مقالات وآراء

سوريا ملاك أم شيطان؟ وفي الأردن خطوة “تسحيج”: “اشتم” بلدك واِهتف للرئيس بشار

فقط التذاكي، الذي لا ينقصه الاحتيال يمكن أن يبرر السؤال الذي وجهه أحدهم للمعارض الأردني ليث شبيلات، بعد اطلالته الأخيرة على شاشة قناة “المحور”: ماذا لو كنت سورياً وهاجمت الرئيس السوري علنا وفي بلد آخر؟!
الهدف من السؤال هو الاشارة الى النعيم الضمني، الذي يتربع فيه المنتقدون الكبار والمعارضون الأكبر عندما يتعلق الأمر ببلادهم الأردن.
لو كان الشبيلات سورياً لأصبح بين خيارين بالتأكيد، إذا ما قرر انتقاد القيادة الملهمة، وهما البقاء في الخارج الى الأبد أو المجازفة باقتلاع الحنجرة.
شبيلات، شخصية وطنية مقدرة ولها رأي وموقف وذات سقف مرتفع وتحظى بالنجومية والجذب وتستطيع توجيه رسائل معارضة ومناكفة قد تكون الأقوى والأصرح، وفي بعض الأحيان يمكن أن تعوزها الدقة، لكن عندما يتعلق الأمر بالنظام والدولة في الأردن، ومهما بلغ مستوى النقد لا توجد ذهنية اجتثاثية فلا أحد يقتلع حنجرتك في الدولة الأردنية، ولا أحد يمنع عودتك أمنا الى بلدك في حالات النقد.
لست من هواة الدفاع عن الدولة الأردنية، لكن عند المقارنة والقياس ومن باب الاحترام لا بد من أن نوافق على ذلك الاستنتاج، الذي يقول إن النقد مرتفع السقف للأردن قيادة ودولة، ليس بالضرورة أن يرافقه غزل وامتداح للقيادة الملهمة في دمشق.
حيث يعرف الجميع ما الذي يجري وكيف يجري.

الحسم والحفاظ عليه

مجددا، نقتنص الفرصة ونعيد التذكير أن الحسم العسكري في المعادلة السورية مهم ومثير، كما تعرضه الفضائيات العربية هذه الأيام، لكن الأهم من الانتصار هو الحفاظ عليه واستلهام الدرس والعودة لكرامة الانسان وحرية الفرد والمجتمع وللمشاركة الشعبية كعناوين عريضة للمصالحة السورية.
دون ذلك وفي لحظة الارتهان لذهنية الذئب المنتصر ولعقلية الشبيحة وطبقة المال، التي حسمت الأمور لصالحها، دون ذلك نؤكد أننا سنواصل الاستماع لعدة عقود مستقبلا لعبارة “المؤامرة الكونية على سوريا قلب العروبة النابض”.
لكن لا نريد لهذا القلب أن ينبض للعرب قبل أن ينبض في شريان المواطن السوري المشرد والسجين واللاجئ، والذي لم يعد بيته قائما أصلا.
من هنا تبدأ المصالحة ولا نعتقد أن فخامة الرئيس السوري بحاجة فعلية لخدمات التسحيج الأردنية، سواء تلك التي تصدر عن أحزاب وحركات أو شخصيات برلمانية.
الهتاف المتحمس نفسه لبشار الأسد انطلق في عهد معمر القذافي وصدام حسين، رحمهما الله، وسورية لا تحتاج لمن يبالغ في امتداح ملائكيتها، بعدما عانت أيضا من الذين بالغوا في شيطنة مؤسساتها وقياداتها.

تضليل بصري

مارست بالمناسبة المحطة الفضائية السورية لعبة التضليل البصري وهي تعيد بث الاحتفالات الشعبية، التي جرت في مدينة الرمثا شمالي الأردن لوفد برلماني عاد للتو مصطحبا معه معتقلا أردنيا أفرج عنه الرئيس السوري، دون أن يعرف المحتفلون سبب اعتقال الرجل أصلا وبأي تهمة.
عبر الكاميرا السورية شاهدنا عيني النائب طارق خوري ترقصان ابتهاجا بعدما قرر المحتفلون حمله على الاكتاف في الرمثا مع زميلين له ومع المعتقل المفرج عنه.
نعرف جنديا مجهولا في الأردن غادر لدمشق وعاد بعدة سجناء من بينهم الزميل سليمان خالدي زاهدا بالإعلام والأضواء.
نرجو أن لا تتورط قناة “الميادين” بالخطأ البصري، الذي اصطادته الفضائية السورية، فالشعب الأردني بسيط ويحمل أيا كان، ولأي سبب على الاكتاف، ومدينة الرمثا تجاريا واقتصاديا تستعيد نشاطها كلما فتحت الحدود.
الاحتفال بما فيه اطلاق رصاص الفرح كان من أجل الشاب المفرج عنه علاوي البشابشة وقرب منزل عائلته وبواسطة أقربائه وجيرانه ولم يكن من أجل فتح الشام عبر الوفد البرلماني الزائر لدمشق، وهو احتفال عشائري عائلي، قد لا تكون له علاقة بكل تفاصيل المؤامرة الكونية إياها أو حتى بالنظام السوري أو بالحسم العسكري.

ماذا عن “حب الملك”؟

بعض الأشياء تكون مخجلة عندما توظفها وتبهرجها غرف الأخبار في بعض المحطات التلفزيونية.
لكن البهرج البسيط قد يخطف أيضا اهتمام كاميرا تلفزيون حديث وعصري، من وزن تلفزيون المملكة، حيث الملك عبد الله الثاني شخصيا في زيارة لإحدى الجامعات وحيث فتاة طالبة تخطف الأضواء أكثر من غيرها وهي تصر بحماس على تنفيذ ثلاثة مطالب لها أمام الملك هي تكرار زيارته للجامعة نفسها، ثم دخول قصره، وأخيرا التقاط صورة شخصية معه.
لام كثيرون الفتاة على هذه المطالب الانتهازية الشخصية وافترض البعض أن ما حصل ممارسة إعلامية رسمية تندرج في باب التسحيج.
وأفتى كثيرون في المشهد، وخرجت نظريات تزعم أن الفتاة المسكينة فوتت فرصة وطنية نادرة عندما اتيحت لها مجالسة الملك دون أن تتحدث معه بأي شيء مهم.
كما يحصل في العادة قيل إن النخب الطلابية المسيسة والعميقة تم ابعادها عن هذا اللقاء، وهي في الواقع أسطوانة أردنية بامتياز لها علاقة بكل من يغضب، لأن الفرصة لم تسمح له لمجالسة ومقابلة الملك.
السؤال هو: هل الملك معني فقط بالأذكياء والمسيسين وأصحاب العمق والتنظير؟ نعتقد أن المسألة بسيطة، فالناس شرائح في المجتمع وأفراد لهم أولويات والملك للجميع.

المصدر
القدس العربي
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى