خاص

رواية تنظيم «الدولة» بالمنظور «الأردني»

إقفال فصل الخليفة البغدادي في مسرحية «داعش» الطويلة قد يكون الهدف منه لاحقا تقديم إما «وجه جديد» يواصل وظيفة المجموعات الإرهابية أو تمهيد الساحة لولادة نسخة جديدة

 

لا يمكن تركيب العبارة بدون «تنسيق مسبق»… مقرر لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني نضال الطعاني الذي لم يسبق له أن صرح بأي مسألة سياسية يعلن أو يمنح الضوء الأخضر للإعلان التالي: الأردن لن يرسل أي قوات إلى داخل الأراضي السورية لمحاربة تنظيم «الدولة»(داعش).
مثل هذا التعليق المنقول عن وكالة أنباء روسية عمليا وبصيغة استبعاد الفكرة لا يمكنه أن يصدر بدون ضوء أخضر مسبق في الحالة الأردنية مما يثبت مجددا بأن المملكة تقرر الحفاظ على سياستها القديمة عندما يتعلق الأمر بشقلبات وبهلوانيات بناء التحالفات حيث لا قوات أردنية بأي وقت داخل العمق السوري ولأي سبب بما في ذلك محاربة «داعش».
سبق للأردن أن رفض إرسال قوات عسكرية باسم التحالف السعودي إلى اليمن ودفع ثمنا غاليا لذلك عبر سلسلة من الثأريات والتجاهل وأحيانا ما هو أبعد من التجاهل من جهة العهد السعودي الجديد الذي يطبق معايير جورج بوش الشهيرة نفسها.. «من ليس معنا… ضدنا».
المؤسسة الأردنية قد تكون «الأكثر خبرة» فعلا بتنظيم «داعش» وشقيقاته وعندما يتعلق الأمر بالتصدي للإرهاب ومواجهته لا مكان لأي مزاودة على الدولة الأردنية من حيث الاشتباك والتضحيات والمعلومات الأكيدة التي طالما تجاهلتها غرف العمليات.
ليس سرا أن الأردن يعرف قبل وأكثر من غيره بأن تنظيمات الإرهاب ومجموعاته المسلحة والعنيفة «تجارة وبزنس» وبأنها تحولت إلى شركات عابرة للقارات يستثمر ويساهم فيها الجميع بدون استثناء.
استمعت شخصيا لمرجع أمني خبير جدا ينقل لي الرواية الأصلية في ذهن صناع القرار الأمني الأردني حول ظروف وملابسات «ولادة داعش» حصريا… كيف نشأت وأين ولماذا؟ ولاحقا كيف تحول إلى تنظيم لم يعد هرميا بل يوجد منه نسخ عدة في الأسواق وبلا رأس أو عنوان.
من ضمن المعلومات التي تحدث عنها الخبير أمرين:
الأول أن «داعش» برأي المرجع الأردني الخبير من حيث النشأة والولادة هي امتداد لتنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين التي كان يتزعمها أبو مصعب الزرقاوي في العراق وأن الهندسة والتوظيف والفكرة أصلا في النسخة الأولى والأساسية هي «إيرانية» بامتياز.
يمكن طبعا توقع سلسلة الوظائف إذا كانت المعلومة تلك دقيقة.

أما الأمر الثاني فذلك المتعلق باستنساخ مجموعات وتشكيلات عدة لاحقا من قبل أجهزة استخبارات انتحلت صفة «داعش» وشقيقاتها بحيث ازدحمت النسخ في السوق تماما كما تزدحم اليوم أسواق المنطقة بالطائرات المقاتلة بدون طيار والتي حولت الحرب إلى لعبة «أتاري».
نجح النظام السوري بـ «دعشنة» بعض المشاهد في العمق السوري.
كذلك فعلت اجهزة أمريكية وإسرائيلية وسعودية وبالتالي الأردن الذي يعرف الكثير عن عمليات التشكيل والتكوين والتوجيه بقي مهتما قبل أي شيء آخر بأن لا تصنع «نسخة أردنية» حتى وإنْ كان أردنيون ضمن الممثلين المنتحلين وهي مهمة يبدو أن المستوى الأمني الأردني نجح فيها بامتياز حتى الآن.
يفسر ذلك أن المحاولات «الإرهابية» في الأردن بقيت على شكل «ذئاب منفردة» أو محاولات تصدير «أفكار» لعمليات إرهابية أو «تقليد وتقمص».
ذلك وسط حاضنة اجتماعية متماسكة وأجهزة أمنية خبيرة تعرف ما الذي يجري في السياق وتقدم للعالم معلومات بقيت دوما هي الأكثر مصداقية لكل دول العالم عن الإرهاب حسب الصديق ووزير الاتصال الأسبق الدكتور محمد مومني.
بكل حال نأمل دوما أن يبقى الأردن آمنا مطمئنا عصيا على هذا النمط الخبيث من الاستثمار في العنف والتشدد الذي يشوه صورة الإسلام والمسلمين والذي انتهى بتقديم خدمات «مجانية» تماما لكل من يعادي أو يخاصم هذه الأمة.
وتلك مهمة الأردنيين وهم كفيلون بها ما داموا يحسنون الثقة بمؤسساتهم ويلتفون حولها ويؤجلون خلافاتهم وتجاذباتهم إلى مرحلة أوضح تستقر فيها أحوال المنطقة الملتهبة ويصبح الاسترسال في «بزنس الإرهاب» مهمة غير منتجة وبلا عوائد خلافا لأنها منكشفة وتحرج أصحابها.
وبهذا المعنى ليس مهما ما إذا كان الأمريكيون قد وصلوا لزعيم تنظيم «داعش» عبر «مخبر كردي صادق» أم عبر تتبع ملابسه الداخلية فالوظيفة انتهت والشاهد الرئيسي كغيره تمت تصفيته في لعبة سمجة قوامها دم الأبرياء والشعوب فقط.
الأهم اليوم أن يحتاط الإنسان العربي والمسلم للخبث والدهاء الذي يحيك المؤامرات ضده في الغرف المظلمة.
وعلى أساس أن إقفال فصل الخليفة البغدادي في مسرحية «داعش» الطويلة قد يكون الهدف منه لاحقا تقديم إما «وجه جديد» يواصل وظيفة المجموعات الإرهابية أو تمهيد الساحة لولادة نسخة جديدة مطورة أكثر من «داعش» وإن كانت باسم مختلف.
تلك أصلا مجموعات نشأت وترعرعت في ظروف لا يمكنها أن تنعزل عن تمويل وتسليح دول وأجهزة وليس أفرادا أو مجموعات بدلالة أن كل الإذاعات الرسمية الكاذبة من الولايات المتحدة لإسرائيل وحتى دمشق تحدثت مرارا وتكرارا عن مقتل مئات الإرهابيين بدون صور أو جثث أو حتى الحد الأدنى من التوثيق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى