اراء و مقالات

حساسية شعبية مرتفعة جدا في الأردن ضد أي «مسلك تطبيعي» وبدون توجيه حزبي أو لجان

عمان ـ «القدس العربي»:تزداد وتتكثف الأدلة والقرائن في الإطار المحلي الأردني على أن درجة الحساسية الشعبية والاجتماعية وحتى السياسية من مسألة التطبيع ارتفعت إلى حدود هي الأقصى الآن في ظل إيقاعات معركة طوفان الأقصى والمجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي باعتباره يمثل دولة لا يزال الأردن يقيم اتفاقية سلام معها ضد الأهل في قطاع غزة وحتى ضد أبناء الضفة الغربية.
مسلك أي مواجهة أو أي جزئية تطبيعية أصبح صعبا ووعرا بدلالة ان الأنباء عبر منصات إلكترونية وحتى عبر تصريح رسمي لوزارة الزراعة عن وجود عدد محدود جدا من التجار السماسرة الذين يحاولون تصدير أو قاموا بتصدير البضائع والمنتجات الزراعية من منطقة الأغوار باتجاه دولة الكيان الإسرائيلي تدحرج وأصبح قضية رأي عام.
شاهد الجميع الأمين العام لأكبر الأحزاب السياسية في البلاد وهو الشيخ مراد العضايلة على رأس عشرات من المواطنين الذين قرروا احتجاجا على بوابة وزارة الزراعة على ما أسموه بالصمت والتواطؤ مع وجود بعض التجار الذين يصدرون البضائع للعدو الإسرائيلي في الوقت الذي انطلقت فيه ما يشبه عاصفة إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بتحديد أسماء هؤلاء.
راقب الرأي العام بكثافة شديدة وحساسية مفرطة هذه الأيام أنباء ومعلومات غير مؤكدة عن وجود شحنات من الخضار والفاكهة يصدرها سماسرة أردنيون دخل المزاج العام في منطقة البحث عن هوية وأسماء هؤلاء.
وفي إطار رد الفعل الشعبي العارم يبدو انه وزارة الزراعة اضطرت للرد والتوضيح بانها لا تقيم اي بروتوكولات زراعية بصفة مباشرة ورسمية مع الكيان الإسرائيلي.
وصدر عن اتحاد المزارعين توضيحا لنفي التهمة عن نفسه بمعنى ان الإتحاد لا يوجد في سجلات الأعضاء فيه اي مزارعين اردنيين يقومون اليوم بتصدير خضار وفاكهة إلى الاراضي الفلسطينية المحتلة.
رغم ذلك إحدى الروابط للمنتجين الزراعيين أبلغت بوجود أربعة سماسرة مسجلون كشركات مستوردة في سجلات الحكومة الاردنية وبالتالي لا أحد بموجب القانون يستطيع منعهم من شراء اي بضاعة وتصديرها.
لكن اعتصام النشطاء المحتجين يعيد تذكير وزارة الزراعة بانها هي الجهة المخولة بإصدار أذونات التصدير أصلا.
وبالتالي تقررت مظاهرة بشعار سياسي مع لافتات وخطابات على بوابة وزارة الزراعة.

جسر بري لنقل البضائع

قبل ذلك اثير جدل حول تسريبة اضطر رئيس الوزراء شخصيا بشر الخصاونة ليس لنفيها فقط ولكن لاتهامها بالكذب.
وهي تلك التسريبة التي تشير مع انها غير دقيقة إلى جسر بري لنقل البضائع من الإمارات باتجاه الكيان عبر السعودية والأردن.
واجتهدت هنا مجددا وزارة النقل في إصدار بيان توضح فيه للرأي العام بان البروتوكول في قطاع النقل البري كما هو ولا يوجد اي مستجدات عليه على أمل ان تخمد حالة الانفعال الشعبية.
عمليا اضطرار بعض الوزارات الخدماتية لإصدار هذه البيانات دليل اضافي على مستوى حساسية الشارع الاردني تجاه التطبيع في هذه المرحلة بدلالة ما حصل حسب السياسي مروان الفاعوري في مسألتي الإضراب والمقاطعة حيث اتجاهات لا تقبل تفسيرات لعوبة لموقف الشعب الأردني من مجمل تفاصيل بقاء أي علاقة من أي صنف بعد العدوان مع إسرائيل.
والأهم ان مثل هذه البيانات الرسمية والوزارية مؤشر إضافي على إدراك الحكومة وصناع القرار الوزراء لحساسية مثل هذه الشبهات او المسلكيات التطبيعية في هذه المرحلة.
أنعشت معركة طوفان الأقصى كل لجان مقاومة التطبيع الأردنية وبدا ان مقاومة التطبيع لا تحتاج إلى اللجان النقابية ومؤسسية فالمزاج الشعبي العام يميل إلى المقاطعة.
وفي الاتجاه المعاكس لأي تطبيع من اي صنف مهما صغر او كبر وقد توثقت مراكز القرار في الدولة ومجساتها ذلك مرتين على الأقل بعد السابع من أكتوبر.
في الأولى عندما تصدر الاردنيون قائمة الشعوب العربية الأكثر التزاما بمقاطعة منتجات السلع التي يتردد ان شركاتها الأساسية تدعم الكيان.
وفي الثانية عندما أطلقت احدى الفتيات في تركيا مبادرة لإضراب أسمته بالعالمي فالتزم به الشعب الاردني بنسبة كبيرة تتضمن رسائل لا يمكن إنكارها حتى ان بعض الاجتهادات حاولت “شيطنة الحراك الشعبي لصالح الإضراب واتهامه في مسلكية يقدر الفاعوري مجددا أنها تنم عن “عقلية وذهنية” رسمية لا تريد فهم انحيازات الأردنيين ولا تزال قاصرة عن التعبير عن موقفهم.
واحدة من تداعيات طوفان قطاع غزة هي تلك التي تقول بان دروب التطبيع بعد الان يبدو انها في قياسات الشارع العام الاردني ستكون معقدة للغاية وأي مشوار بعد طوفان الأقصى باتجاه “تبرير” احتياجات التطبيع أطاح بها العدوان الإسرائيلي بدلالة ان دعاة التطبيع والمدافعين عنه لا يتجرأ أي منهم اليوم لتكرار تحذيراتهم.
وبدلالة أن الحاجة لم تعد ملحة للجان نقابية او حزبية تحذر من التطبيع أو ترصده فالرأي العام في مستويات حساسية مرتفعة للغاية وصلت أيضا لمستوى الزوايا الضيقة التي يقول السياسي الدكتور ممدوح العبادي في محاضرة له مساء الثلاثاء انها تواجه شريحة “الخواجات” من منظري العلاقات والسلام.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى