اراء و مقالاتمقالات وآراء

مصطلح «هندسة الانتخابات» يثير الجدل في الأردن: الاقتراع «لا ريب» في موعده والمناخ سلبي وشكاوى من تدخلات

 

يفهم الجميع بعد لقاء الملك الأردني عبد الله الثاني بالحكام الإداريين، ظهر الإثنين، بأن الانتخابات البرلمانية حاصلة في موعدها المقرر ولا ريب فيها.
المناخ المتعلق سياسياً واجتماعياً لملف الانتخابات كان يتطلب مثل هذا التأكيد بعدما ألمح وزيران في الحكومة إلى أن الوضع الفايروسي المقلق قد يؤثر على توقيت الانتخابات المقررة أصلاً في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. يبدو تماماً هنا بأن الخبراء المعنيين بالوضع الفايروسي يفضلون بطبيعة الحال تأجيل الانتخابات، لكن التأجيل قد يدفع الجدل مجدداً بعيداً عن أجندة مركز القرار والدولة في اتجاه الحاجة إلى قانون انتخاب جديد، وهو أمر غير مطروح مرحلياً، لا لأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية لا تسمح بذلك فحسب، ولكن لأن الأوضاع الإقليمية أيضاً صعبة ومعقدة وبانتظار نتائج وتداعيات المواجهة الفاصلة في الولايات المتحدة الأمريكية بين دونالد ترامب وجو بايدن.

في انتظار الحسم بين ترامب وبايدن… العرموطي: ليس كل ما يُعلم يُقال

فالحديث متواتر في مختلف دول الإقليم عن اتجاهات وملفات وتوقيتات وسيناريوهات ستحسمها نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي يعبر سياسي من وزن ثقيل مثل طاهر المصري، أمام «القدس العربي» عن قلقه الشديد على المنطقة، وعلى الأردن وفلسطين جراء نتائج تلك الانتخابات. وفي كل حال، يضم المصري صوته إلى دعاة التوحد وتحصين الذات والانتباه الحذر لكل التفاصيل، ويدعو مجدداً إلى قراءة معمقة للتمكين وتصليب الجبهات الداخلية في مواجهة ما ستنتهي إليه من نتائج وتداعيات انتخابات الرئاسة الأمريكية تلك.
أردنياً، وفي لقاء الملك مع الحكام الإداريين، صدر التوجيه الحاسم بالاستعداد للانتخابات ووضع كل الترتيبات اللازمة لضمان الاستحقاق الدستوري دون المساس بالوضع الصحي وفي سياق تكريس أنماط الاقتراع يوم الانتخابات وفقاً للمقتضيات الصحية، وهي سلسلة ترتيبات يعرف الجميع أن الحكام الإداريين في المحافظات مسؤولون عنها، وأن الهيئة المستقلة للانتخابات وضعت بروتوكولاً كاملاً لها. والأهم في الخطاب المرجعي هو التأكيد على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر ضمنياً، مما يدل على أجندة سياسية تتطلب ذلك وبصور أكثر حسماً، ويتطلب لاحقاً إجراءات في إدارة العملية الانتخابية على مستوى بروتوكولات الوضع الوبائي الذي يزداد تعقيداً.
أطراف عدة في النخبة والمجتمع كانت معنية فعلاً بتأجيل الانتخابات، لكن القرار واضح هنا، ما يعني أن الانتخابات ستعقد حتماً بمن حضر وبصرف النظر عن بقية الاعتبارات وعن الضجيج الذي تثيره أصوات مستقلة ونقابية وسياسية بدأت تحذر مبكراً من تدخلات تسبق الاقتراع وتستهدف بعض المعارضين وقوائمهم الانتخابية. ومجدداً، صدرت بيانات عدة عن جبهة العمل الإسلامي، وهي أكثر الأحزاب السياسية حضوراً وتنظيماً، تتهم بعض الدوائر في السلطة بالتدخل ضد قوائم الإصلاح المحسوبة على الحركة الإسلامية. ومبكراً، قال الأمين العام للحزب الشيخ مراد العضايلة لـ «القدس العربي» بأن كلفة التدخل غير المبرر في عملية ديمقراطية انتخابية انتهت في الماضي ببرلمانات تم حلها مبكراً، ومشكوك في شرعيتها، متمنياً أن تستدرك قوى القرار وتوفر مظلة منصفة لجميع المرشحين.
الحديث همزاً ولمزاً تزايد في الحالة السياسية الأردنية عن تلك التدخلات التي تسبق الاقتراع، ومرة أخرى تحدث النقابي والناشط السياسي البارز أحمد أبو غنيمة، في تغريده له، عن مفهوم «هندسة الانتخابات» الذي أشارت إليه «القدس العربي» في تقارير سابقة لها، فهو مصطلح -وفقاً لأبو غنيمة- يتردد بقوة وزخم على وسائل التواصل، ويؤكد استمرار التدخلات من أجهزة الدولة. يحذر أبو غنيمة علناً من أن العقلية التي تدير المشهد الداخلي لا ترقى إلى مستوى مواجهة التحديات داخلياً وخارجياً عندما يتعلق الأمر بمصالح الوطن، داعياً إلى وقف التأزيم وإنتاج المناخات السلبية والتدخلات في الانتخابات والتركيز على خلق أجواء إيجابية.
يساند هذا التحذير قطب برلماني وقانوني مهم في تعليق مصور له، وهو المحامي والنائب الأسبق صالح العرموطي، الذي استعان بإرادة الأردنيين علناً وهو يتحدث عن مضايقات وتدخلات في حملته الانتخابية، مؤكداً أنه «ليس كل ما يعلم يقال». ويبدو أن القطب العرموطي يشير إلى ضغوطات أدت إلى انسحاب شريكين في قائمة الانتخابات عن الدائرة الثالثة في العاصمة عمان والمسماة في العادة بدائرة الحيتان، حيث انسحب فجأة ممثلان لمقعدي الشركس والمسيحيين شاركا العرموطي في قائمته.
ثمة قوائم انتخابية بنجاح فرص شبه مفهومة لم تكتمل، من بينها قائمة النائب السابق محمد هديب في قائمة جرش، وبينها أيضاً قائمة النائب السابق التي منعت بقرار قضائي من الترشح طارق خوري، فيما حالت مبررات قانونية دون تسجيل النائب السابق غازي الهواملة في الانتخابات.
الإسلاميون، وضمن سياق الهندسة المشار إليه، تحدثوا عدة مرات عن ضغوطات على شركائهم في قوائم الإصلاح، وانسحب مرشحون بالجملة في عمان والزرقاء وحتى في محافظة البلقاء. لكنها تبقى، إعلامياً على الأقل، اتهامات بلا أدلة.
وظهرت في الأثناء تلك الموجات والاعتراضات التي تربك بين مرشحين وظاهرة البلطجة، خصوصاً في بعض دوائر العاصمة عمان، في الوقت الذي يصر فيه الخبراء على أن نسبة الاقتراع والمشاركة في الانتخابات قد تكون الأدنى، دون أن يعلم هؤلاء بأن الحاجة اليوم إلى وجود مجلس نيابي منضبط ومضمون الولاء للحكومة قد تكون أكثر أهمية من نسبة الاقتراع، أو حتى في بعض الأحيان من منظومة النزاهة نفسها.a

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى