإسرائيليون على الأرجح أطقم عمان وواشنطن بمستنقع من التفسيرات والصياغات القانونية إذا ما كان الهدف تثبيت أركان الوصاية الهاشمية، وستكون المواجهة هنا ملتبسة وغامضة، ومن الصعب للأمريكي أن يحسمها، وإن كانت البيانات الإسرائيلية تدفن مرحلة من الشراكة مع الأردن وتؤسس لإحراج كبير يؤدي، حتى بتقدير المطبخ الأردني السياسي، إلى مرحلة جديدة مضطربة، فيها من الخسائر للإسرائيليين ما يفيض عن توقعاتهم حتى وإن خسر الأردن بعض مصالحه.

خيارات متاحة

في الأثناء، تتشدد حكومة نفتالي بينيت، مساء الاثنين، بموقفها العدائي الجديد ضد الأردن، ويعبر مستشار في مكتب رئيسها، مجدداً، عن ذلك التشدد وهو يقترح لأول مرة قصة ظهور علاقات بين 6 من حراس الأوقاف الأردنيين وحركة حماس. ولا مجال أمام السلطات الأردنية بعد الآن للاستمرار في منطقة الإنكار، لأن إسرائيل تتنكر للوصاية الأردنية وبروتوكولها المتفق عليه برعاية جون كيري عام 2015.
الإنكار مكلف، ورئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري صرح بأن ما يحصل ضد الوصاية خطير جداً.
لاحقاً، دعي المصري لحديث أكثر في التفصيل عن الخيارات المتاحة برفقة الدكتور المعشر ونخبة من الكتاب والمعلقين في جلسة مغلقة يفترض أن تعقد الأحد المقبل، بعنوان «ساعة الحقيقة» – العلاقات الأردنية الإسرائيلية وبإشراف معهد السياسة والمجتمع.
المعهد في هذه الجلسة يحاول التقاط ما هو جوهري في الاشتباك الآن بعدما تحدث سابقاً عن 3 سيناريوهات موجعة في عمق أزمة العلاقات الأردنية الإسرائيلية، فيما استبق وزير الثقافة والشباب الأسبق الدكتور محمد أبو رمان، الجلسة ومسارات لقاءات واشنطن بالكتابة تحت عنوان الانقلاب الإسرائيلي، لا بل زاد الأمر ولأول مرة في بعض الأدبيات في اتجاه استذكار ما فعله الملك الراحل الحسين بن طلال عند اندلاع مشكلة محاولة اغتيال القيادي في حماس خالد مشعل في شوارع عمان.
هل نستطيع استعارة هذا الموقف؟ سؤال طرحه أحد الوزراء السابقين في جلسة بحضور «القدس العربي»، فيما مجالسات عمان السياسية لا تزال تقترح بأن الأردن في الدفاع عن مصالحه في الوصاية يستطيع اللعب بورقة ما حصل مع مشعل، حيث مقولة شهيرة للملك الراحل الحسين يعرفها الجميع، عندما اتصل بالرئيس بيل كلينتون قائلاً: «حياة هذا الشاب في كفة، واتفاقية وادي عربة في الكفة الأخرى».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى