مقالات وآراء

العقبة «تعاني» وموجة «ركود الأسواق» تحولت إلى «أزمة سياسية» في الأردن ورهانات متعاكسة على العام المقبل

حوارات صاخبة في كل الاتجاهات وتقرير لسفارة واشنطن يحذِّر

يعلن تجار الأحذية والملابس الأردنيون عن تراجع مبيعاتهم بنسبة تصل إلى 35% في الموسم الحالي.
ويشتكي الكبار في قطاع التخليص من انخفاض أعمالهم في التخليص والمناولة بنسبة كبيرة، في الوقت الذي تتشدد فيه البنوك والهيئات المالية مع التجار المقترضين، وتخرج فيه المزيد من الشركات المتوسطة والصغيرة من الأسواق، وتجد المولات التجارية صعوبات بالغة في الصمود.
قبل ذلك، تتراجع بنسبة قد تصل إلى 40% عمليات المتاجرة في قطاع السيارات والمناطق الحرة.
والجديد تماماً عدم وصول أي استثمارات يمكن الرهان عليها في مدينة العقبة، وتراجع غالبية قطاع الأعمال في المنطقة الخاصة وبصورة تطلبت اجتماعات مغلقة خلف الكواليس بسبب معاناة مدينة الميناء البحري اليتيم في البلاد.

ويجمع الخبراء في الحالة الأردنية بأن الانكماش في المبيعات وحركة الأسواق المحلية سينعكس على عوائد الخزينة، وكذلك انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، حيث تزيد الأسعار والضرائب ولا تزيد الرواتب بالتوازي.
تحاول الحكومة الابتعاد عن وصف وتقييم حالة الركود التجاري، خصوصاً بعد وقف الصادرات بالاتجاهين مع سورية، وشكوى مسؤولين سوريين من أن حكومة الأردن لا تمنحهم تأشيرات دخول أمنية لدخول البلاد واستعراض الأسواق والمصانع للعمل على تحسين مستورداتهم من الأردن.
وحالة الركود وانخفاض المبيعات، مباشرة بعد شهر رمضان المبارك الأخير، بدأت تقلق كل الأوساط المعنية في المعادلة الأردنية، وأصبحت في وضع لا يمكن الادعاء بعدم رصده.
والإشكال قد يحصل مستقبلاً أيضاً، فتوقعات عام 2020 لا تبدو متفائلة بأن تستعيد السوق عافيتها أو جزءاً من خسائرها في العامين السابقين، مرة بسبب عدم وجود مبادرات حكومية، ومرة بسبب عدم وجود هامش لتلك المبادرات.
الحكومة، وفي كل مقابلاتها مع رموز الأسواق والنشاط الاقتصادي والتجاري، تؤكد بأنها مستعدة للاستماع والتعاون بعيداً عن ثلاث مسائل أساسية، من الصعب وأحياناً من المستحيل إنفاذها، وعلى رأسها المعادلة الضريبية الجديدة التي أصبحت حلقة مركزية في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وبينها أيضاً التدخل بأسعار وكلفة فاتورة الطاقة التشغيلية وهوامش الربح، وكذلك أي تغيير في المعادلة السياسية التي تعيد إنتاج اتفاقيات التبادل التجاري مع دول مجاورة، من بينها سورية وتركيا وحتى الاتحاد الأوروبي.
وسط نقاشات محمومة خلف الستارة بين جميع أطراف المعادلة الاقتصادية في الأردن، تتحول مسألة «الركود» وتراجع الحركة التجارية من هموم الأولويات السياسية في عقل الدولة الأردنية، وليس الحكومة فقط.
الأهم هو ما تقوله تقارير متابعة أمريكية عميقة تصدر عن سفارة واشنطن في عمان وتعتمد في تقييماتها على آراء أصدقاء السفارة من نخبة الفاعلين في الميدان التجاري أو الاقتصادي.
الأمريكيون هنا يتوقعون معادلة تمدد في العام المقبل لمساحة «الركود»، وبعض تعبيرات تقاريرهم التي اطلعت «القدس العربي» على مضمونها تتحدث ولأول مرة عن»نسبة ركود غير مسبوقة» في العمل التجاري والاقتصادي قد تتحول إلى موجة وتضرب الواقع الاقتصادي الأردني في بدايات العام 2020.
لافت جداً أن السيناريو الأمريكي يتنبأ بالأسوأ في حالة الأسواق المحلية في العام نفسه الذي تمأسست حوله خطط ومشاريع الحكومة، ليس فقط لإجراء انتخابات عامة تغير معطيات الركود في الواقع السياسي، إنما لخطط ومشاريع في اتجاه «الاستفادة المتأخرة» من مجمل الإصلاحات الاقتصادية التي تكثفت مؤخراً.
خطاب وزراء الطاقم الاقتصادي في حكومة الرئيس عمر الرزاز تركز طوال الوقت على أن «ثمار» الإصلاح الضريبي الحقيقية وثمار الاتفاقيات مع العراق والتفاهمات مع مصر تجارياً وقتصادياً يفترض أن تقطف في العام 2020 ويفترض أن يبدأ المواطن الأردني بالشعور بالفوارق وانعكاسات رفع نسبة الصادرات والنمو الاقتصادي عليه مباشرة مع ربيع العام المقبل.
هذا ما تقوله الحكومة وسمعته «القدس العربي» من وزيرين على الأقل.
لكنّ خبراء مستقلين يعبرون عن خشيتهم بأن لا يحصل ذلك، واحتمالية أن يحصل العكس في العام 2020 حيث ستزيد ديون الفاعلين في الأسواق وتتحول القروض البنكية إلى عبء كبير، وحيث سيخرج العديد منهم من الأسواق مع نهاية العام مع انكماش حركات التوسع والبيع والمتاجرة.
لذلك يتحول الركود التجاري المتواصل إلى قضية «سياسية» بامتياز تحتاج إلى سلسلة من الاستراتيجيات التي تحاول الحكومة تمهيدها لمغادرة الأزمة الاقتصادية، على حد تعبير الناطق الرسمي الوزيرة جمانة غنيمات، التي صرحت بأن البلاد تغادر الأزمة الاقتصادية، معتمدة في قولها -وهي أيضاً خبيرة اقتصادية- على ارتفاع نسبة الصادرات وعدم وجود «ديون جديدة» وتخفيض فوائد الدين الخارجي والنشاط اللافت في القطاع السياحي وآمال وتطلعات في مجال الطاقة البديلة واكتشاف الغاز والنفط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى