اراء و مقالات

هل عاش بيكاسو في السعودية حقا؟ شاشات الأردن بين «بعبع سيادي» و«رقيب لا ينام»

السعودية لا تحتاج لأعداء وخصوم مع «إعلام صديق» من هذا النوع!

أقسم بالله. قالها برنامج «العربية الليلة» مباشرة وفي كل «بجاحة فنية ومهنية» وبدون أن يرف جفن المذيع: «ماذا لو عاش بيكاسو في السعودية؟».
عبارة وضعت بالبنط العريض على شاشة «العربية» وفي التفاصيل معرض للفن التجريدي السعودي يربط الأصالة بالمعاصرة، وله علاقة بإقتصاديات المعرفة وبقمة الذكاء الإقتصادي.
لا نعرف شيئا عن الفن والرسم إلا أن بيكاسو فنان عالمي عظيم.
لم أسمع يوما بفنان تشكيلي سعودي واحد ينتمي لمدرسة بيكاسو. ذلك ليس انتقاصا طبعا من المواهب في المملكة الشقيقة، لكن العبارة كانت صادمة، ويمكن أن تكون «حية أكثر» ومنطقية جدا وتستلهم رؤيا 2030 إياها، لو كانت في العنوان التالي «كيف يتعلم الفنان السعودي من بيكاسو» بدلا من السؤال الإفتراضي الغريب.

كمائن «سعودية»

مجددا، يعجبنا فعلا وحقا الانفتاح الفني والثقافي السعودي ونفترض أن ما ينقصه فقط هو تحقيق شرطين، الأول أن يترافق مع انفتاح إعلامي وحرياتي وسياسي، بعيدا عن «حوار المنشار».
والثاني أن يظهر الإعلام السعودي الممول، قدرا من «التواضع» فقد شاهدنا ملصقا للترويج السياحي يتحدث عن «البتراء السعودية» وآخر عن «أهرامات المملكة».
ذلك «كمين» للأشقاء نصبه المنافقون، ويثير السخرية أحيانا، ولا يمكن بناء مستقبل ثقافي بهذه الطريقة البائسة.
السعودية ثرية وفيها صروح ثقافية وفنية وتراثية، ولا تحتاج لاستعارة بيكاسو أو انتحال صفة البتراء.
وما شعرنا به في اختصار مع «ليلة العربية» هو استذكار المقولة، التي تشير إلى أن السعودية لا تحتاج لأعداء وخصوم مع «إعلام صديق» من هذا النوع!
في الوقت نفسه – واعذروني على جهلي – لا أعلم ما هي العلاقة بين الذكاء الصناعي وبيكاسو؟
أما عندما يتعلق الأمر بدعوة «الحالمين» في العالم للرياض، فقد شاهدنا للتو على شاشة «الجزيرة» ذلك العناق بين الأسرى اليمنيين.
وشاهدنا على شاشة «التقوى» طفلا يمنيا قصفت طائرات «عاصفة الحزم» مدرسته ومنزله معا «يحلم» بأوقية أرز وعلاجا من الأنيميا والكوليرا أو حبة شوكولاته تعطف على طفولته.

إلى الأردنيين: إنتفوا وردة

الممر الذي يؤدي إلى بلدية العاصمة عمان مليء بالورود والأزهار.
يمكن للزملاء في محطة «رؤيا» الفضائية المحلية أن يقطعوا وردة ثم ينتفوها ورقة ورقة، مع سؤال شبيه بـ»بيحبني… ما بيحبني» وهو: «حظر ولا مو حظر» أو «جمعة ولا سبت»؟!
كورونا والحظر في الحالة المحلية ثنائية أصبحت أقرب لـ»حزورة رمضان». تعلن لجنة الوباء فتنفي وزارة الإعلام. تعلن وزارة الصحة فينفي وزير الأوقاف. تعلن هيئة الانتخابات فتنفي لجنة اللوجستيات. وهكذا دواليك!
شاهدنا على شاشة «رؤيا» الطبيب البارع وائل هياجنة، وهو يتحدث بصفته مسؤولا عن ملف الفيروس.
يسأل المذيع مجددا طبيبا عن «قرارات سياسية» فلا يجد الضيف إلا عبارة مخيفة. «هذه مسألة سيادية».
كل ما لا يريد أي مسؤول قوله أو يخفق في شرحه يعيده لذلك «البعبع السيادي» مع أن «السيادي» بريء على الأغلب من كل ما يزعمون.
حتى الآن، وبصراحة، ورغم تشكيل عدة لجان وبائية في خطوة نباركها، بطبيعة الحال، نشعر أن القوم مرتبكون و»مش راسيين على بر» في القطاع الصحي.
عموما، أمام المواطن المسكين حل يتيم «التقط وردة ثم انتفها ورقة ورقة وتكهن، ثم استحم ونام».

«ميلودي» وأحلام التميمي

ما حصل مع محطة «ميلودي» الإذاعية الأردنية بخصوص قطع الاتصال عن الأسيرة المحررة أحلام التميمي، سبق أن حصل مع غيرها ولا يحتاج الأمر للمزيد من الإثارة والضجيج.
سبق للمستثمر، الذي أدار محطة وشاشة «الأردن اليوم» قبل الاختفاء عن «رادار المراقبين» أن اشتكى – ليس من «الرقيب والعسس» فقط – لكن من إصرار الرقيب إياه، وهو في المناسبة «حالة مهنية – بوليسية» وليس شخصا محددا – على الجلوس مع إتصالاته الهاتفية في غرفة الكونترول.
يعني من مميزات «الرقيب الأردني» أنه يتحول مثل «البوكيمون» فهو لا يقف أحيانا عند حدود إصدار التعليمات ووضع قوائم ولوائح سوداء بأسماء الضيوف على الحواريات، بل يريد لكلماته وتقديراته أن تتواجد على الهواء مباشرة، وفي أذن الكاميرا ومهندس الصوت والمعد والمنتج. إنه الرقيب الوحيد في عالم اليوم، الذي يتحول فجأة إلى «مخرج ومعد ومونتير ومستثمر أيضا»!
فقط يحجم رقيبنا العتيد عن التدخل في غرف المكياج في الفضائيات المحلية.
هل تريدون المزيد من الإثارة؟ حسنا إليكم التالي: الرقيب المحلي طماع ولماح ويجتهد وأكاد أقسم أن تدخلاته ليست «مؤسسية» في الكثير من الأحيان ويفرض بصماته الشخصية ويعتقد أنه «أبو الإعلام وأبو التلفزيون» وأن الإعلام الحر وصفة للحرب الأهلية، وهي خواطر لا علاقة لها في الدولة العميقة أو المؤسسة أو في الوطن، بقدر ما هي «اجتهاد مسموح به ولا يناقشه أحد» والسبب بسيط في المقابل، وهو أن «الرقيب الذاتي» أصلا عند شباب التلفزيونات «شغال 100 في المئة» ويتبرع أحيانا.
لكن رقيبنا «لا ينام» ومن جماعة «سبع صنايع لكن البخت ضايع»!
ورغم ذلك وفي الختام سألني زميل مصري: هل صحيح أن محطة «الجزيرة» خففت التحرش بالسعودية؟ قلت: لا أعلم، لكن «الصلح دوما خير».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى