اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن: فوبيا جماعة الإخوان المسلمين تعود للواجهة والعيون على “المعلمين”

 

قد يكون الأصعب فعلا هو الآتي في الأردن خصوصا مع انكشاف أزمة اقتصادية ومالية عنيفة يحذر الخبراء من أنها ستنال بصفة مباشرة من الطبقة الوسطى وشرائح العمال والفقراء وبعدد يصل إلى نحو 900 ألف مواطن على الأقل مصنفين في مستوى ما يسمى بالاقتصاد غير المنظم.

 الحديث هنا عن تداعيات الحظر والإغلاق بسبب المعركة مع فيروس كورونا، والحديث هنا أيضا عن ما يقارب من نصف مليون أردني من عمال المياومة وأكثر من 50 ألف تاجر مصنفين في المنطقة الوسطى ويديرون ما نسبته عمليا 73 في المئة من فعاليات الأسواق والدورة الاقتصادية.

تلك أرقام ووقائع يصر رئيس غرفة تجارة عمان العاصمة خليل الحاج توفيق على أنها ينبغي أن تدرس وبعناية شديدة وضمن اتجاه تشاوري وطني افقيا لوضع خطة شمولية.

في كل حال يبدو أن الحكومة تستأثر بالقرار والبحث والدراسة ولا تجري المشاورات الكافية مع القطاعات التي تمثل الاقتصاد غير المنظم والتي ترفض البنوك تمويلها بفوائد يسيرة وبنسبة كبيرة خلافا لاتجاهات وقرارات البنك المركزي.

الخصومات والاقتطاعات والمكافآت من الرواتب التي قرتها الحكومة أثارت جدلا وموجات اعتراض في صفوف القطاع العام الذي كان قبل أزمة كورونا أصلا يواجه مشكلات.

الخوف رقميا وماليا من عودة نقابة المعلمين الضخمة إلى الشارع أصبح أساسا في معادلة سياسات الإغلاق وذرائعية خطوات مواجهة فيروس كورونا رغم تسجيل عدد قليل من الإصابات قياسا بالجوار والإقليم والعالم وقبل طبعا إعلان تفكيك نحو 90 في المئة من الغلق.

فوبيا الإخوان المسلمين تحديدا توسعت مجددا في أقنية وأروقة بعض مستويات القرار، رغم أن الجماعة الأكثر جماهيرية وتنظيما في الساحة، أظهرت رشدا كبيرا في بياناتها ومواقفها مع بداية أزمة كورونا حينما تجنبت الشارع طوال الوقت وأظهرت قرائن على أنها لا تسعى لاستغلال الأزمة أو الاستثمار فيها ودخلت في حالة كمون تحت يافطة وطنية قبل مساندتها العلنية للمؤسسات السيادية والوطنية.

 يبدو جليا في بعض الأحيان بالحالة الأردنية الميل لاختلاق ذرائع لها علاقة بأجندات الإخوان المسلمين لتمرير سياسات خشنة أو بعيدة قدر الامكان عن الإصلاح السياسي.

ويحصل ذلك منذ سنوات من دون أي محاولة حكومية لإقامة حوار منصف وبناء مع الإسلاميين، ويحصل أيضا في ظل تجاهل رسائل التضامن مع الدولة كلما حصلت مواجهة أو أزمة.

وهنا يمكن اشتمام مخاوف السلطة الرسمية والحكومية من عودة الإسلاميين إلى الشارع والحراك عبر تلمس تلك القصدية في التحذير من عودة حراك المعلمين إلى الظهور في مرحلة حرجة وحساسة خصوصا بعد إلغاء الزيادات التي تقررت بعد مناخ صاخب بعد اجاباتهم قبل نهاية العام الماضي. قالت نقابة المعلمين بوضوح إنها لن تقبل استغلال أزمة كورونا للمساس بحقوق المعلمين، وطالبت في بيان يتيم ومقتضب الحكومة بإعادة إقرار العلاوات المتفق عليها وهي مطالبة حساسة ظرفيا وحمالة أوجه ويمكن تصنيفها بمستوى الابتزاز السياسي مع إظهار التفهم الكبير لأهمية رفع مستوى معيشة المعلمين.

لكن الأمر بطبيعة الحال وفي مستوى المخاوف العامة لا يقف عند محطة الاستثمار مجددا بفوبيا الإخوان المسلمين أو بتلويحات نقابة المعلمين بالعودة للشارع، فالمشكلات المالية والاقتصادية اليوم أكثر تعقيدا، حيث أصناف من الضغط في الداخل والخارج.

يتحدث الخبراء هنا عن زيادة كبيرة متوقعة في نسبة البطالة وعن عودة محتملة لكتلة اجتماعية كبيرة من العاملين في دول الخليج وأيضا عن ذوبان مرجح وأضرار في بنية الطبقة الوسطى وقطاعات وشرائح في عمق الأسواق والتجارة تحديدا.

وليس سرا في السياق التحدث عن ارتفاع كلفة فاتورتي المياه والكهرباء وكذلك فاتورة النفط والمحروقات إضافة إلى ارتفاع كلفة الصناعات وانقطاع محتمل في واردات السياحة والعلاج الطبي وأيضا أضرار بالغة في قطاعات الشحن والترانزيت والطيران والنقل، ما سيزيد في عجز الميزانية بمقدار مليار دينار على الأقل حسب تقديرات وزير المالية الدكتور محمد العسعس ومليار ونصف حسب تقديرات أخرى.

هذه التحولات في المعادلة الإنتاجية ستزيد عدد العاطلين عن العمل وتضغط على الخزينة والمالية وتزيد العجز والفقراء في ظل انحسار كبير بالمساعدات الدولية والعربية وأشباح صفقة القرن المتزامنة مع التهديدات الإسرائيلية للأردن قيادة وشعبا.

لا يمكن القول بإن الضغط على الدولة والحكومة ماليا الآن هو الخيار السليم والذي يقبله الشارع أيضا.

 ولا يمكن القول بإن المواجهة والمعالجة باستنساخ غير مبرر لفوبيا الإسلاميين والمعلمين وغيرهم هو الرد المناسب على أي محاولات لا تظهر تفهما للظروف الإقليمية والدولية والمالية.

المطلوب عمليا اللقاء في منتصف المسافة.

والسؤال هو متى وكيف وعلى أي أساس ينبغي أن يحصل ذلك؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى