اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن بعد «تجريف» المحتوى السياسي: العشائر لا «تستمع» للنواب والمرشحين والشارع «لا يبدو مهتماً» بالانتخابات

 

 يلتقط المرشح الأردني البارز للانتخابات النيابية المقبلة والخبير البيروقراطي المخضرم، سامح المجالي، ما هو جوهري في مسألة الاشتباك الإيجابي مع ملف انتخابات 2020 عندما يقر، وبشفافية، بأن «الناس لا يبدون مهتمين حقاً».
وهو يريد ومعه آخرون كثر في واقع النخبة الوطنية، التأكد من أن الانتخابات ينبغي أن تبقى دوماً في إطار شرعية التحفيز الوطني. لكن الواقع يوحي بالعكس أحياناً، فحتى قبل تسعة أسابيع بالأكثر من الموعد المقرر للانتخابات، يرجح القطب البرلماني عبد الله العكايلة، أمام «القدس العربي»على هامش نقاش مع عدة شخصيات، بأن الدولة إذا لم تتحرك في اتجاهات إيجابية في الفترة القصيرة المقبلة فقد نشهد جميعاً حالة عزوف نادرة عن الانتخابات.
خلافاً لكل مرة، في عناصر الاشتباك المألوفة مع المشهد الانتخابي يطرح الساسة والمرشحون والنواب، مبكراً، تساؤلات حائرة عن نسبة الاقتراع وعن مصاعب إقناع الجمهور بأن الانتخابات المقبلة محطة أساسية ومؤثرة في طريق تجاوز الامتحان أولاً على المستوى التمثيلي والديمقراطي، وثانياً على مستوى تجاوز المحنة التي نتجت أو ستنتج في المسار الاقتصـادي تحديداً لمرحلـة تداعيات مـا بعد الفـيروس كورونـا.

تجاهل نواب وأحياناً ضربهم والميكروفون للأصوات «الحادة» فقط

مبكراً، أراد النائب والوزير السابق والخبير الاقتصادي، الدكتور محمد الحلايقة، تذكير الجميع وبموقف علني، بأن الأردن قادر بمؤسساته وتوجيهات قيادته وقواه الاجتماعية على الاستثمار في الراهن وتحويل امتحان المحنة في فيروس كورونا إلى منحة.
ذلك دوماً – في تقدير الحلايقة وغيره – يتطلب برامج وطنية معدة سلفاً، ورغبة حقيقية في الانتقال الديمقراطي وهضم النتائج والتداعيات عبر انتخابات حرة ومستقلة تعيد المصداقية إلى عمليتي الاقتراع والتمثيل الانتخابي على أساس وجود برلمان صلب وقوي يساند الدولة والناس. لكن الشكوك صلبة وتنمو في قدرة وجاهزية الانتخابات المقبلة على التأسيس لحالة وطنية تحتوي التجاذب، وتعمل على تمكين الجبهة الداخلية والتأسيس لمجلس نواب حقيقي يكرس التحول والمشاركة.
ثمة في المسار الداخلي قرائن تتطور أحياناً إلى أدلة على ما يسميه نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي، بتجريف المحتوى السياسي وتفتيت مع تفكيك العمل المدني بشقيه الحزبي والنقابي، في وصفة لا يمكنها أن تنسجم مع السعي الجديد لفتح صفحة جديدة عبر الصندوق والانتخابات.
في الأفق حوادث طرد وضرب لأعضاء في البرلمان الحالي من قبل ناخبيهم وأبناء عشائرهم ومناطقهم. وفي الأفق تحقيقات مبكرة بالمال السياسي وصعوبات بالجملة في تشكيل قوائم انتخابية حقيقية تخوض المنافسة بإنصاف وعدالة.
وفي الجوار مرشحون حائرون، وعمليات تبرع وتطوع واسعة في الاتصال بالسلطات التنفيذية، وبقاء أطول للشكوك في منظومة النزاهة وتحري الإنصاف، وهيئة مستقلة تدير الانتخابات وتبلغ الشعب مسبقاً وعبر رئيسها بأن انتخابات الماضي عامي 1989 و 2007 شهدت تلاعباً وتعييناً لبعض النواب.
لا أحد في كل مستويات القرار في الدولة حتى الآن قدم تفسيراً لموجبات وأسباب ذلك الإفصاح النادر عن حصول تلاعب مرتين على الأقل.
ولا أحد يقدر، إلا بعض المرشحين، حجم التشكيك فيهم وفي البرلمان عند التواصل الاجتماعي بأوساط المطلعين والناخبين بالرغم من التسهيلات التي قررتها خلية الأزمة المختصة بالفيروس كورونا عندما استثنت اجتماعات الإجماع العشائري فقط من أوامر الدفاع.
حتى العشائر لا تريد الإصغاء لمن يمثلها في البرلمان، ولا تصدق المرشحين اليوم، الأمر الذي يعتبر من المؤشرات الحساسة جداً خصوصاً في الأطراف والمحافظات وفي أوساط الولاء المألوف للمؤسسة الرسمية بعد أن كان الاستعصاء والعزوف حكراً على المدن الكبيرة ومكوناتها الاجتماعية التي لا تؤمن بالمكونات والتمثيل ولا تتحمس لهما.
مبكراً سأل مرشح بارز للدائرة الثالثة للعاصمة عمان ناخبيه في أثناء اجتماع لهم: هل أنا مفوض وكامل الصلاحيات في الموقف؟ وجاء الجواب بكلمة «لا» فقرر المرشح الامتناع عن ترشيح نفسه. وفي الكرك جنوبي البلاد، لا يريد المواطن أن يصغي أو يستمع لمزيد من العروض. ويؤكد المجالي هنا بأن المزاج الشعبي سلبي حتى اللحظة من مجمل العملية في مشهد يستحق التأمل والتوقف عنده حتى لا تصبح الانتخابات المقبلة إجراء يزيد في تعقيد موقف معقد أصلاً.
الأكثر حساسية ما قد ينتج عن إجبار المجتمع على انتخابات جديدة في ظرف اقتصادي ووبائي حساس جداً من اتجاهات في بوصلة الناخبين تحاصر وتناكف المعتدلين من المرشحين أو المقربين من السلطات منهم، وبصيغة تنتهي بانتقال الأصوات في الاقتراع للمعارضين والشخصيات الحادة فقط، بما في ذلك الحراكيون والإخوان المسلمون، وفي بعض المناطق الحادون من المعلمين أيضاً.
قد تخفق المعايير، إذا ما عبرت الانتخابات -في ظل الضغوط الحالية- في منع من يصفهم رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري بـ «الكاظمين الغيظ» عن الالتحاق بصفوف المعارضة عبر الانتخابات أو في التصويت لأصحاب السقف المرتفع فقط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى