اراء و مقالات

الأردن: واقع الحال معقد والملف المعيشي ضاغط

انفراج في «إطالة اللسان» و«المسكوت عنه» في تحليل ملف «العجارمة»

عمان – «القدس العربي»: رغم قساوة ظروف السجن ووحدة العبارات التي رافقت ظهور حالته وتأثيراتها وتداعياتها، يمكن القول بأن الإفراج قد يكون وشيكاً عن عضو البرلمان الأردني السابق أو المفصول أسامة لعجارمة ضمن حزمة يقول المراقبون الحقوقيون إن لها علاقة بأمر ملكي صدر قبل أسبوعين بوقف المتابعة القضائية في بعض قضايا إطالة اللسان.
برز العجارمة بصفته ظاهرة اجتماعية وسياسية وبرلمانية بإيقاع متسارع حراكياً عشية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة داعياً بخطاب حاد ومتوتر إلى حد بعيد إلى توحيد صف العشائر الأردنية. انتهى البرلماني الشاب بقرار سريع اتخذ خلال سبع دقائق فقط من زملائه في مجلس النواب يقضي بفصله فوراً بسبب تجاوز الحدود الدستورية.

الأعمق لم يقرأ بعد

لكن وجوده في السجن لم يؤدِ إلى وجود أو رصد أي تيار اجتماعي أو سياسي يطالب بالإفراج عنه ودخل البرلماني الشاب سابقاً بحالة إضراب عن الطعام أضرت به صحياً لكن عائلته أو المقربين منه يراهنون الآن على احتمالية الإفراج عنه قريباً.
الأعمق عملياً لم يقرأ بعد في مسألة العجارمة. والأهم أنه لا أحد حتى هذه اللحظة في الدائرة السياسية المقربة من قوى الشارع أو حتى المقربة من دوائر القرار لديه انطباع أكيد وحاسم بأن ظواهر الاعتراض ببعدها الفردي وفي بعض أوساط أبناء العشائر الأردنية أو المناطق الأردنية لا يمكنها أن تتكرر، فقد انفض التضامن العشائري عن النائب الشاب أسامة العجارمة وتركه حتى أقرباء له من أبناء قبيلته بعد التحلق حوله لعدة أسابيع بسبب الخطاب الحاد الذي كان يتبناه.

انفراج في «إطالة اللسان» و«المسكوت عنه» في تحليل ملف «العجارمة»

ويمكن القول بأن الجزء الأساسي من عدم استمرار الخطاب الذي كان يتبناه العجارمة الشاب قد تكون له علاقة بطبيعة الاعتراض والاحتجاج في أوساط أبناء المناطق الأردنية في العادة وله علاقة أكيدة على الأرجح بتقاليد الأردنيين في الاعتراض والاحتجاج، فهم على الأرجح يخاطبون القصر الملكي كملاذ والاعتراض والاحتجاج يطال الحكومات وكبار المسؤولين. وأحياناً، حتى الأجهزة الأمنية والجنرالات في بعض التفصيلات، لكن السقف الذي كان يتحدث فيه أمام من اختفوا عن الشاشة، والرادار أسامة العجارمة كان مختلفاً، مما دفع بعض الأوساط حتى العشائرية للتخلي عن التضامن معه في وقت لاحق.
ما ينبغي أن يدرس الآن تكرار هذه الظاهرة تحت وطأة أرقام البطالة والوضع الاقتصادي المتردي جداً من بين الاحتمالات الآن، فسياسيون من بينهم مروان الفاعوري يحذرون من أن عودة الإيقاع المتعلق بغياب الإصلاح الجذري السياسي الحقيقي والبحث عن مقاربات اقتصادية والتخلص من طريقة اختيار الوزراء والمسؤولين عناصر أساسية حتى لا تتكرر المشاهد التي تسببت بالأذى للأردنيين على مستوى الحكومة والشارع قبل عدة أشهر.
بالنسبة للفاعوري أسباب الحراك والاحتجاج لا تزال قائمة والضغط الاقتصادي والمعيشي على المواطنين الأردنيين كبير ولا يوجد شعور بأن الحكومات المتعاقبة تؤسس لمقاربات وطنية مسؤولة يمكن أن تغير في وقائع الحال. وهي مسألة قد يتفق مع جزء منها رئيس غرفة تجارة عمان، خليل الحاج توفيق، وهو «ينصح» مجدداً الحكومة بالحذر من تجاهل مؤسسات المجتمع المدني والأهلي وعدم وجود معادلة حقيقية لتأسيس شراكة بين القطاعين العام والخاص.

مقاربة «الحاج»

وفي مقاربة الحاج توفيق الحاجة ملحة لاستراتيجية عمل أفقية تتمتع بالمسؤولية وتؤسس لشراكة حقيقية بين مؤسسات القطاعين العام والخاص. خصوصاً في ظل خيارات اقتصادية محدودة وعدم بروز أي خطط تحفيزية حقيقية على الأقل فيما يخص التفاعل والتعامل مع قطاعي التجارة والخدمات وهما يشكلان نسبة كبيرة جداً من الحركة الاقتصادية النشطة، لا بل أحياناً من موارد الدولة. وهي مسألة شعرت القدس العربي في وقت سابق بأن وزير المالية في الحكومة، الدكتور محمد العسعس، على الأقل يدركها ويقر بها ولديه قناعة بأن الفرصة ينبغي أن تكون متاحة لتحفيز النمو الاقتصادي على أساس الشراكة الوطنية وليس على أساس الاسترسال في فرض الضرائب.
ومن يستمع اليوم لخبراء السوق والمعادلة الاقتصادية يشعر بأن السيناريوهات قد تكون مزعجة وأن انتقال مستوى البطالة في قطاع وفئات الشباب على الأقل بموجب ما أعلنه الوزير العسعس شخصياً بصفة رسمية في وقت سابق إلى 50 % يعني مؤشرات مقلقة وتوفير أرضية لاستمرار الحراك الشعبي. والحراك السياسي الذي يعبر عن رأيه في إطار توازنات يعرفها الجميع وتحديداً في صفوف السلطة.
لكن الأسباب التي سبق أن أدت إلى ظاهرة أسامة العجارمة وفي الجزء المسكوت عنه قد تكون لا تزال على قيد الحياة ومؤهلة للتكرار ما لم تؤسس الحكومة لحالة اشتباك مختلفة في التفاصيل خصوصاً وأن المبادرات المتعلقة في الحراك الإقليمي التجاري والاقتصادي لم تؤت أكلها في وقت سريع بحيث تتطبق القواعد المرجعية الملكية المعلنة منذ سنوات طويلة للأردنيين وهي أن هدف الحراك الدبلوماسي السياسي والخطط التحفيزية الحكومية هي أن تنعكس الآثار الإيجابية عندما تحصل على المواطن الأردني مباشرة، الأمر الذي لا يحصل حتى هذه اللحظة.
ثمة خطوة بقيت صغيرة في اتجاه خطة شمولية أكثر وإلى انفتاح سياسي حقيقي تم التعبير عنه مؤخراً بمشروع وثيقة تحديث المنظومة السياسية للبلاد.
لكن الحديث عن التحديث لا يكفي، فوقف التدخل الأمني برأي الأمين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي الشيخ مراد العضايلة هو الأساس المقنع لأي مبادرات تتطلع إلى المضي قدماً إلى الأمام وفتح صفحات جديدة حتى يتمكن الناس والحكومة من التشاور والتشارك لامتصاص الآثار الاقتصادية الصعبة والمعيشية مما يتطلب إجراءات حكومية وأمنية خالية من التدخل والضغط على الأعصاب الحيوية سياسياً للناس وللجمهور والشارع والقوى السياسية والشعبية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى