اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن على موعد مع الاستحقاق الثلاثي

 

تبدو الأجندة السياسية في الأردن قابلة للتوقع ما لم تحصل مفاجآت عندما يتعلق الأمر بانعكاسات أزمة فيروس كورونا ليس على الاقتصاد الأردني فقط ولكن على “الطاقم” الذي ينبغي أن يقود الخطط الاقتصادية في لحظات استثنائية.

في ملف الأجندة السياسية ثمة ثالوث هو الأهم: الانتخابات وعقدها، ومصير وبقاء الحكومة الحالية، والتعديل الوزاري.

ليس سرا في العاصمة الأردنية أن تلك المسائل الثلاث تشغل جميع الأطراف وتتعرض للتكهن بكل أصنافه السياسية والاقتصادية.

وليس سرا أن التجاذب في أوج سحره بين العديد من مراكز القوى خصوصا بعد شيوع مفردة “البانكرز” وعودة النشاط في الرأي والقول على جبهات معارضين أو معترضين بارزين مثل ليث الشبيلات أو حتى الدكتور مروان المعشر.

عمليا في المساحة المخصصة لملف الانتخابات بات من المرجح بعد صدور قرار ملكي يفض الدورة العادية أمس الأول، أن تعقد بعد شهر رمضان المبارك دورة استثنائية صغيرة لتمرير تشريعات عدة قبل الدخول في الاستحقاق الانتخابي.

هنا أنتج رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات الدكتور خالد كلالده عناصر الجدل الأبرز عندما صدر عنه موقفان تقريبا بصورة تحفز التذكير بوجود تقاطعات حيث أول تلميح في التصريح الأول لانتخابات “قد تجري في الخريف المقبل”.

وتأكيد في الثاني على أن “تحديد السقف الزمني” للانتخابات منوط حصريا بجلالة الملك وصلاحياته.

يبدو أن كلالده وهو يساري حذر ونشط أصلا وجاهز كهيئة لإجراء الانتخابات بمجرد إعلانها، يتقصد رمي بالونات الاختبار في الساحة ويعكس عمليا وجود وجهتي نظر في مسألة الانتخابات تعتبران معا عقدها أو عدم عقدها في زمن فيروس كورونا رسالة مهمة بصرف النظر عن التوقيت.

ومعنى الكلام إجرائيا أن الخريف المقبل قد يكون الموعد الأولي المقرر للتحول نحو الانتخابات، الأمر الذي يعني أو قد يعني ضمنيا بأن الطامحون برحيل حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز عليهم التريث قليلا لإن الرجل قد يشرف على الانتخابات الخريفية الجديدة وفقا طبعا لما يتسرب من معسكره الشخصي.

لكن لحصول ذلك لابد من شرطين موضوعيين.

الأول هو وجود وتنفيذ “خطة فعالة جدا” لاحتواء الانهيار الاقتصادي الصعب في ما بعد كورونا حيث صرح محمد العسعس وزير المالية بأن الأيام المقبلة “صعبة”.

والثاني عدم حصول اضطراب كبير أو من الصعب احتواءه إقليميا إذا ما نفذ اليمين الإسرائيلي مشروعه بعنوان “ضم الضفة الغربية”.

وفي مثل هذه الحالة يتأمل الرزاز أن تدخل حكومته الخريف المقبل وهي بحالة استرخاء وأن يحقق بالتالي حلمه القديم بالإشراف على الانتخابات المقبلة، ولحصول ذلك عليه أن يدعم خيارا يقضي بعدم حل البرلمان وتسليم البرلمان الحالي للبرلمان الجديد بعد الخريف، وعليه أيضا أن يقدم للقصر الملكي ورقة مقنعة فعلا بعنوان “تعديل وزاري” يعالج مظاهر العيب والقصور التي ظهرت عند الفريق الوزاري الحالي ومؤشرات الخلل بعد وخلال التعاطي مع أزمة الفيروس وتفاعلاتها.

لكن في الحقيقة وكما يرصد الناشط الإسلامي محمد خلف الحديد، لا أحد في الشعب الأردني يحفل أو يهتم أصلا بالانتخابات.

ويعني ذلك عمليا أن دوائر النخبة هي التي تهتم بالانتخابات مرحليا أكثر من الشارع والرأي العام لأنه وحسب الحديد “قشرة التمثيل والديمقراطية” لا تعني شيئا.

وعليه ليس من المبكر القول إن الرئيس الرزاز متقلب على الخيارات وينبغي له فعلا وخلافا لما يوحيه بعض الوزراء المقربين منه، أن يستعد بإنضاج ورقة تعديل وزاري تنقله مع طاقمه بأمان إلى مرحلة الخريف المقبل.

منطقيا إذا تقرر فعلا السماح للرزاز بإنجاز تعديل وزاري عليه أولا أن “يختار من متعدد” على طريقة امتحانات “التعليم عن بعد” بمعنى سياسيا “وضع دائرة حول الجواب الصحيح”.

والجواب الصحيح هو على الأرجح المناورة الاقتصادية حيث أن إدارة المشهد الاقتصادي بأقل الخسائر هو المحور الأساسي بالنسبة للدولة ولمراكز القرار وليس معالجة مشاكل التواصل الشخصية عند الرزاز وبعض الوزراء أو تعبئة بعض الفراغات.

وها قد يواجه الرزاز الامتحان الأهم في ورقة التعديل الوزاري السادس ويسجل نفسه في الشريحة التالية: أول رئيس وزراء في تاريخ الأردن الحديث يحظى بتفعيل قانون الدفاع وفرصة إجراء 6 تعديلات وزارية قبل عبور عامين على تشكيله الحكومة.

الخريف الغامض مع نهايات العام الحالي باختصار هو خريف تفكيك كل أسرار المشهد السياسي الأردني حيث هوية وملامح كورونا أوضح وصعوبات الخسائر في موجتها الأولى ولدت والتحديات الاقتصادية صعبة جدا وحمالة أوجه. وحيث الملفات الثلاثة يمكن حسمها على أساس عدم المجازفة بحكومة جديدة طازجة يمكن أن تحرق بسرعة ومجانا لأسباب لها علاقة بالجوار الإقليمي وبأزمة محتملة أو بميزانية مالية جديدة ستكون معقدة وخشنة جدا وصعبة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى