اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن: تكنوقراط طبي يطرح أسئلة حرجة وملف كورونا في عهدة طاقم جديد

 تقصد وزير الصحة الأردني الأسبق، الدكتور سعد الخرابشة، بالتأكيد، الضغط على الجرح البيروقراطي الذي ينزف الآن عندما يتعلق الأمر بالملف الصحي والوبائي، عندما سأل علناً بالصيغة التالية: ما الذي تعنيه وفاة أكثر من 12% من مرضى كورونا الأردنيين داخل غرف العناية الحثيثة وهم على أجهزة التنفس؟
هذا السؤال يتبعه الوزير الخرابشة بسؤال آخر: هل يعني ذلك أن الأطقم التي تعمل داخل غرف الإنعاش تتعامل مع البروتوكولات العلاجية وتقوم بواجبها كما ينبغي؟ سؤالان في غاية الأهمية من طبيب ووزير سابق للصحة يمكن القول إنهما، سياسياً ووطنياً، مطروحان بقوة اليوم على طاولة وزير الصحة الحالي الدكتور نذير عبيدات، الذي يبحث منذ أن تسلم مهامه يوم الإثنين الماضي دستورياً عن مقاربة واستراتيجية جديدة للتعامل مع تحديات التي تفرضها تطورات ملف الوباء وفيروس كورونا على المشهد الداخلي.

إجابات واضحة

بالتأكيد، لا يمكن القول بأن الوزير الحالي الدكتور نذير عبيدات وهو يحاول إعادة هيكلة التعاطي مع مسألة أو ملف فيروس كورونا يملك إجابات واضحة على ما يقترح من تساؤلات بقصد إحداث نوع من الصدمة البيروقراطية التي تستوجب التصرف وبسرعة وبطريقة عاجلة وفقاً لما يقول الخبراء وأطباء إنه القصد الأساسي لملاحظة الدكتور الخرابشة القاسية، في الإشارة إلى ما يحدث داخل الغرف الإنعاش، الأمر الذي ينتهي بإلقاء الأضواء قصداً سياسياً وإعلامياً وطبياً، إن جاز التعبير، عما يحدث في القطاع الصحي برمته.

«وفاة أكثر من 12% من المرضى»… لماذا تزيد حالات الموت بسبب الجائحة؟

وما يعرفه الجميع أن الدكتور الخرابشة كان طرفاً في الحوارات بين الخبراء على المستوى الملف الصحي أو القطاع الصحي في الأردن، وشارك في هذه الحوارات الوزير عبيدات قبل توليه وزارة الصحة وبعض الخبراء، بينهم وزير الصحة الأسبق الدكتور سعد جابر، وكذلك الطبيب البارز وعضو مجلس الأعيان الدكتور هايل عبيدات، وآخرون من المختصين في القطاع الوبائي، الذين تم إبعادهم عن واجهة إدارة المشهد وعن الاستشارات في عهد الوزير السابق سعد جابر.
في كل حال، تجتمع اليوم في عهد الحكومة الجديدة التي ترأسها ويترأسها الدكتور بشر الخصاونة، نخبة الأطباء والمختصين والخبراء في إدارة القطاع الصحي العام في الأردن على حلقات تشاور ضيقة جداً داخل المستوى السيادي ومؤسسات القرار، على أمل الوصول إلى مقاربة جديدة في التعاطي والاشتباك مع التحديات الكبيرة التي يفرضها على القطاع الوطني فيروس كورونا، حيث نمو كبير في عدد الإصابات يقابله نمو صادم في عدد الوفيات قياساً بتراث أو سجلات الأرقام الأردنية. وحيث أيضاً وجود فريق جديد في الاشتباك مع الفيروس بقيادة مسؤول ملف كورونا الجديد في ملف الصحة الدكتور وائل الهياجنة، وهو نفسه الطبيب الذي طالب علناً قبل توليه مهامه الجديدة بإجراء تحقيق قضائي ورسمي وعلمي بما سمي بثغرة المعابر والحدود في عهد الحكومة السابقة برئاسة الدكتور عمر الرزاز.
ولم يعرف بعد ماذا كان الهياجنة، وانطلاقاً من موقعه في العمل على الوباء مع وزير الصحة الجديد، سيعمل على تطبيق ما طالب به من تحقيقات حول ثغرة الحدود والمعابر، التي يعتقد إلى حد بعيد أنها الثغرة التي تسببت بالموجة الثانية من فيروس كورونا.

تصاعد الإصابات

في كل حال، النمو الكبير في الإصابات وعدد الوفيات في الأردن بدا يقرع كل أجراس الإنذار ويقلق السلطات الصحية وسط مخاوف تنمو وتزيد وتتزايد على صعيد احتمالات إلحاق ضرر كبير في قطاع أو في إدارة القطاع الصحي، الأمر الذي كان منشغلاً به طوال الوقت في التحضير لحكومته الجديدة الرئيس الدكتور الخصاونة، وفقاً لما لمسته مباشرة «القدس العربي» من مقربين منه على هامش حوارات التشكيل الوزاري، حيث أولوية مطلقة للوباء وإعادة هيكلة ملف المعنيين بإدارة ملف كورونا، والحرص على سلامة وبقاء وصمود وتماسك النظام الصحي البيروقراطي الرسمي، بالتوازي مع خطة طموحة لإنشاء المجلس الطبي للوباء والأمراض المزمنة.
والتلميحات في هذا الصدد، على هامش تولي الحكومة الجديدة لمهامها، تتزايد سياسياً وعلى مستوى طبقة التكنوقراط من الأطباء الذين يعملون في إدارة أجهزة الدولة حول تحقيقاتهم في أن تحصل أو تتصاعد في ملفات التعامل مع تداعيات فيروس كورونا في الماضي القريب، وهي مسألة قد تخضع في النهاية إلى تقدير المطبخ السياسي في الحكومة الذي يفضل العمل على تحسين أداء الخدمة العامة وتطوير فعاليات الاشتباك والسيطرة على الفيروس ونموه وتجنب الوصول إلى حالة تفشي خارجة عن السيطرة أكثر من الانشغال في هذه المرحلة بتصفية الحسابات مع عهد الوزير السابق الدكتور جابر أو مع غيره وأكثر من الانشغال مع الحديث عن أرقام وبيانات وأنواع من التضليل وبعض أنماط المخالفات في إدارة ملف المطاعيم وبطاقات الفحص المتخصصة بكورونا، وغيرها من القضايا التي باتت مطروحة.
ومن المرجح أن تتفاعل هذه الحوارات بين الأطباء، خصوصاً مع وجود وزيرين بخلفية علمية لها علاقة بالوباء والوضع الصحي هما في الحكومة وزير الصحة عبيدات إضافة إلى وزير المياه الذي تميز في الآونة الأخيرة قبل توليه حقيبته الوزارية ببيانات وإفصاحات تظهر القدرة لديه شخصياً على قراءة منحنيات الوباء وتوقع الكثير من الحالات واحتمالات ظهور الوباء في السياق الجغرافي. والإشارة هنا قوية بيروقراطياً إلى أن وجود رأيين في إطار الوباء داخل مجلس الوزراء سيساعد بقية الوزراء ووزراء الحكومة في وضع خطة وتدابير وقائية محتملة، خصوصاً وسط قناعة جميع أوساط القرار بأن الملف كورونا له علاقة الآن – كما قال الوزير عبيدات – بالأمن الوطني والصحي وليس فقط بالجوانب الصحية.
بالإضافة إلى أن المطلوب – كما سبق أن اكد الطبيب الجنرال معين حباشنة لـ»القدس العربي» بصورة وجاهية – ليس فقط التصدي للوباء، ولكن عدم ترك النظام الصحي وعدم تراجع خدمات القطاع الصحي بالنسبة لبقية الأمراض والجراحات والفعاليات التي كان يقوم بها بتميز بالعادة، وطوال أكثر من أربعة عقود في الماضي القريب.

نجوم الاهتمام

الطبيب الجنرال حباشنة وغيره، بالإضافة إلى عبيدات، هم اليوم نجوم الاهتمام بإعادة الخدمات الصحية الطبية التي تم تجاهلها لصالح الاشتباك مع كورونا، على أن يتولى نخبة من الخبراء والعلماء عملية الاشتباك الميدانية مع الفيروس وتداعياته في إطار استراتيجية جديدة ليس للتقصي فقط، ولكن لتجديد بروتوكولات العلاج والتأسيس على عمل أكثر من لجنة وبائية.
وهنا أيضاً يمكن ببساطة ملاحظة إعلان وزير التعليم العالي السابق، وهو عالم فيروسات يعتد به الدكتور عزمي المحافظة، عن عودته بناء على دعوة من الحكومة الجديدة إلى عضوية اللجنة الوبائية، علماً بأن وثيقة لها علاقة بخطط استجابة للوضع الفيروسي الحاد وصلت لـ»القدس العربي» وتضمنت إشارات مباشرة إلى ضرورة تشكيل لجنتين لمتابعة الوباء، تتولى الأولى الاستقصاء والتقصي وقراءة المنحنيات ووضع التوصيات للحكومة ولوزارة الصحة، وتتولى الأخرى السبل العلاجية مع العديد من التفصيلات في التوصيات والشروحات، وهو ما ستشير إليه «القدس العربي» في تقرير لاحق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى