اراء و مقالات

تقييم أداء وزراء الأردن: هل حقق التعديل الوزاري الأخير أهدافه؟

كشفت الحكومة بحلتها وتركيبتها الجديدة عن برنامج أولوياتها وهي بالضرورة ليست أولويات تنسجم لا مع احتياجات ولا مع أولويات ورغائب الشارع والرأي العام.

عمان-»القدس العربي»: الهدف في العادة من أي تعديل وزاري على الحكومات في الأردن هو تجديد بعض أوصال الوزارة وتقديم وجوه جديدة يمكنها ان تعالج المشكلات القائمة.

السؤال الذي يطرحه جميع المراقبين بهذا الخصوص محليا الآن: هل التعديل الوزاري الأخير حقق هذا الغرض عندما يتعلق الأمر بخريطة تقييم أداء الوزراء في حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة؟
لا يبدو هذا الهدف تحقق مبكرا على الأقل، فمستوى التساؤلات في الشارع ارتفع بشكل ملحوظ خصوصا عبر منصات التواصل في مواجهة الحكومة ومستوى الملاحظات النقدية للوزراء حتى قبل تمكينهم من تلمس مقاعدهم خصوصا الوزراء الجدد وازاه بالارتفاع والصعود وحملة الانتقادات شرسة لكل قرار تتخذه الحكومة أو أفراد طاقمها الوزاري.
في كل حال ما يبدو عليه الأمر بخصوص هيكلة الوزارة الآن ان حكومة الدكتور الخصاونة حظيت بفرصة للبقاء لفترة أطول وبالتالي خيار التعديل سياسيا يعني عدم وجود بديل في ذهن صانع القرار عن مشروع الحكومة الحالية، كما يعني أن فرصة بقاء الحكومة بالتوازي مع إقرار أنظمة وتشريعات وثيقة تحديث المنظومة السياسية هي التي أصبحت المعيار الأساسي للتوازن النخبوي المطلوب في خريطة النخب على الأقل في هذه المرحلة.
السماح أصلا بتعديل وزاري موسع قليلا يتضمن تعيين عدة وجوه جديدة في الحكومة فرصة ينبغي سياسيا على الخصاونة وطاقمه ان يستغلاها جيدا، إلا ان الانطباع الأولي يشير إلى ان حمى التغيير الوزاري قد لا تكون واردة في سياق أجندة زمنية سياسية مرتبطة على الأرجح بانعقاد دورة البرلمان المقبل في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر.
وانعقاد الدورة البرلمانية يعني بالضرورة بأن الحكومة الحالية هي التي ستتقدم لمجلس النواب بمشروع الموازنة المالية للعام 2022 وهي نقطة تؤخذ بالحسابات عندما يتعلق الأمر عمليا بتقييم أداء الحكومات والوزراء، إلا انها ليست كافية لإطالة أمد عمر الحكومة إلى وقت مفتوح، بمعنى ان التفويض ليس مفتوحا زمنيا فعلى المحك اليوم ملفات في غاية الأهمية وأساسية بعد تهدئة جبهة الحكومة الداخلية بتمكين رئيس الوزراء من إجراء المناقلات والتعديلات التي يراها مناسبة لتفعيل وتنشيط فريقه الوزاري.
بكل حال كشفت الحكومة بحلتها وتركيبتها الجديدة عن برنامج أولوياتها وهي بالضرورة ليست أولويات تنسجم لا مع احتياجات ولا مع أولويات ورغائب الشارع والرأي العام.
وليست بالضرورة تتناغم بنفس التوقيت مع أولويات القوى الأساسية في البلاد وعلى رأسها الحزب المعارض الأكبر وهو جبهة العمل الإسلامي، مما يفسر حالة التجاذب التي حصلت بين الحزب والحكومة مباشرة بعد التعديل الوزاري الأخير تحت عنوان الجدل الذي رافق منع السماح بترخيص حفل حاشد بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف وعلى أساس إنطواء طلب الحزب في هذا السياق على دلالات سياسية وخلفية لها علاقة بمناكفات كما قال نص بيان رسمي صادر عن وزارة الداخلية.
لكن الحزب لا يثير زوبعة سياسية حول هذا القرار وما يسعى إليه عمليا هو ما قاله بوضوح الأمين العام له الشيخ مراد العضايلة لـ»القدس العربي» متحدثا عن الحاجة الملحة وطنيا في هذه المرحلة لتلمس الفارق بين خطط حكومية أو اتجاهات مقلقة لها علاقة بأي محاولة أو مشروع بسبب الهوية الدينية والوطنية للشعب الأردني أو بين قرارات إدارية متخبطة وعشوائية تتخذ هنا وهناك.
بمقايسات العضايلة وغيره من أقطاب المعارضة مسألة الهوية أصبحت مهمة.
لكن بعد التعديل الوزاري قفزت أسئلة الهوية الدينية والهوية الوطنية للحالة الأردنية بشكل واضح وملموس خصوصا وان حكومة الخصاونة أصرت على الالتزام بتطبيق أوامر الدفاع لا بل توسعت فيها لأسباب التصدي لما يعتقد على مستوى بعض الخبراء بانه موجة ثالثة من الوباء بالرغم من انتقادات تقارير حقوقية دولية تحاول الضغط على حكومة الأردن حاليا بهدف إلغاء أوامر وتطبيقات قوانين الدفاع.
طبعا الوزراء الجدد ورثوا تركة ثقيلة والجدل الذي رافق أسلافهم من أفراد الطاقم الوزاري سيلاحقهم بالضرورة وهو ما أثبتته عملية الرصد والتعليق السريع والمكثف على أول ظهور إعلامي لوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول. وهو ظهور أعقب ظهور رئيس الوزراء الدكتور الخصاونة شخصيا بمقابلة تلفزيونية موسعة كان يحتفظ بجواب فيها على كل الأسئلة المطروحة سواء في ذهن المواطن الأردني أو في ذهن النخب والصالونات السياسية وهو ما أظهرته تلك المقابلة في رأي نخبة من كبار الإعلاميين مع ان الشارع على مستوى المنصات الاجتماعية انتقد بعض الحيثيات في تلك المقابلة بصيغة توحي بان الرأي العام الأردني يتابع عمليا كل صغيرة وكبيرة وسط أزمة معيشية وصحية واقتصادية وإقليمية في غاية التعقيد.
هل نجح التعديل الوزاري الأخير في إحتواء الاحتقان الشعبي العام؟
ثمة شكوك في ان الجواب بـ»نعم» على مثل هذا السؤال لكن الحكومة تتجه نحو الاستقرار أكثر وخطتها باتت أكثر وضوحا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى