اراء و مقالاتمقالات وآراء

تبديد “ملكي” أردني للتكهنات: الوباء يحسم موعد الانتخابات وحكومة الرزاز “باقية قليلا”

 

بدت محاولة ملكية مرجعية لتبديد الانطباعات والتقولات في البورصة السياسية المحلية بخصوص ملفات عدة أهمها موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة ومصير الحكومة الحالية برئاسة الدكتور عمر الرزاز.

عمليا وسياسيا وجه الملك عبد الله الثاني الرسائل المبكرة في الاتجاه المضاد للجدل عندما زار مقر رئاسة الوزراء بعد ظهر الثلاثاء الماضي.

الزيارة في حد ذاتها والتوجيهات التي أعقبتها رسالة لجميع الأطراف بعدم وجود استحقاق سريع تحت عنوان التغيير الوزاري الخاطف.

 بمعنى آخر ثمة شبه قرار بأن حكومة الرئيس الرزاز باقية قليلا على الأقل أو ليست بصدد الرحيل السريع، الأمر الذي يفتح الباب عمليا أمام حسم مسألة التغيير الوزاري المتسارع، وتمكين الطاقم الوزاري من العمل ثم خيارات التعديل.

 لا يريد الملك ضغطا إضافيا على الحكومة، ونبه علنا من أن يعتقد الجميع بأن أزمة كورونا انتهت، بل حرص على التذكير بالدقة والعمل المتناسق جدا والبقاء في دائرة التقصي الوبائي، معتبرا أن السيناريو الأسوأ هو الاضطرار لإغلاق البلاد مجددا في إشارة مباشرة وواضحة هنا إلى الكلفة الاقتصادية.

عندما تعلق الأمر بملف الانتخابات البرلمانية أراد مركز القرار لفت نظر الجميع إلى أن العنصر الأساسي في حسم مسألة توقيت الانتخابات هو “الوضع الوبائي”.

قالها ملك الأردن بوضوح معتبرا بأن الوضع الوبائي هو الاعتبار الذي سيتحكم بتوقيت الانتخابات ضمن المحددات الدستورية.

بين الأسطر رد هنا على بعض وجهات النظر التي تربط أحيانا بين الانتخابات الأمريكية أو الوضع في فلسطين وإسرائيل أو حتى أزمات المنطقة، وبين إجراء الانتخابات في الأردن حيث يشير الملك بوضوح إلى أن الاعتبارات الوطنية فقط هي التي ستحكم توقيت الانتخابات وليس أي اعتبارات أخرى، مشيرا إلى أن البلاد سبق أن اجريت فيها الانتخابات في ظل أزمات متعددة معتادة عليها.

أثناء زيارة ملك الأردن لرئاسة الوزراء ترسمت بعض الملامح ضمنيا للرد على تكهنات المشهد الانتخابي، فبقاء حكومة الرزاز بعيدا عن صعقة التغيير الوزاري المفاجئ يعني بأن مسألة التوقيت لم تحسم وبأن الرزاز قد يكون الرجل الذي سيشرف على الانتخابات. إلى أن يحصل ذلك، الجميع في حالة ترقب والمؤثرات البصرية في المشهد متعددة وكثيرة، فالحديث عن مجلس نيابي بهوية متنوعة ومختلفة متواتر. والحديث بالتوازي عن إجراءات ضد المال السياسي يتزايد، وفكرة المداهمات التي تتخذ شكل التدقيق بالضريبة لمؤسسات وشركات كبرى قد تؤثر على الكثير من مجريات الترشيح بسب ارتباط العديد من المؤسسات التي دوهمت ببرلمانيين سابقين أو حتى حاليين.

مناخ أزمة السيولة النقدية وسلسلة تحديات القطاع الخاص أيضا من العناصر الأساسية التي يمكن أن تؤثر في البعد الاقتصادي للانتخابات البرلمانية والتي يتكلف خلالها أكثر من ألف مترشح ملايين الدنانير.

لم يتضح بعد موقف الحركة الإسلامية باعتبارها الحزب الأكثر تنظيما وترتيبا بالمسار الانتخابي حيث المراوحة ما بين المشاركة والمقاطعة وحيث بوصلة رسمية وأمنية تترسم في المحصلة بناء على تقديرات وتفصيلات حجم ومستوى ومنسوب مشاركة الإخوان المسلمين في الانتخابات المقبلة.

وإلى ان تحسم مثل هذه الاعتبارات يبقى المزاج الانتخابي في الشارع الأردني محكوما من حيث معدلات نسبة المشاركة بالقوى الاجتماعية المؤثرة حيث تجري اليوم مشاورات مكثفة خلف الستارة تحاول الموازنة ما بين هندسة هوية مجلس النواب المقبل بدون مفاجآت وبعيدا عن المال السياسي وقطاع المقاولات وبدون أغلبية تمثل المعارضة الإسلامية أو غيرها بالتوازي مع رغبة الجميع في التجديد ورؤية مؤسسة برلمانية حقيقية ورموز شابة فاعلة تلعب دورا في استعادة المبادرة وملء الفراغات في السنوات الأربع المقبلة.

تلك في كل حال قراءات مبكرة لكنها أساسية حيث رغبة في التخفيف من ثقل المركز العشائري في السلطة التشريعية وسعي لبقاء مقاعد المعارضة قيد الانضباط ومحاولة لعدم المجازفة بعودة أكثر من 40 في المئة في أسوأ الأحوال من رموز البرلمان الحالي، من دون توفير مساحات أوسع للبدلاء أو لتكرار تجاربهم المؤسفة في بعض الأحيان والمكلفة على صعيد تيارات الولاء المرهقة والتي زادت قوتها في البرلمان الماضي بنسب تتساوى مع كلفة مساهمتها في السحب من رصيد الدولة وهيبة التمثيل لدى الشارع.

تلك اعتبارات لا يتحدث عنها الجميع.

لكنها تبقى أساسية عندما يتعلق الأمر بأي مشروع يؤسس للاختراق في المساحة الانتخابية، حيث بات من المرجح الآن أن وجود برلمان وحصول انتخابات متطلب إجباري وقسري لاستقبال تداعيات مرحلة ما بعد فيروس كورونا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى