اراء و مقالات

«افتراءات» ديمبي وريموند ونتفليكس وبمناسبة «الموسم السياحي»: متى نرى كوافيرات يؤيدن حزب الله في عمّان؟

في أحد الأيام صفقنا جميعا في الأردن لمبادرة مشروع استثماري طموح كان سينفق عشرات الملايين من الدولارات تحت عنوان»مدينة إنتاج تلفزيوني عصرية حديثة» تتضمن إطلاق شبكة من «فضائيات الديجتال».
فجأة سحب المستثمر بعدما استأجر الأرض ووضع بعض المعدات «خلقاته»- أي أغراضه – وقرر التوقف لأن موظفا ما في وزارة الداخلية رفض إصدار «تصاريح عمل مع إقامة «لـ 30 كوافيرة وخبيرة تجميل من لبنان الشقيق».
الفكرة «الأمنية» آنذاك أن الكوافيرات منهن «أغلبية شيعية» ولا يوجد ضمانة بأن لا يكن «مقربات من حزب الله».
بصراحة لم أفهم بعد ما هي حاجة المقاومة اللبنانية وبعدها الجمهورية الإيرانية لتجنيد كوافيرات في درب مناجزة العدو الإسرائيلي.
رفض صاحبنا بجرة قلم مشروعا أفقه المالي كان سيصل الى 300 مليون دولار، والمصيبة التي وقفت عليها شخصيا أن «الوزير» وقتها ساند الموظف البيروقراطي بعد رفع هتاف «الأمن أولا».
وأنا من جهتي أهتف كلما شاهدت على التلفزيون الحكومي أغنيات تتغنى بالأمن «أولا وأخيرا». أفترض بأن الأصل في المسألة استقدام أخواتنا الكوافيرات ثم «مراقبتهن» جيدا والتدخل إن حصلت مشكلة لإن الدولة ببساطة «قوية وصاحية».
أحد الإستديوهات الضخمة بيع «خردة» لأن الاعتبارات اختلطت مع أن كاميرات ومايكروفونات الفضائية الجديدة بدأت تتجول في أزقة البث التجريبي.
تلك دوما من «ذكرياتنا الحزينة» مع قصة «الاستثمار» وقفزت إلى ذهني فجأة وأنا أراقب تغطية تلفزيون المملكة الخاصة جدا والمميزة لخطط وزارة السياحة الحالية الطموحة في التوسع وإلى جانبها تجارب مثمرة لوزارة الداخلية في «الانفتاح على الزوار».
كاد المراسلون في تلفزيون المملكة أن يقسموا أغلظ الأيمان بأن سياحة الاستشفاء والسياحة العلاجية لها عنوان واحد في الشرق الأوسط وهو «ربوع النشامى».

النوم وسط القبور

ما نقوله: السياحة الفعلية والمنتجة تحتاج ببساطة لـ «انفتاح سياسي» والأهم لفلسفة مستجدة تجعل «الاعتبار الأمني» فعّالا أكثر بمعنى «حماية السياحة ومراقبة الزوار» بنعومة وثقة بدلا من قاعدة كلاسيكية تقول «لا تنم بين القبور ولا تحلم بالمزعج».
من يريد سياحة عليه أن ينام بين القبور أحيانا وشعار»أردن جنة» يعني أن تتخلص من «مخاوفك» خصوصا المبالغ فيها أحيانا وتبدأ بالسهر على حماية الإصلاح والتحول الديمقراطي.
فتح البلد للزوار وبثقة تشابه تماما مضمون تلك العبارة التي سمعتها شخصيا وأنا لأول مرة «والأخيرة بالمناسبة» على مائدة الملك حسين رحمه الله وهو يعلن»… نحن نثق في أنفسنا وفي مؤسساتنا… يا إخوان أتركونا من قصة مراقبة المطبوعات».
سياحة جيدة ومنتجة باختصار تحتاج لـ «كاميرا حرة» وإذا أرادت الحكومة جلب الأموال لها وللناس عليها كسر بعض البيض بثقة لإعداد العجة.
لذلك اسم واحد «تخفيف القيود العلنية على الأقل»، وتعزيز الحريات العامة، وتوقف الناطقين الرسميين عن سياسة «ابتلاع اللسان» مع العودة للاستثمار في «الدراما التلفزيونية» المتميزة على الطريقة التركية.
يسعدني ما عرضته شاشة فضائية «رؤيا» من أفكار لتطورات سياحية.
أسعدني جدا وزير الداخلية وهو يحدثني عن مناورة بالذخيرة الحية فكرتها «حضور ثم مغادرة نحو 35 زائرا سوريا» بكل يسر وأمان وبعد إنفاق بعض المال وبدون حصول أي مشكلة أمنية مهما كانت صغيرة.
للعلم أيضا «تزبيط السياحة الطبية» لا يتطلب فقط إلغاء «القيود على التأشيرات» بل «طبيب إنسان» يدفع ضرائبه ويحترم الضيف المريض ويقصي الاعتبار «التجاري» ومؤسسات طبية على القدر نفسه من»النزاهة المهنية».
النشامى كرام وأرضهم طيبة وجميلة ومؤسساتهم «صلبة وقوية» وآن أوان التصرف بـ «ثقة» والتطلع لإعادة برمجة الإعدادات.

ديمبي وريموند

كالعادة أدقق أثناء المشاهدة فيما يخصني «كعربي» عندما أشاهد مسلسلات الأكشن على نتفليكس.
في إحدى حلقات مسلسل»القائمة السوداء» فتاة «عربية» تهرب من «نظام بلادها» بسبب طروحاتها الجريئة وتقيم حلقة مشاغبة في الولايات المتحدة. طبعا تقرر حكومة بلادها ملاحقتها فيبدأ الاسترسال بتلك» النخوة الأمريكية» التي لا نرصدها إلا بأفلام إم بي سي الثانية. حتى الآن الحبكة مكررة ومعروفة لكن ما لفت نظري أن الفتاة ويفترض أن تكون «خليجية» يتم إلقاء القبض عليها أملا في تصفيتها، ومواطنها الذي كلف بالمهمة يخاطبها بكل نعومة «يلا … إمشي لهون». كان التصوير أسفل شجرة وعبارة «يلا إمشي لهون» لا تمت بصلة للجزيرة العربية مما يعني بأن مخرج المسلسل أخفق في اختيار الكادر فقد كان لسانه يدلل على مرجعيته في بلاد الشام وليس الخليج.
أقله بعد الآن في نتفليكس وغيرها أن يظهر المنتجون والمخرجون الغربيون قدرا أكبر من «الحرفية» والاحتراف عندما يتعلق الأمر بأمة العرب والإسلام. حتى «ديمبي» المرافق السوداني الشهير لـ «ريموند» لم يؤدِ الصلاة بصورة صحيحة داخل مسجد في مانهاتن وقرأ الفاتحة بطريقة غريبة و»الطيب» الذي تطارده استخبارات فرنسا كان يصلي نصف عريان.
الخلاصة ما ألفت نظر محبي نتفليكس له: ليس كل العرب والمسلمين يلبسون غترة وشماغ ويعيشون في الصحراء، وليس كلهم يحبون الخمر والنساء ويتاجرون بالمخدرات والأسلحة والعقارات، ويميلون للتعاون أحيانا مع الموساد… تلك «افتراءات».
٭ مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى