اراء و مقالاتمقالات وآراء

محاولة أردنية – فلسطينية لإنعاش «مبادرة» دفنتها «صاحبتها» السعودية

 

قفزت تساؤلات فجأة للواجهة حول نهر الأردن وفي الضفتين بعد المباحثات التي أجراها بإسناد ودعم «أمني عن بعد»، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في أريحا، مع صديقه أمين سر تنفيذية منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات.

وبرز سؤال حول ما الذي يعنيه، بصورة محددة، أن يتحدث أرفع مسؤول في الدبلوماسية الأردنية وهو الوزير الصفدي وفي «أريحا»، عن ضرورة إعلان إسرائيل وقف الضم والعودة لحل الدولتين؟ وماذا تقدم الدعوة الآن بعد «الإسفين الإماراتي» الأخير لمحاولة إنعاش «المبادرة العربية» بعد إصدار شهادة وفاتها بقرار من أصحابها السعوديين؟

«الإسفين» الإماراتي يتسبب بلقاء أريحا بين الطرفين

الطاقم الأمني الذي وفر الغطاء من الجانبين لمباحثات أريحا مؤشر على رغبة أردنية مفاجئة بإحياء إطار لم ينجح في الماضي مع الفلسطينيين باسم «اللجنة الرباعية» التي شكلت منذ عامين في إطار المعركة على القدس ممثلاً لعمان ورام الله.
وغير معروف ما إذا كان الصفدي يستطيع فعلاً «هندسة» عملية تنسيق ثنائية مع السلطة الفلسطينية تؤسس لخطوات فاعلة ومعاكسة لبوصلة التطبيع الخليجية المباغتة، خصوصاً أن الأخير – نقصد الصفدي – كان للتو وقبل مشاورات أريحا قد أصدر بياناً لم يعترض فيه على اتفاقية أبراهام ولم يوافق عليها أيضاً. ويبقى موقف الأردن «حرجاً للغاية»، حسب ساسة ومحللين.
لكن الأساس في لعبة المصالح الأساسية أن يتوقف مسلسل البقاء في زاوية محرجة، فيما على الطرف المقابل لأي تنسيق مع سلطة رام الله، وبالنسبة للدوائر الأردنية السياسية، ثمة شريك استراتيجي واقتصادي مهم هو الإمارات، وثمة «شقيقة كبرى» هي السعودية، لا تعترض على ما جرى أو ما سيجري لاحقاً. وأيضاً ثمة الشقيقة الأكبر مصر، وهي تبارك خطوة الإمارات علناً، وبتوقيع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شخصياً.
بمعنى آخر، سياسياً لا توجد ضمانات بأن يتمكن اللاعب الأردني من مغادرة منطقة الإحراج أصلاً.
ولا يوجد ما تقدمه عمان في السياق لرام الله خلافاً لمشاورات لجان متكلسة أو عبارات إنشائية، لأن أقل المطلوب اليوم فلسطينياً – وعلى الأرجح سمع الصفدي ذلك من عريقات مباشرة – هو مواقف حاسمة في رفض التحول الإماراتي المثير والأخير أو إعاقته قدر الإمكان، وعمان بكل الأحوال ليست في الموقع المطلوب هنا.
وهنا ثمة من يعيد إنتاج الارتياب فلسطينياً والمزايدة على الموقف الأردني حيث عمان اعترضت وبقوة على مشروع الضم الإسرائيلي، ورفضت أي مشاركة في حفلته، وتحملت الكلفة قبل حصول المفاجأة الإماراتية بإعلان زواج سياسي بين المحور الإماراتي واليمين الإسرائيلي، وهو محور أكثر من واضح في اندفاعاته، حسب القطب السياسي طاهر المصري، الداعي دوماً إلى قراءة أردنية متعمقة أكثر في المشهد، لتحديد الأولويات والمصالح.
وسمع الوفد الأردني في أريحا على الأرجح من المستوى الأمني الفلسطيني تلخيصاً للأجندة التي حضر فيها أمنيون مصريون إلى الضفة الغربية قبل أيام، حيث تجنب الوفد الأمني المصري أي نقاش له علاقة بالاتفاقية الإماراتية، وتم التركيز على تدشين جهود إضافية لإنجاز المصالحة مع حركة حماس وبقاء الرعاية المصرية.
لكن في الاستشعار الفلسطيني، وفقاً لما رشح من معطيات حتى الآن، منحت مصر غطاءً كبيراً يؤذي المصالح الفلسطينية لاتفاقية أبراهام، وترغب منظومتها الأمنية الآن بالبقاء في عمق ملف المصالحة بعد خطوات التقارب الكبيرة التي قررها الرئيس عباس وعلى أساس وطني فلسطيني مع قيادات في حركة حماس.
ولم يرشح عن لقاء أريحا كثير على الأرجح خارج سياق رغبة عمان في الحفاظ على مستويات تنسيق متقدمة على أساس إظهار «مسافة ما» وبصيغة غير علنية مع الموقف الإماراتي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى