اراء و مقالاتمقالات وآراء

بعد عودة «المؤثرات الصوتية» للحراك القديم… متى ينزل «المعلم» الأردني وخصومه عن شجرة التأزيم؟

بدت حراكات المعلمين الأردنيين «أقل صخباً» مع نهاية الأسبوع الحالي، وإن كانت قد تحولت في بعض تفاعلاتها ومناطقها على الأقل إلى مساحة تحاول بعض قوى «الحراك الشعبي» توسيع أصابعها بها في خيار يدل على أن الأزمة الاقتصادية مستمرة ولا يريد أي طرف متزن، خصوصاً في أجواء ومناخات ما بعد فيروس كورونا، تصاعدها إلى مستوى «العدمية» والاستعصاء.
وعملية توسيع الأصابع بهتافات حراكية هنا قد تؤدي مجدداً – إذا لم تتصدر مبادرات – إلى ولادة أزمة جديدة محرجة للجميع قوامها إطلالات «جارحة» مجدداً للمؤثرات «الصوتية».
ولا تبدو السلطات مهتمة، حتى مساء الجمعة على الأقل بقياس منسوب «الزخم الشعبي» الذي يحاول تبني حراكات المعلمين ويوفر حاضنة اجتماعية لهم، لأن معلومات ومعطيات الحكومة في اللحظات الأخيرة كانت تتحدث عن «التحضير لإضراب كبير» مع بداية الموسم الدراسي قبل إغلاق مقرات نقابة المعلمين وتوقيف أعضاء مجلسها، ثم نقل الملف من النيابة إلى المحكمة.

مبادرات برعاية المصري والشيخ منصور وعطية والشعار «لا هراوات ولا اعتصامات»

وثمة وجهتا نظر وسط المجتمع بالخصوص؛ تشير الأولى إلى أن تصعيد الحراك التعليمي لا يحظى بالحجم الذي حظي به العام الماضي من المساندة الشعبية، وتتحدث الثانية عن «حواضن لا يمكن الاستهانة بها» وتتغذى على التصعيد الأمني والتأزيم الرسمي في المقابل، حيث إسلاميون بلا أي حوار حقيقي معهم، إضافة إلى محتقنين وغاضبين لأسباب سياسية واقتصادية، ومن طيف اجتماعي متنوع، وحيث نخبة عريضة من رجال الأعمال والطبقات الاقتصادية «تضررت» من إجراءات الحكومة المالية الأخيرة تحت عنوان «استعادة مال الدولة والضرائب»، وتدعم كل سيناريوهات ترحيل وإقالة حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز المتهمة الآن بدورها بكل جبهات التأزيم. وحيث – وهذا مهم – عناصر في الأطراف وبعض البنى العشائرية وجدت في حركة المعلمين المطلبية فرصة للظهور مجدداً في الشارع حراكياً وفي مناطق عدة وبهتافات أو أهازيج متطرفة تخترق الخطوط الحمراء ولا علاقة لها أصلاً بمطالب المعلمين وأزمتهم.
ولا يخلو المشهد بطبيعة الحال من اندفاعات «جهوية» للتضامن مع معتقلين صنفهم المجتمع باعتبارهم موقوفي «رأي» وعمل نقابي شرعي، وتعتبرهم السلطات مهددين للسلم العام وتم تحويلهم للمحكمة، وعلى رأسهم قائد نقابة المعلمين الأبرز ناصر نواصرة.
ظهر ذلك جلياً في مدينتي إربد وجرش شمالي المملكة الأسبوع الأخير، وفي بؤرة حراكية نشطة في حي الطفايلة في العاصمة عمان، وعبر عن نفسه بصدامات كانت الأولى في مدينة الكرك جنوبي البلاد مع قوات الدرك، وانتهت بإصابة سبعة من رجال الأمن بحجارة معتصمين من المعلمين أو مساندين لهم من الذين أصيبوا أيضاً بعد استعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق الناس.
وعلى الجبهة الرسمية، لا مجال إلا لرصد تأثيرات وبصمات لدعاة التأزيم البيروقراطي والرسمي حتى لا تستثمر قوى التأزيم المضاد في مشهد المعلم ويتكرر سيناريو العام الماضي بعدما تعطلت الدراسة في أطول إضراب بتاريخ الأردن الحديث لمدة شهر تعطل فيه الموسم الدراسي.
بسبب فيروس كورونا، تعطلت الدراسة لثلاثة أشهر أصلاً في الأردن، وتضجر الأهالي واضطرت الحكومة للعمل المعقد لإنتاج برنامج التعليم عن بعد، وتقدير الحكومة أن القطاع التأزيمي من نقابة المعلمين لم يترك فرصة ولو صغيرة تساعد في استئناف العام الدراسي بهدوء.
لذلك، تقرر «رسمياً» وبضوء أخضر سياسي هذه المرة، «عدم الخضوع» لمطالب نقابة المعلمين و«إخضاع» الجناح التوتيري فيها مهما كانت الكلفة وفي ضوء مسطرة القانون وبدون تغافل، كما استنتجت «القدس العربي» من نقاش مع وزير الداخلية سلامة حماد.
وهذا الاتجاه في البوصلة الرسمية اقتضى مسارين في الرد على التصعيد بمثله.
المسار الأول تحريك الإطار القانوني والقضائي ضد مخالفات «الجناح الذي يتحكم في مجلس النقابة» والاستعداد مبكراً لسيناريو «تعطيل العام الدراسي» في بداية أيلول/سبتمبر المقبل، حيث برامج متكاملة يمكن القول إنها وضعت في الباب الاحتياطي على أساس تفعيل وتوسيع «التعليم عن بعد».
ولائحة «عقوبات» منسجمة مع قوانين الخدمة المدنية لكل من يمتنع لاحقاً عن «الالتزام بعمله» مع سيناريو طرح العام الماضي على أساس الاستعانة بالقطاع التعليمي في القوات المسلحة إذا لزم الأمر.
تلك معطيات تخلط أوراق أزمة محلية حاولت بعض الأطراف الخارجية «تسييسها» وحذر من ذلك بقوة القطب البرلماني خليل عطية وهو يعيد عبر «القدس العربي» التأكيد على مضمون بيانه السياسي المنطوي على مبادرة خاصة بعنوان «لا هراوات ولا اعتصامات في الشارع» والعودة للحوار و«أردنة» المعالجات والحلول.
والتحذير نفسه ظهر في حراك سياسي مع مبادرة حاول تأسيسها رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، بعد التشاور مع النواصره قبل اعتقاله، ومع رموز في التيار الإسلامي، من بينهم الشيخ حمزة منصور.
وهي مبادرة وضعت «بصيص أمل» في استئناف الحوار ونزع صواعق التفجير على أمل «نزول الجميع عن الشجرة» فالتقديرات تؤشر اليوم على أن نقابة المعلمين أصعدتهم على الشجرة، وجناح التأزيم الرسمي والبيروقراطي في المقابل صعد بحكومة الرزاز على الشجرة نفسها.
هل تنجح مبادرات خاصة بإنزال الجميع عن الشجرة؟ هذا هو السؤال الآن، والجواب بعد عودة محاولات الاستثمار الحراكي في توقيت حساس من المبكر حسم نصوصه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى