اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن… أين «فرقة الإنشاد»؟

استقلالية لجنة الوباء مسألة مهمة وطريقة عمل اللجنة وافصاحاتها في الماضي كانت «ممتازة» وساهمت في توعية الأردنيين ولا مبرر إطلاقا لإخضاعها لماكينة حكومية مترهلة

 

لاحظوا معي بعد الرصد الدقيق كيف تفلت بعض «تفاصيل الإدارة» في المستوى البيروقراطي الأردني عندما يقود الجهاز الحكومي ليبراليون أو أشخاص لا يملكون الخبرة الكافية بـ «الأردن والأردنيين» على حد تعبير السياسي والإعلامي راكان المجالي.
يدب قطاع التجار الصوت عاليا في عمق أزمة فيروس كورونا بعد تبين وجود عشرات الحاويات المدفوع ثمنها في العقبة مهددة بالتلف وبخسائر فادحة بسبب الحظر الشامل.
لاحقا… تستجيب خلية الأزمة وتسمح بعبور الحاويات فيكتشف القوم ضرورة الحاجة لتصاريح تسمح لسائقي الشاحنات بالتحرك نحو العاصمة عمان. يتأخر الإجراء قليلا وسط تعقيدات هرمية إدارية لكن القرار يصدر.
يبدأ السائقون بالحركة ثم يتوقفون فجأة وسط الصحراء على الطريق الدولي بسبب عدم فتح محطات وقود طوال الطريق… تتحرك خلية الأزمة مجددا وتسمح بثلاث محطات فقط رغم أن عشرات المحطات على الطريق الصحراوي الدولي وبدون كثافة جماهيرية يمكن فتحها بكل بساطة أو لنقل إنها لم يكن ينبغي أن تغلق من الأصل… أين وزارة الطاقة؟
في ملف آخر عشية الاحتفال بعيد الاستقلال تعبر الحكومة عن فخرها الوطني وتطلب من المواطنين مشاركتها «فرحة الاستقلال» بتعبير رمزي ووطني وهو رفع الأعلام الأردنية على شرفات المنازل. حسنا… يقول الشعب واللافت أن الدعوة لرفع الأعلام قبل يومين فقط من «حظر شامل» يمتد لعدة أيام.
بالتالي لا توجد طريقة في ظل الحظر تضمن للأردني التحرك لشراء علم ولا يوجد وقت لشرائه أصلا خلافا لأن السوق يخلو من الأعلام وعليه حرم إجراء في غير وقته ولم يكن مدروسا المواطن الأردني من رفع علمه ومشاركة دولته الاحتفال بمناسبة وطنية مهمة جدا.
في إحدى غرف العمليات سأل مسؤول كبير جدا عن «المخزون الغذائي» فجاء الجواب أن «الأمور تمام وعال العال» وعرضت أرقام المخزون الغذائي الاستراتيجي الآمن لمدة ستة أشهر.
لكن سرعان ما تبين بأن الكميات المشار إليها من الغذائيات «متعاقد على معظمها» وبعضها لم تنته أوراقه بعد وبعضها الآخر كان في البحر وجزء لا يستهان به رغم التعاقد «لن يشحن» بسبب تسونامي كورونا الذي اجتاح العالم.
النتيجة أقرب إلى «الضحك على الذقن الوطنية والذاتية» واكتشاف مشكلات بالجملة وفي الكثير من المفاصل.

في وقت لاحق أعلنت الحكومة عن منصات إلكترونية لتجنب تصاريح العمل المزورة وبعد الإعلان تبين أنها معطلة حيث أفلتت تفاصيل فنية من طاقم وزارة الريادة والاتصالات بعد الاستعانة بتقنيين من «خارج الحكومة».
أما عندما تعلق الأمر بلجنة الأوبئة التي قامت بجهد عملاق طوال الوقت بمعية القطاع الصحي الرسمي والأمني فحدث ولا حرج.
هنا تحديدا خشيت وبعد الإصغاء لمداخلة متلفزة للناطق باسم اللجنة أن ما حذر منه عضو لجنة الأوبئة الوزير الأسبق الدكتور عزمي محافظة بخصوص تحويل لجنة علمية إلى «فرقة إنشاد» في طريقة للتحول إلى واقع موضوعي.
شخصيا أفهم من حيثيات الحديث الذي سجلته فضائية المملكة مع الناطق البارع الدكتور نذير عبيدات مساء السبت الماضي بأن المخاوف حقيقية من أن تكون لجنة الأوبئة ولها الاحترام المطلق في طريقها للتحول إلى «فرقة إنشاد».
سياسيا، يبدل الدكتور عبيدات إفادته فجأة وبعد أيام قليلة من اللقاء اليتيم بين دولة رئيس الوزراء ولجنة الأوبئة مما يدفع فضولنا المهني للتساؤل: ما الذي جرى في ذلك الاجتماع؟.
بتقديري ـ وليس كل التقدير في مكانه طبعا ـ ليس دور لجنة الوباء التركيز على «مصلحة الدولة» وطريقة «الحكومة المختلفة بالعمل» وحساباتها…هذه مهمة المستويات السياسية والسيادية.
العلم عند الله بأن «أعمق مصالح الدولة» تتطلب أن تواصل لجنة الأوبئة عملها الرقابي على المجتمع وحتى على الأداء الحكومي وإن عكس المصلحة يتحقق عندما تسمح الدولة لأي حكومة باتهام «لجنة علماء» أبدعت وتألقت.
استقلالية لجنة الوباء مسألة لا تقبل الخصومات وطنيا وأطالب فيها كمواطن.
وطريقة عمل اللجنة وإفصاحاتها في الماضي كانت «ممتازة» وساهمت في توعية الأردنيين ولا مبرر إطلاقا لإخضاعها لماكينة حكومية مترهلة.
فهم الأردنيون جيدا طوال الوقت أن لجنة الوباء توصي وتقترح ولا تقرر… لم تحصل في الأردن أي مشكلة جراء «إفصاحات وبيانات» الدكتور نذير عبيدات أو زملائه والثغرات التي حصلت كانت بالعكس جراء التساهل في تطبيق توصيات وملاحظات اللجنة وقصة «سائق الخناصري» وما حصل على الحدود السعودية ونقله للفيروس، الدليل الأكبر حيث استجابات لم تحصل بسبب عقدة التمويل على الأرجح حتى بعد أسابيع وأشهر من توجيه مكتوب لرئيس الحكومة يقضي بإقامة منطقة «للتسليم عن بعد» بين سائقي الشاحنات.
ما سمعناه مؤخرا من لجنة الأوبئة خطوة يتراجع فيها الإفصاح بصورة مقلقة وتؤسس لقرينة على الجانب السياسي في بعض تفصيلات الحظر.
حق الأردني أن يتحدث معه علماؤه المستقلون خارج فعلا منطق «فرقة الإنشاد» وما حصل طوال ثلاثة أشهر استفاد منه الوطن فما هو مبرر «التعليب» والماء الذي ظهر في «فم» الطبيب المحترم نذير عبيدات.
إزاء كل ذلك شعار الحكومة للمواطن: عزيزي لا تحزن… لا تقلق لكن «انفلق»

إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى