اراء و مقالات

مستجدات ميكروفون برلمانيي الأردن: «تسليح» المقاومة… الانضمام إلى «المجاهدين»… زحف العشائر وحجب الثقة

عمان – «القدس العربي» : قد يكون من الصعب تخيل القطب البرلماني والمشرع الأردني عبد الكريم الدغمي في هيئة «مجاهد» ينضم إلى المقاومة خصوصاً الآن، ليس بحكم السن فقط، كما ألمح، لكن بحكم الخلفية الفكرية والسياسية التقدمية.
في كل حال، تحدث الدغمي مجدداً بتلك اللهجة التي تقترح باسم الشارع الأردني الانتقال إلى منهجية دولة المواجهة، حيث نقلت إذاعة محلية عن الدغمي دعوته المباشرة إلى تسليح الانتفاضة والشعب الفلسطيني من قبل بلاده والدول المجاورة، بعدما ثبت بأن المفاوضات ليست أكثر من «مضيعة للوقت».
يخالف الدغمي هنا، كرجل دولة، كل ما هو معروف من أدبيات لها علاقة بالدولة الأردنية وانحيازاتها لعملية السلام على الأقل منذ عام 1994 وحتى ما قبل ذلك، وإن كانت تلك مبالغة درامية إلى حد ما لها علاقة بالإيقاع النفسي والأخلاقي والإنساني الذي فرضته المواجهة الأخيرة في فلسطين على الأردنيين، حكومة ومؤسسات.
في كل حال، يحاول أعضاء مجلس النواب التفاعل مع الحدث، والوسيلة الوحيدة المتاحة هو الميكرفون طبعاً، وضمن منطوق رسالة ضمنية يحاول عبرها نواب الأمة الإيحاء بأنهم في القضايا الوطنية الملحة ليسوا في جيب أي حكومة. يقترح بعض النواب هنا أن رفع منسوب التوقع والخطاب في المواقف الرسمية الأردنية ساهم في حالة جديدة قوامها بحث النواب عن سقف أكبر من السقف الرسمي على الأقل في الخطابة، ثم الغرق في عملية بحث إضافية عن مقعد، وسط المخيلات الشعبية بعيداً عن الحسابات الرسمية.
وتغنى مسؤولون كبار في الحكومة منذ الثالث من نيسان تحديداً بقدرة بلادهم على إسقاط صفقة القرن. وشاهد النواب وزير الخارجية أيمن الصفدي ومعه وزير الاتصال صخر دودين، يقولان بأن إسرائيل تلعب بالنار، وبأن ما يجري في القدس يتجاوز الخط الأحمر الأردني. وعندما يسمع أعضاء في البرلمان بعد انتخابات مشكوك بها كبار المسؤولين في الحكومة والدولة في خطابات تصعيدية فيها قدر من التعاطي مع إغراء الميكرفون، فقد تكون النتيجة الاسترسال برلمانياً في رفع السقف والبحث عن مساحة للمناورة، ولو لفظياً، فيما تشكل البيئة النفسية التي وضع الاعتداء الإسرائيلي الأخير الشعب الأردني فيها، ضغطاً عصبياً على خيارات نواب منتخبين جدد يحاولون البحث عن فضاء.
بالتالي، رسالة الدغمي في الإعراب عن الرغبة والاستعداد للانضمام إلى المقاومة المجاهدة قد تنطوي تحت سياق المجاز السياسي، والهدف منها انعكاس نبض الشارع ما دام نبض مؤسسات القرار عمل على إقصاء وتهميش دور شخصية من وزن الدغمي في بداية تشكيل المجلس الجديد.
القطب البرلماني الآخر صالح العرموطي، يداخل أيضاً مشتبكاً ومعترضاً في كل جلسة، وآخر مداخلاته المسموعة كانت تلك التي ينتقد فيها بؤس الخبرة في القوانين التي ترسلها الحكومة وترقبه لانتهاء الدورة البرلمانية حتى يخرج من المجلس.
الميكروفون أيضاً تسلمه النائب المستجد أسامة العجارمة، قبل أيام عندما تحدث عن «زحف عشائري» من الشمال إلى الجنوب يوم غد الجمعة، في اتجاه العاصمة عمان بعد خطاب ينتمي أيضاً إلى الأدبيات الجهادية المقاومة. لافت جداً أن العجارمة هنا لم يحدد سبب الزحف الذي يتحدث عنه في اتجاه العاصمة وليس في اتجاه نقاط التلامس الحدودي مع فلسطين المحتلة.
في كل حال، يسترسل نواب الأردن في الضغط على الحكومة تحت عنوان طرد السفير الإسرائيلي واستدعاء الأردني من تل أبيب. وبعد ظهر الأربعاء، قاد النائب الإسلامي أحمد القطاونة حملة الضغط مجدداً عندما أعلن مبادرة لتوقيع مذكرة تحجب الثقة عن الحكومة، لأنها تتجاهل توصية لـ 130 نائباً طالبت بطرد سفير الكيان الإسرائيلي.
الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة شكل مادة دسمة قفزت بالقطاونة ورفاقه من كتلة التيار الإسلامي في البرلمان نحو الصدارة في قيادة جهد ملموس وسياسي ومنظم لا يقف عند حدود الخطابة فقط، بل يشتبك مع التفاصيل.
قبل القطاونة، حاول زميله الإسلامي ينال فريحات إنعاش الذاكرة المختصة بقرار سابق لمجلس النواب يطالب بإلغاء اتفاقية الغاز الإسرائيلي، والنائب محمد الظهراوي شوهد يطالب بوزراء متشددين رداً على اليمين الصهيوني، والإسلاميون في القيادة المبرمجة التي لا ينتج عنها صدامات مع الدولة وبالتوازي في الشارع وتحت قبة البرلمان.
المزاج العام لا يسمح لحكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة بالاستمرار في تجاهل سعي نواب للتصعيد الدبلوماسي، والرهان على عنصر الوقت ينفد بعد الشارع في انتظار ترقب حالة دولية تسمح بهدنة أو اتفاق لوقف النار على أمل تجنب الخيارات الصعبة دبلوماسياً، وعلى أمل الانتقال إلى تلك الممارسة الرسمية المعتادة بعنوان المساعدة في إسعاف وإنقاذ ضحايا العدوان الإسرائيلي بعد الإخفاق في وقفه أو منعه، حيث تسترسل الأسئلة بعدما صعد رسميون بالخطاب وتركوا الجواب عند الحديث عن خطوط المملكة الحمراء وعن إسرائيل التي تلعب بالنار.
يبدو في المحصلة أن وقف العدوان هو الطريقة الوحيدة التي يمكنها مساعدة الحكومة في تجنب كمائن التصعيد البرلماني، فالجو العام لم يعد يسمح باستقرار واستمرار التطبيع مع إسرائيل بعدما تكسرت صفقة القرن على الصخرة الأردنية إذا ما استمر اليمين الإسرائيلي في الإدارة والحكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى