مقالات وآراء

الأردن… شعب «محلل» ومواطن» مراسل»

شغف الأردني- أي أردني- للتصوير واستعمال تقنيات الهاتف الخلوي في توثيق كل ما يحصل حوله ومعه بالشارع أصبح «مرضيا» إلى حد ملموس وبطريقه لـ «أزمة قومية وأمنية».

 

 

شغف الأردني- أي أردني- للتصوير واستعمال تقنيات الهاتف الخلوي في توثيق كل ما يحصل حوله ومعه بالشارع أصبح «مرضيا» إلى حد ملموس وبطريقه لـ «أزمة قومية وأمنية».
لاينافس هذا الشغف المختل إلا رغبة بعض الموظفين الذين تتيح لهم وظائفهم بالإصرار على تحدي الدولة والقانون و»تسريب « الوثائق والمحاضر وبطريقة ينتج عنها التشكيك بكل إتجاه خصوصا مع ظهور «شعب محلل» يفتي بكل صغيرة وكبيرة يخصص ساعات طويلة لمغامرات التواصل الاجتماعي.
مؤسسة أمنية واحدة فقط لم يثبت تسرب اي ورقة من ملفاتها وشغلها اليومي للخارج.
لا توجد جلسة ولا إجتماع ولا مسؤول او سياسي في الأردن اليوم إلا ويشتكي من ظاهرة «الشعب المراسل» التي إخترعها علماء وخبراء الاتصال لتعزيز مهارات تلقي المعلومات ولخدمة الشفافية ولم يكن القصد يوما تعزيز النعرات واقلاق المجتمع والتنابز وإثارة القلق العام.
لا توجد إطلاقا صورة أو معلومة محايدة عبر منصات التواصل..المجالس والشلل والمجموعات على واتس اب او غيره تضيف البهارات وتخصم وتزيد وتعمل على تكييف النص والخبر والمعلومة والصورة ضمن سياقات مهووسة لمخيلة إجتماعية تصدق كل ما تراه او تقرأه.
يستطيع اي عالم إتصال اليوم ضرب رأسه بحذاء لو شاهد كيف نجح مجتمع النميمة الإلكتروني في الأردن بإقلاق الراحة العامة وبإساءة إستعمال سلطة التواصل دون أدنى احترام لفكرة انتاجية التواصل في نقل المفيد والمجمع بدلا من المفرق وبعد التوثق.
بالمقابل يحدث مرارا وتكرارا أن تتحول لقطة أو صورة نقلت عبر التواصل إلى قضية رأي عام وطني رغم أنها مسجلة في دول أخرى مثل سوريا او العراق او حتى بلاد الواق الواق.
ومن الواضح أن «الخلايا الأمنية الالكترونية» في عدة مؤسسات رسمية تصطدم ايضا في الميدان ولا تخضع للسيطرة ويستغلها الأفراد تماما كما يحصل في غرفة العمليات في الانتخابات أو عند بروز تجاذبات بين علية القوم على مقعد أو إمتياز أو وظيفة.
ما تقوله أحداث تواصلية بعضها حصل الأسبوع الماضي عند الكشف الحسي عن «عالم الليل» في عمان لجميع الأردنيين: إنتبهوا…لا أحد معصوما وفي أي مكان عام أو خاص عن «كاميرا الخلوي» وسط شعب إكتشفنا فجأة أنه»مهووس» بتصوير كل ما يحصل وحتى ما لا يحصل.
إذا كنت أردنيا ورقصت مع زوجتك او غيرها في لحظة أنس على شواطئ اسبانيا مثلا فثق تماما أن نمطية التواصل ستدفع الشعب الأردني برمته.

إذا فرحت إبنتك مرة مع صديقتها ..إذا قلت كلاما في جلسة خاصة..إذا تحدثت عبر واتس اب بصراحة ولو مرة..إذا دخلت مستشفى او حزنت أو ارتديت سروالا قصيرا .. أو إذا قررت الاستراحة قليلا على شارع في مدينة السلط أو فعلت أي سلوك إنساني طبيعي أو غير طبيعي ثمة جيش من المراسلين الشعبيين بإنتظارك ويتشكل من فرقتين الأولى تصورك، والثانية تسرب وتروج .
تقنيات التواصل إخترعت لخدمة رفاهية الشعوب وليس لتقييد حريتها على نحو مختل.
حسنا أطنان من الهواتف الذكية تتجسس على الصغيرة والكبيرة في كل الأروقة…تلك طبعا كلفة»الثورة الصناعية الرابعة» التي وصلناها بتكنولوجيا التلصص والفضول وتسريب الوثائق من قبل موظفين رسميين فقط ولم نصلها إطلاقا من بوابة المعرفة والعقل والمنطق.
نحن قوم متميزون بالتلصص وإختلاس اللقطة ومستوى الفضول والنميمة قد يكون الأعلى كونيا و»لا نغار» إطلاقا اليوم على تلك القيم التي تربى عليها مجتمعنا.
هذا تماما ما يعنيه التدقيق في سلسلة «أكشنات» الجاردنز والصويفية الاخيرة .
شخصيا ما لفت نظري مسألتان:
أولا- المعتدي في حادثة النادي الليلي بضاحية الصويفية تقصد اطلاق الرصاص على منطقتي الركبة والقدم وتنشط «الموس» في منطقة محددة على الوجه.
..عندما سألت قيل لي إنه الفارق القانوني بين جريمتي «الإيذاء البسيط» و» الإيذاء البليغ»..بإختصار «تشريعاتنا» هنا «تكافئ» المجرم الذكي قليلا المتمرس لأن إطلاق الرصاص على «الإلية « مثلا يختلف من حيث العقوبة ويتباين مع الرصاص المتجه نحو الوجنة او الرقبة….خلل كارثي في بيئة التشريع.
ثانيا- الفتاة المتشحة بعباءة سوداء «على الأرجح من دولة شقيقة مغاربية» كانت تقف بشجاعة وبصمت في مسرح الجريمة وحاولت وحدها مساعدة الجريح بعدما إمتنعت عن إصدار اي رد فعل بشري خلال التأديب الوحشي.
الحاجة الفاضلة إياها «طرف» على نحو أو آخر بما حصل»، للعلم فقط لا تعمل هذه الفتاة بصورة «سرية» فهي «حصلت على الترخيص» من السلطات الرسمية ودخلت البلاد على الأرجح بصفة «فنانة».. ولدى «المعلم» الذي يتاجر بكسمها ورسمها رخصة مهن من أمانة عمان حتى وإن لم يدفع الضرائب مثلي او مثلك.
يعني الشابة المتشحة بالسواد»شرعية وغير عاطلة عن العمل» بأوراق رسمية والسلطات تعرف مسبقا أن من استقدمها يستعبدها ويحجز جواز سفرها في عملية «متاجرة بالبشر» يتواطأ معها بوضوح البيروقراطي والأمني.
أما في حادثة الجاردنز الاولى فالفتاة اعتقد أنها بـ»حالة حداد» وقد قررت الحداد على الطريقة اللبنانية على الأرجح ليس اكثر ولا اقل.
تصوير اشتباك مسلح بين رجال أمن في الشارع حدث غريب ويؤدي للفصام

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى