اراء و مقالات

الأردن والسؤال القديم المتكرر: كيف نصل إلى «نتائج مختلفة» بالأدوات القديمة نفسها؟

الحرص الشديد على تجديد المنحة الأمريكية لخمس سنوات أخرى يفترض ان تنتهي قريبا الحزمة الأولى منها مما يبرر التغيرات التي حصلت في عمان مؤخرا.

عمان-»القدس العربي»: الأسباب المالية والاقتصادية تحديدا قد تكون في الصدارة عند بروز أي محاولة لفهم «تغييرات المناصب» التي حصلت مؤخرا في مؤسسات أردنية أساسية أهمها طاقم القصر الملكي.
حاول الجميع في أوساط النخبة الأردنية فهم المسوغات التي أعادت إلى الواجهة وزير التخطيط الأسبق الدكتور جعفر حسان على رأس طاقم إدارة مكتب الملك، فالأخير بخبرات اقتصادية وليست سياسية والأزمة الحالية ماليا واقتصاديا تحصل كتداعيات لعدة مراحل كان فيها الدكتور حسان نجما كبيرا في صناعة القرار ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور هاني الملقي لفت الأنظار عندما اعتبر عودة حسان بمثابة «بداية لمشوار الإصلاح» رافعا سقف التوقعات.
خلف الستارة والكواليس إشارات مباشرة إلى ملف في غاية الأهمية تتجنب الأوساط السياسية والإعلامية الإشارة إليه وهو قرب انتهاء فترة المساعدات الأمريكية التي قررها الكونغرس لخمس سنوات في الماضي خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة. وهي مسألة في غاية الأهمية حسب وزراء بارزين في الحكومة الحالية.
والأردن ينبغي أن يستعد لمرحلة التفاوض أو إعادة التفاوض على تجديد هذه المنحة لخمس سنوات في إطار برنامج المساعدات الذي يقره الكونغرس الأمريكي ويعتقد ان طاقما قد يديره الدكتور حسان قد تكون وظيفته الأساسية التحدث مع المؤسسات الأمريكية في الإطار المالي في المرحلة المقبلة خصوصا وان الدولة الوحيدة التي تقدم المال النقدي مباشرة لمساعدة الأردن ومنذ سنوات هي الولايات المتحدة الأمريكية كما ان الوضع الجيوسياسي ووضع التحالفات والعلاقات الأردنية في المستوى الإقليمي مربك ومتقدم.
ويؤشر الاهتمام بعودة شخصية مثل الدكتور حسان إلى موقع متقدم تتولى هذا الملف الحساس والمهم، على ان الأردن يعتقد بأن أوراقه خالية الوفاض في مجال المساعدات المالية والاقتصادية وقد تكون أسباب ذلك سياسية الآن في المقام الأول.
وتعني هذه التغيرات والتعديلات بأن رهان الأردن على المساعدات الخليجية وتحديدا السعودية والإماراتية قد يكون تراجع إلى حد كبير.
والرهان الأردني على التكامل الاقتصادي والتجاري مع العراق ومصر قد لا يفيد بتقديم مساعدات حقيقية للخزينة الأردنية وبالتالي المجال الحيوي الوحيد للاختراق هنا والحد من الضغط المالي قد يكون الحرص الشديد على تجديد المنحة الأمريكية لخمس سنوات أخرى يفترض ان تنتهي قريبا الحزمة الأولى منها مما يبرر التغيرات التي حصلت في عمان مؤخرا.
وقد أقر وزراء بارزون في الحكومة بعدم وجود طاقات أو رموز قادرة على إعاده التفاوض مع مفاصل ومفاتيح المساعدات المالية حصريا في المرحلة المقبلة خصوصا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الأمر الذي يبرر عودة الدكتور حسان بأجندة يقول مستشارون مقربون بانها مالية واقتصادية في المقام الأول وتتعلق بمحاولة السعي للحفاظ على المصالح الأساسية المالية والاقتصادية للمملكة مع الدول الصديقة والحليفة بدلا من تعريضها للمطبات والهزات السياسية جراء الوضع المفتوح على كل الاحتمالات عمليا في منطقة الشرق الأوسط وجراء الوضع الداخلي الأردني المعقد في المجال الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي.
لكن السؤال يتجدد نخبويا في الأثناء: هل الدكتور حسان مؤهل للنجاح في «مهمة صعبة» وليست مستحيلة؟
عمليا الغياب الطويل منذ أكثر من أسبوعين لوزير الخارجية الأردني نائب رئيس الوزراء أيمن الصفدي وعدم وجود لاعب أساسي بمستوى المفاوض المالي للدول والمؤسسات الكبيرة في الجانب الحكومي هي عناصر يبدو انها دفعت القرار المركزي لاتخاذ المبادرة والاستعانة بطاقم اقتصادي في مؤسسة القصر وبالتالي الفرصة متاحة مجددا لأسباب موضوعية لظهور طاقم في الظل يتقدم ويحاور ويناور بالاتفاق قدر الامكان مع الحكومة.
ويعتقد هنا وعلى نطاق واسع بأن طبيعة وضع العلاقات والتحالفات الإقليمية والسياسية الأردنية في ظل أزمة مع إسرائيل وأخرى صامتة مع الجوار الخليجي وجامدة من الواضح ان هوامش المبادرة والمناورة أمام الحكومة الأردنية تضيق أكثر من أي وقت مضى.
وبالتالي الحفاظ على المفاصل الأساسية قد يكون هو السبب في مهام مستعجلة مطلوبة من الدكتور حسان في المرحلة المقبلة.
لكن في المقابل الاعتقاد راسخ بأن إستراتيجية «الأفراد المفاتيح» قد تخفق في الإنتاجية المأمولة لإن المطلوب من عمان سياسات إصلاحية واضحة وليس إلهاء الجميع بوجود مبادرات لأشخاص تزعم الحكومة أنهم قادرون على الإصلاح. وهو تصور هنا يستذكر بان اصطدام المالية الأردنية في الحائط الآن بعد سنوات من الدراسات والتنظير كان جراء سياسات وإجراءات قاصرة لسلسلة من الحكومات السابقة والتي كان اللاعب الجديد- ونقصد حسان- من رموزها لأكثر من ثماني سنوات إلا إذا كان المقصود الاستعانة بنفس الأدوات القديمة على أمل الوصول إلى «نتائج مختلفة» الأمر الذي يشكك به كثير من الخبراء والمختصين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى