اراء و مقالات

مؤسسات التعليم العالي تحت «أضواء كاشفة» الأردن يسأل: ماذا يحصل في الجامعات؟

حوادث كشفت أمام وزارة التعليم العالي الحاجة الملحة لمقاربات أمام التردي الكبير في مستوى الجامعات المحلية وسمعتها ومواقعها في خريطة الجامعات العالمية والأهم ما يحصل فيها أحيانا.

عمان ـ «القدس العربي»: مجددا تدخل مؤسسات التعليم العالي الأردنية تحت الأضواء الكاشفة لا بل اللاسعة ليس عبر منصات التواصل الاجتماعي فقط، ولكن أيضا عبر حملة من التقييم والنقد استمرت على أكثر من صعيد وبسبب أكثر من قضية، كان آخرها الجريمة التي شهدتها جامعة العلوم التطبيقية وهي إحدى أعرق جامعات القطاع الخاص وأكثرها شهرة، حيث أطلق شاب متنكرا بزي طالب ولا علاقة له بالجامعة 6 رصاصات قاتلة على فتاة عمرها لا يزيد عن 22 عاما ثم لاذ بالفرار.

كانت تلك حادثة مأساوية والسؤال الذي طرحه الجميع في الأردن فور الإعلان عن وفاة الفتاة إثر إصابتها بجروح بالغة حيث أصابتها رصاصتان بالرقبة والرأس وفي بقية جسمها، هو ذلك السؤال الذي يحاول فهم كيفية تمكن الشاب من العبور عبر البوابة الأمنية للجامعة خصوصا مع وجود عقد أمني للجامعة مع إحدى الشركات، بمعنى ان وظيفة الأمن عدم العبور في تلك الجامعة خلافا لإعلان الجامعة نفسها عن وجود نحو 800 كاميرا داخل حرمها.
طبعا ظروف وملابسات الجريمة وخلفياتها لا تزال غامضة والسلطات فتحت تحقيقا موسعا لكن عندما تعلق الأمر برصد كاميرات المراقبة تبين أيضا الجزء الثاني أو الحلقة الثانية من الإهمال في جامعة خاصة تحصل على ملايين الدولارات والدنانير من الأردنيين جراء تعليم أولادهم.
وتبين بعد مراجعة البحث الجنائي حسب بعض الحيثيات بأن بعض الكاميرات كانت معطلة وهو بكل حال ما لم تعلنه سلطات التحقيق، الأمر الذي فتح المجال أمام أسئلة إدارية متجددة لها علاقة بتقصير إدارة الجامعة التي وعدت من جانبها بمتابعة التحقيق والكشف عن القاتل والحرص على ان ينال عقابه وسط صيحات ودعوات الأردنيين بإعدام القاتل بعد القبض عليه في الساحات العامة لضرورة ردع حمل السلاح على المستوى الفردي بين الأردنيين وعودة الحملات في هذا الاتجاه.
مظهر العنف الاجتماعي هنا بدا لافتا للنظر وهو يعيد تذكير الأردنيين بتلك الهواجس الناتجة عن أي فوضى اجتماعية أو عن سلوكيات منحرفة في المجتمع يمكن ان تقلق الجميع والعنف الاجتماعي في الحادثة الأخيرة ضرب وبقسوة بطريقة مأساوية وغير مسبوقة في واحدة من الجامعات العريقة في البلاد.
لكن الجامعات كانت قد عانت في وقت سابق جراء التفاعلات والتداعيات المتعلقة بقضية «متحرش التكنو» وهي القضية التي لم تحل بعد وارتبطت بحادثة تحرش أستاذ فيزياء سجلت رسميا وبدأ التحقيق القضائي فيها ولها علاقة بجامعة العلوم والتكنولوجيا إحدى أهم وأعرق الجامعات الحكومية. قبل ذلك تنتشر شائعة موسعة تتحدث عن سحب وزارة التعليم العالي الكويتية لاعترافها بشهادة الدكتوراه الصادرة من الجامعة الأردنية أم الجامعات الحكومية وتصمت الجامعة الأردنية فيما ينتشر ويتوسع ذلك التسريب العلمي الأكاديمي بصورة تعيد تشويه الوقائع المتعلقة بمؤسسات التعليم العالي وهي كانت دوما في سمعة متميزة إلى حد بعيد لكن السجلات والأرقام والبيانات تقول الآن بأن جامعة أردنية واحدة من أكثر من 20 جامعة خاصة وعامة مسجلة رسميا بين أول 500 جامعة في العالم.
التحديات التي تواجه قطاع التعليم العالي كبيرة لكنها تبرز مع بروز مظاهر عنف أو مخالفات للقانون كان من بينها مقتل الطالبة في جامعة العلوم التطبيقية وقبلها حادثة التحرش الشهيرة والتي أقلقت الأردنيين كما فعلت الجريمة الأخيرة في جامعة العلوم والتكنولوجيا.
تلك حوادث أبقت الجامعات الأردنية ومؤسسات التعليم العالي تحت الأضواء الكاشفة، وأبرزت أمام وزارة التعليم العالي مجددا الحاجة الملحة لمقاربات جديدة للحفاظ على التردي الكبير في مستوى الجامعات المحلية وسمعتها ومواقعها في خريطة الجامعات العالمية والأهم ما يحصل فيها أحيانا.
لكن هذه التحديات مرة أخرى لها علاقة بكيفية إدارة الأمور بصورة عامة على مستوى الإدارة العليا للدولة والوزارات في الأردن وهو ما دفع المحلل الاستراتيجي الدكتور عامر السبايلة للتأكيد على ان أدوات المشكلة لا يمكنها ان تكون من بين أدوات حل تلك المشكلة مهما طال الزمن وإشارة السبايلة هنا تحاول القفز على التداعيات الحالية باتجاه الاشكالية الأعمق والمتمثلة بأن الرموز المشكلة هم أنفسهم يطالبون الآن أو يعتبرون بمثابة طبقة رموز معالجة المشكلة وحلها وتلك مفارقة مستمرة في هذا السياق لكنها مفارقات لم تكن معهودة عندما يتعلق الأمر بقطاع التعليم العالي والجامعات التي يرى مراقبون أن ما يحصل في المجتمع بدأ ينعكس عليها ضمنيا.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى