اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن: بالجملة وصفات «مالية» تنهال على الرزاز: اجمع واقتطع واتخذ قرارات

 لا يزال الرقم صغيراً.. بل بائساً بالنسبة إلى بعض الأردنيين عندما يتعلق الأمر بسؤال سبق أن طرحته «القدس العربي» علناً على لسان طبقة من رجال الدولة لأصحاب رؤوس الأموال والشركات: متى تقفون مع الوطن؟
الحديث عن جمع 92 مليوناً من الدنانير فقط بعد شهر من إعلان حرب الفيروس كورونا لصالح مجهودات وزارة الصحة الأردنية وضحايا التعطيل والحظر. المبلغ رقمياً يخالف كل التوقعات، وأغلبه جاء من القطاع البنكي وكبريات الشركات.
في وقت سابق، عبر رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز عن استفساره لأن حصيلة التبرعات لصندوق «همة وطن» أقل مما ينبغي، وبعد الوصول إلى سقف الـ70 مليون دينار قررت اللجنة التي تتولى الأمور برئاسة المصرفي والسياسي المخضرم عبد الكريم الكباريتي «إجراء المزيد من الاتصالات». وواضح أن سقف التبرعات الرقمي أقل من توقعات الحكومة واللجنة. والكباريتي يريد أن تنتهي المهمة ويغلق الملف وبأسرع وقت ممكن، مع إصراره على تلبية الواجب عندما طلب منه.
الذي كشف عن المبلغ الأخير في حدود أقل بقليل من 93 مليون دينار هو عضو اللجنة نائب رئيس الوزراء الأسبق جمال الصرايرة. اللجنة نفسها عملياً لا تتحدث كثيراً في الملف. والحكومة لا تقول شيئاً بخصوص سقف التبرعات سوى أنها ستنشر أسماء المتبرعين في الجريدة الرسمية، وهي بحد ذاتها رسالة ضمنية توضح فيها الحكومة بأن المواجهة الصحية مع الفيروس تحتاج حقاً إلى مال لم يكن مرصوداً في الميزانية المالية.
الإشكال في مساره المالي لا علاقة له فقط بالنفقات التي تطلبها عمليات المواجهة الطبية والاستقصاء الوبائي، وليس طبعاً بالرواتب.. فقد أعلن وزير المالية الدكتور محمد عسعس عدم وجود مشكلة أصلاً. والإشكال المالي قد ينتج عن التأثيرات السلبية لمواجهة الفيروس ومتطلبات الحظر والإغلاق على الأسواق وقطاعات كبيرة من العمال والموظفين والأقل حظاً.
«هؤلاء يحتاجون إلى المساعدة، والأسواق تأثرت».. هذا ما قاله نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور محمد الذنيبات وهو يشرح لـ»القدس العربي»، تجنباً لأي سوء فهم لمقاصده من دعوته الشركات الكبيرة للتضامن مع الوطن. يصر الذنيبات على أن حديثه عن الاقتطاعات وليس عن الأثرياء الأردنيين، وهو ضد نشر أي أسماء، ولا يتحدث عن الأفراد بل عن شركات كبيرة لديها «أرباح جيدة جداً» أيضاً ويمكن للحكومة، بالتوافق أو بأمر دفاع أو بدونه أو بالتشاور، أن «تقتطع» نسبة من هذه الأرباح للعام 2019.
يوضح الذنيبات أن ذلك مقصده، ولا يمانع أن يحصل ذلك بأي ترتيب تحت ستار المسؤولية الوطنية، ولا يمانع أن يحصل على شكل اقتطاع مباشر أو ضريبة لمرة واحدة بغطاء يتيحه الدستور أو حتى على سبيل الاقتراض من هذه الأرباح.
يريد عدم الضغط على الخزينة والميزانية أكثر، وتوفير ملاءة مالية مرحلية توفر نحو 350 مليون دينار على الأقل لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، ويتوقع أن تتضامن الشركات الكبيرة دائمة الأرباح مع الوطن هنا، لأن الحماية وفرتها الدولة لها أصلاً طوال الوقت عبر التراخيص وترك بعضها في الأسواق وحيدة، وهو سبب في أرباحها. يريد الخبير الإداري التربوي والبيروقراطي العريق أيضاً خطوات مدروسة لتحريك الجمود الضريبي، لأن عوائد الضريبة المباشرة تأثرت سلباً طبعاً بالوضع الحالي.
وقد اضطر الذنيبات إلى إعادة شرح وجهة نظره في مسألة الاقتطاع من أرباح الشركات الكبرى بعد جدل أثاره رأيه في هذا المجال خلال اليومين الماضين. وعليه، مال لأن يكون وعبر «القدس العربي» متحدثاً عن مقترحات عملية عن الشركات وليس الأفراد.
وتبدو النخبة الأردنية مهتمة بمساعدة الحكومة في اقتراحات لها علاقة بالجدار المالي حصرياً في مواجهة فيروس كورونا، خصوصاً وأن الذنيبات يصر على أن السنوات المقبلة ستكون «صعبة وليست سهلة».
وهنا اقترح رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري «مقاربات مدروسة» بعمق، متحدثاً عبر مقابلة تلفزيونة عن «شهر جلس الأردنيون فيه بالبيت يحتاجون إلى سنوات للتعافي منه»، وعن نظام عالمي جديد وفقر وبطالة ومعطيات تبدلت وتغيرت.
المصري كان قد أبلغ «القدس العربي» في وقت سابق بأن المطلوب أردنياً مقاربة مبتكرة بعدما تبدلت الأنماط والتحالفات والتحديات. وقبل الجميع.. عندما تعلق الأمر بالرئيس الأسبق سمير الرفاعي، تحدث عن اقتطاع من صنف آخر له علاقة بـ2% من الأرصدة التي تزيد عن سقف معين واعتبارها بمثابة قرض آجل بسندات رسمية وبفائدة صفرية، بهدف توفير سيولة نقدية وتجنب إرهاق الخزينة. لكن عملياً، كل الآراء تتحدث عن «سنوات صعبة» على الأردنيين في الطريق، وتحاول «تقديم النصيحة»، وحيث الوصفات تنهال على الرئيس الدكتور عمر الرزاز.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى