خاص

أخبث أسئلة السلام: المناصب للمفاوضين دوما..لماذا؟

هل بقي عضو في الوفد المفاوض على ضفتي نهر الاردن ولم يحصل في الضفة الغربية وفي الاردن على وظيفة عليا

كنا خمسة اشخاص في حديث سياسي موجوع على مائدة أحدهم .

برلماني مخضرم ..رئيس وزراء سابق .. مستشار في موقع متقدم وسابق ايضا  ووزير شاب طاح حظه فجأة ومحدثكم .

طرح احد الخبراء في الخماسي المشار اليه سؤالا غريبا بالنسبة  لي : هل بقي عضو في الوفد المفاوض على ضفتي نهر الاردن ولم يحصل في الضفة الغربية وفي الاردن على وظيفة عليا ؟.

الجواب كان صادما او ينطوي على مفارقة تثير الفضول فبعد اوسلو ووادي عربة تبين للحضور بان من فاتهم من المفاوضين في الطرفين قطار المناصب العليا هم الموتى فقط وان من زهد في تلك المناصب  عدد قليل جدا وعلى جانبي النهر العظيم .

طبعا تحتاج ملاحظة خبيثة من هذا  النوع الى تدقيق مفصلي وقد يقول قائل ان من شاركوا في تأسيس تحول استثنائي في اوسلو او وادي عربة من الاردنيين او الفلسطينيين من الطبيعي جدا ان يستعان بهم لأغراض تثبيت التحول في الصراع العربي الاسرائيلي.

 لكن على الطرف الاخر وعند دولة الاحتلال او كيانها بقيت المناصب العليا في حضن اليمين المتطرف والمفاوضون المعتدلون من الجانب الاسرائيلي مات بعضهم او قتل او عزل تماما عن الحياة والاشتباك وعدد من نفذ من دهاقنة المفاوضات الاسرائيلية وبقي في مواقع عليا عند الاحتلال قليل جدا لا بل نادر حسب الخبراء .

 تلك مفارقة تستحق التعمق والتأمل ايضا  فقد قفزت مفاوضات الصراع بشريحة محددة في الاردن وفلسطين ولعقود الى الامام ونادرا ما انحرفت المناصب الاساسية والوزارية عن  المفاوضين الافذاذ دوما الا في نطاق من رحم ربي وغادر الحياة او رفض الانضمام للحفلة  .

اما من لم يفاوض من الاسرائيليين فخرج من المعادلة على الاغلب ومالت اسرائيل طول الوقت في المجتمع والهيكل القيادي الى اقصاء وتنحية من نعتبرهم نحن العرب معتدلون ويريدون السلام فيما جلس الاسرائيليون قادة وشعبا ودولة عميقة في حضن اليمين المتطرف بعد اوسلوا ووادي عربة وهم ينقلبون بالقطعة والتقسيط  على كل ما التزم به كيانهم  مع معسكر الاعتدال العربي .

 لا احد يريد تفكيك مسالة من هذا النوع في الاشتباك .

ولا احد في معسكر الاعتدال والسلام الذي اصبح عربيا بامتياز وتخلى عنه الاسرائيلي يريد ملاحظة الفارق بين ديمقراطية الاحتلال المزعومة التي سمحت لأعداء السلام الليكوديين بالتسلل والسيطرة حتى على مؤسسات العمق الاسرائيلي العلمانية مثل الجيش والامن  فيما لا يوجد في معسكر الاعتدال والتطبيع العربي اصلا ديمقراطية من اي نوع باستثناء الجزء الديمقراطي الشكلي في الاردن  تسمح لأي معترض على السلام  او غير مؤمن به او يتحفظ عليه بالتسرب الى المناصب ومواقع القرار .

يعني ذلك الكثير إذا أطلقنا المخيلة للسؤال بدون تشكيك.

 لكن  الاهم هنا ان الرؤية تضيق ايضا اذا ما قرر اي راي فقط الاعتماد على التشكيك والاتهام ونحن لا نقول بذلك لا سمح الله فالمفاوضون في الجانب العربي لديهم وجهة نظر وتوجيهات وتعليمات .

والمفاوضون العرب بصرف النظر عن هويتهم الشخصية مواطنون صالحون على الارجح بعضهم ركب موجة المفاوضات بحماس مفرط وبعضهم الاخر مؤمن بما قام به .

وبعضهم الثالث تصور فعلا بان الصراع سيقفل ملفه وبان الوطنية هي التي قادتهم ليس فقط الى التفاوض فتلك مرحلة بتعليمات واوامر لكن للحفاظ على دولهم ومجتمعاتهم بعدما اوصلتهم سلحفاة المفاوضات الى مناصب اساسية وعليا في بلادهم .

اي تحليل في هذا السياق لا علاقة له بتلك الدول العربية التي تحاول ان تفتدي مصالحها بالتبرع بفلسطين او تعتمد على الهرولة نحو العدو والتطبيع الحماسي معه بدون تخطيط  ووعي  فتلك خصوصا عندما يتعلق الامر ببعض الاشقاء في دول الخليج  اقرب الى “سهرة وناسة” منها الى اداء سياسي عميق وحقيقي .

 ويعلم الجميع بان سهرة وناسة ليست اكثر من تسلية يغني فيها المشارك ويرقص ويعزف لا على التعيين .

 تلك الوناسة نستثنيها من التساؤلات والتركيز ينبغي ان يتموقع  في فهم ما جرى مع المفاوضين العرب في مصر والاردن والسلطة الفلسطينية خصوصا بعدما انكشف الغبار اليوم وثبت لرموز وانصار السلام انفسهم  بان العدو بقي عدوا وانقلب على شركاء العرب .

 وبعدما ثبت بان اسرائيل اليوم هي ليست اسرائيل تلك التي حاول التفاوض معها المرحوم حيدر عبد الشافي او الفاضل اطال الله في عمره الدكتور عبد السلام المجالي مثلا .

شخصيا اصفق للدكتور ممدوح العبادي وهو يرفض اي مزاودة اردنية على المفاوض الفلسطيني .

 واصفق للدكتور مروان المعشر وهو شاهد مفاوض في تلك المرحلة وهو يعلنها بكل وضوح ..”  اسرائيل انقلبت علينا وعلى السلام ”  هل نصفق ايضا لمفاوضين اردنيين اليوم يعتقدون بان الخطر زال وبان مملكتنا ليست مستهدفة وان الازمة على قدر شعبنا الفلسطيني فقط ؟.

 ثمة من يفتي بان نفعل ذلك لكن انا شخصيا امتنع عن التصفيق .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى