اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن: الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية سقط مغشياً عليه أثناء التحقيق معه

 

انشغلت الأوساط النقابية والحزبية والأقرب للمعارضة المعتدلة في الساحة الأردنية، بخلفيات وأسباب ونتائج توقيف أحد قادة أحزاب المعارضة اليسارية من المعروفين بالاعتدال الشديد، وحصرياً من غير المنشغلين كثيراً بالملف الأردني، مع جرعات دائمة من التركيز على القضية الفلسطينية.

وتساءلت هل هي رسالة سياسية لكل أطراف الاعتراض والمعارضة والحراك القديم والمحتمل؟ وهل هي مجرد حادثة تعبر عن حالة الأرق والأعصاب المشدودة للحكومة الأردنية في ظرف حساس، أم شيء آخر؟
فبعد توقيف الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الأردني سعيد ذياب، أين ذهبت تلك المرونة فجأة؟ خصوصاً تجاه مناضل مثل ذياب وهو يعاني من مشكلات صحية أصلاً، وسقط مغشياً عليه فعلاً، ثم أدخل المستشفى أثناء التحقيق معه. وهو معروف بأنه يتواجد طوال الوقت في أماكن غير مقلقة جداً من المعارضة ويحظى باحترام شرائح كثيرة في المجتمع ضمن قيادته لحزب الوحدة الشعبية، أبرز أحزاب اليسار في جبهات المعارضة، وهو رجل محنك في التجربة الحزبية، وعجوز إلى حد ما، وقليل الظهور بالعادة.
بالعادة أيضاً، لا تؤدي عبارة مثل «الاستقلال المنقوص والتبعية» إلى استدعاء ثم احتجاز واعتقال وإعداد ملف قضائي بحق قائلها، خصوصاً إذا كان معارضاً معتدلاً ومنطقياً وجذرياً أيضاً من معتزلي الشغب والمناكفة والمقايضات والأضواء.
ذياب نفسه، وداخل المستشفى قيد المحاكمة الآن، يستغرب أن تؤدي به إلى ما حصل معه تلك العبارة بعدما كتبها ونشرها مئات المرات سابقاً في افتتاحية النشرة الإعلامية التابعة لحزبه.
ومجدداً، يسأل معتدلون في المعارضة الأردنية بعد سقوط الدكتور ذياب أثناء التحقيق معه لأسباب صحية، عن الجهة التي ذهبت إليها منهجية المرونة التي كانت طوال الوقت أساساً في علاقة الدولة ومؤسساتها مع المواطنين والفعاليات ومؤسساتهم المدنية.
الأغرب حتى بالنسبة إلى عشرات النخب السياسية والمثقفة، أن يتم استدعاء ثم توقيف شخصية مثل الدكتور ذياب في عهد حكومة يترأسها الدكتور عمر الرزاز، أحد دعاة وأنصار الليبرالية والديمقراطية والتيار المدني.
غريب جداً أيضاً أن يحصل ما حصل مع ذياب، مع أن رفيقه في اليسار والنضال والمعارضة سابقاً، المهندس موسى المعايطة اليوم وزير للتنمية السياسية وشؤون البرلمان، وهي الوزارة المعنية أصلاً بالحرص على قانونية وأداء ومتابعة الأحزاب السياسية، حيث أن المعايطة حارس بوابة وسطي معتدل مهم جداً في تركيبة الإدارة والحكومة اليوم، وحيث أنه أصبح من المرشحين لخلافة الرزاز أو من الذين لا ينقصهم الطموح في هذا المجال عندما تشتعل بورصة الأسماء أو يخضع سيناريو التغيير الوزاري لنميمة الصالونات.
أغلب التقدير أن الوزير المعايطة ساهم في التخفيف من حدة الإجراءات ضد ذياب على نحو أو آخر، وأن رفيقاً وحراكياً سابقاً من وزن وزير الريادة والاتصالات مثنى الغرايبة، سبق وأن رافق شبيبة حزب ذياب في اعتصامات ومسيرات الربيع العربي، لم يتدخل في المسألة.
وأغلب التقدير أن رفيقاً ثالثاً مهماً في الهرم اليوم، هو رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات الدكتور خالد الكلالدة، منشغل عن ذياب وقصته ومؤشراتها، بملف الانتخابات التي ستجرى قبل نهاية العام الحالي.
لكن رسالة الخشونة في الاستدعاء الأمني والقانوني للأمين العام لثاني أكبر أحزاب المعارضة، مع أنه حزب غير مؤثر جداً في مسار الأحداث، أنتجت تشويشاً وطرحت سؤالاً في أوساط الرفاق اليساريين ونخبتهم، سواء في إدارة الدولة أو حتى في جبهة المعارضة الوطنية الميتة سريرياً عملياً.
ولم يقل الرزاز شيئاً في المسألة، بينما ما حصل مع الدكتور ذياب مقلق، والنخب المنظمة في الواقع الحزبي وحتى النقابي بدأت تشعر بالحاجة إلى رسائل أنعم قليلاً تقول ضمنياً إن المرجعيات أقل زحاماً، وإن بعض العبارات التي كانت السلطات تهضمها في الماضي لا يزال من الممكن هضمها، إلا إذا كانت رسائل الاعتقال تحفر في أعماق مختلفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى