اراء و مقالات

تونس «أنف وثلاثة شعوب»… في لبنان التلفزيوني «العرس عند الجيران»… وفي الأردن «انتبهوا للإدارة السامة»

“أستاذ تتحدث مثل قناة المملكة”. قارئه مزمنة رمتني بهذه العبارة، وكأنها “تهمة”، وهي تعترض على ما أقوله حول دور المؤسسات العسكرية والأمنية الاحترافية الأردنية في تجنب كارثة أكبر في مدينة العقبة.
شخصيا، لا أتفق في الكثير من المناطق مع قناة “المملكة”، وغالبا يعاتبني الزملاء الذين يديرونها، لكن ما هي المشكلة، عندما يكتشف الإنسان مساحة مشتركة في أداء مهني؟
ما هي مشكلتي، إذا تصادف جزء من روايتي للحدث مثله في قناة “المملكة”؟
ما هي مشكلة قناة “المملكة” هنا إذا تقاطعت معي جزئيا؟
“الجمهور عاوز كده” في كل حال مقولة قديمة تتجدد، خصوصا عند مراقبة منابر التواصل الاجتماعي الأردني، لأن الكاتب أو المراقب عليه أن يردد فقط ما يريده الجمهور.
دعوني أقول التالي: عندما يتعلق الأمر بكارثة العقبة تحديدا، وهي كارثة مهما حاول التلفزيون الرسمي الحكومي تزويقها أو تجميلها، كانت “المملكة”، على الأقل هي الوحيدة، التي استضافت مديرا سابقا ومختصا وخبيرا في المناولة في الموانئ، وشرح لنا جميعا ما الذي لم يحصل وكان ينبغي أن يحصل في قصة الحاوية السامة.

الإدارة عندما «تسمم»

واضح تماما أن “ما الذي ينبغي عليه ألا يحصل” حتى نتجنب تلك الكارثة، التي سقطت بسببها دماء غزيرة وعزيزة علينا.
وهنا رسالتي للقارئ الكريم: سواء اتهمني أم اكتفى بالقراءة الموضوعية المحايدة لما ركزت عليه محطة تلفزيون “رؤيا” بالمقابل، حيث برزت مشكلتان أساسيتان لا يحتاج الإنسان للكثير من الخبرة حتى يفهمهما.
أولا، الرصيف الذي استخدم لرفع ونقل حاوية الغاز المسال السامة لم يكن الرصيف المعني بتحميل هذا الصنف من المواد.
ثانيا، الحبل الذي استخدم في رفع الحاوية لم يكن ينبغي أن يستخدم.
بصراحة، لولا أن المحاورين الأنشط في قناتي “المملكة” و”رؤيا” لما علمنا بهذه الوقائع، لكنها اليوم على لسان خبراء وليس على لساني. الافتاء الشعبوي تقابله دوما “الإدارة السامة”. نعم الإدارة في بلادنا اليوم هي التي “تسمم” الدولة وحياة الناس، ومجددا لولا تدخل الجيش حقا وأجهزة الأمن والدفاع المدني وبسرعة، وبمعدل استجابة لافت لكانت الكارثة أكبر، لا سمح الله. حقوقي كمواطن أردني اليوم تتضمن وقف الترهل الإداري وتعلم الدروس الاحترافية المهنية من كيفية اشتباك الأجهزة العسكرية والأمنية مع التفاصيل، وبوضوح، نحن لا نؤيد التدخل الأمني في الحياة السياسية، لكن ينبغي للإدارة البيروقراطية أن تقوم بواجبها حتى لا يملأ الأمني الفراغ. وحتى نغادر أجواء العقبة والتسمم، يمكن الوقوف عند محطة انفجار مرفأ بيروت، حيث ظهرت صورة كبيرة لمخلفات انفجار بيروت، على قناة “الجزيرة” وهي تتلو علينا آخر مستجدات ما حصل في مدينة العقبة.
لا سمح الله، تلك كانت مقاربة مهنية، ونحمد الله في الأردن أننا أحرص في موضوع “الأمونيا”.
لكن ما دمنا في سيره بيروت وأهلها، لا بد من الوقوف عند إصرار شاشات التلفزيون اللبنانية، وتحديدا “المنار” و”الميادين”، وحتى بقايا “المستقبل”، مع تطورات الأحداث، وكأنها عرس عند الجيران من فرط “الأدلجة المونتاجية الحزبية”. الشعب اللبناني يستحق الأفضل، ومن المرجح أن محطات التلفزيون اللبنانية الخاصة والعامة منشغلة بالأجندات المرتبطة بالقوة السياسية والتيارات وجنرالات الحرب فقط!
على شاشة “المناور”، وفي التواصل المباشر في الشارع مع الجمهور، يتبين وكأن الشعب اللبناني برمته فقط في الضاحية الجنوبية وعلى الشاشات المنافسة نفس المطب، فالمذيعة تسأل مواطنين في ساحة “رفيق الحريري” فقط، عن رأيهم في حكومة تصريف الأعمال، التي لا تتصرف في النهاية، بدليل دخول البنك المركزي في غياهب الجب، ودون أن يحفل بضمانات المودعين.

تونس: أين الخضار؟

من بيروت إلى تونس، وما تبقى من خضار فيها.
مجددا، “أنف مستبد وثلاثة شعوب” على طريقة الروايات العربية الكلاسيكية القديمة. تونس تلك التي تغطي أحداثها قنوات عربية كادت أن تتحول إلى حرب أهليه، أما تونس التي تستضيف محلليها ومعلقيها قناة “فرانس 24” فتبدو متطلعة بثقة نحو المستقبل ومشكلتها “شوية اقتصاد وسياح فقط.
على فضائية “تونس”، ومع صوت جهوري يذكرنا بالتلفزيون السوري “أيام اللولو”، صاح المذيع بوقار: والآن نستمع لكلمة السيد الرئيس الدكتور.. إلخ.
مباشرة بعد الوصلة الرئاسية تسمع في المايكروفون ومواطنين يمتدحون السيد الرئيس ويطالبه أحدهم بحماس “إيقاف العبث وفورا”.
على شاشة “الجزيرة” فان “الشعب يضج ويشتكي” وعلى “سي أن أن” الشعب محايد والمعركة بين النخب. وعلى فضائية “تونس” فان “الشعب ضد الخونة”!
ثلاثة شعوب في تونس الصغيرة المدللة دفعة واحدة، لكن “السلطة بأنف واحد فقط”.
أنف السلطة المستبد يتوسع ويتضخم، وثمة أستاذ جامعي يتحول الى ديكتاتور بصورة بطيئة وزاحفة، بدعم قوة خفية، ولا يوجد ما يمكن توقعه من الأمريكيين، خلافا للناطق باسم الخارجية الأمريكية يظهر فقط ليعيد رمي المعلبات إياها على وجوهنا، حيث الحرص على الاستقرار وعملية سياسية ديمقراطية. ونقطه أول السطر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى