اراء و مقالات

الأردن في معية «المشهد الفلسطيني»: عين على «فتح» ورمش مع «حماس» والعمل بـ«القطعة» و«على الانتظار»

لا أحد يعرف، بصورة محددة أو علنية على الأقل، ما هي مصالح الأردن الأساسية المباشرة عندما يتعلق الأمر بالملف الفلسطيني تحديداً وتطوراته.
يتابع الأردن كل التفاصيل عن بعد مع السلطة الوطنية الفلسطينية، ويشارك في مشاورات أمنية وسياسية مكثفة تحاول دعم بعض الخيارات في إسناد مشروع منع الانقسام الفلسطيني أكثر عشية التحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية في الأشهر الستة المقبلة. لكن على جبهة الحكومة الأردنية لا شروحات أو توضيحات حول أهداف علنية أو غير علنية لحكومة الأردن، وما يحصل عليه الفضوليون المراقبون هو فقط رزمة مشاورات مع مصر بإيعاز أمريكي على الأرجح.
مبكراً، لفتت الإدارة الأمريكية الجديدة نظر نشطاء فلسطينيين في الولايات المتحدة، لأن على السلطة الفلسطينية أن تتعاون أكثر مع الأردن في المرحلة اللاحقة، وعلى القوى الواقعية في قطاع غزة بدورها أن تتصل وتتواصل مع مصر. لذلك، يمكن فهم الاعتبارات التي تحركت فيها المؤسسة الأمنية في عمان والقاهرة مؤخراً باتجاه الملف الفلسطيني.
لكن دور الأردن مهم للغاية في المرحلة اللاحقة. ووفقاً للناشط السياسي الأمريكي الفلسطيني الدكتور سنان شقديح، فالمؤشرات ملموسة من الطاقم الجديد في الخارجية الأمريكية وعلى أساس إيحاء واضح بأن على الفلسطينيين العمل مع الأردن.
لكن أي نوع من العمل هو المقصود؟
طبعاً، لا توجد إجابة مبكرة على سؤال من هذا النوع، فقد خلط الرئيس عباس فجأة كل الأوراق وهو يستقبل الإدارة الأمريكية الجديدة بطرح ورقتي الانتخابات التشريعية والرئاسية المؤجلة.
وكان أكثر إرباكا للجميع، بما في ذلك دول الجوار الإقليمي والحدودي، عندما أشرف شخصياً على تنشيط ملف ومسار المصالحة بالتزامن مع تحضيراته للانتخابات، وخصوصاً مع حركة حماس التي لا يوجد أي صلة رسمية من أي نوع بينها وبين الحكومة الأردنية، باستثناء نطاق ضيق لتبادل المعلومات وفي التقدير الأمني وبالقطعة، وبين الحين والآخر وعبر شخصيات محدودة جداً من قيادة حماس في الخارج تمر في عمان أو تشاء الظروف أن تعبر منها.
ذلك -بتقدير السياسي المعروف مروان الفاعوري، وكما قال لـ»القدس العربي»- هو من المشاهد المختلة بكل الأحوال، لأن البوصلة الأردنية ينبغي أن لا تستمر في تجاهل ممثلي نصف الشعب الفلسطيني على هذا النحو، وعلى أساس تخصيص كل مساحات البصر لطرف والاكتفاء برمشة بين الحين والآخر تجاه حماس.
وعليه، لا يوجد توصيف أو تعريف بالمعني الكلاسيكي الدقيق والعلني لما يمكن أن تتطلبه المصلحة الوطنية عندما يتعلق الأمر بارتسامات أو خيارات المشهد الفلسطيني الداخلي؛ فعمان مصرة دوماً على دعم خيارات السلطة ومواقفها وما يسميه وزير الخارجية أيمن الصفدي بـ»الشرعية الفلسطينية».
لكن الفاعوري يلاحظ بأن الشرعية الفلسطينية فتحت أوراق الاتفاق على قوائم انتخابية موحدة مع حركة حماس والفصائل.. يسأل الفاعوري: ألا يعني ذلك أننا كأردنيين ينبغي أن نعمل أيضاً مع جميع الأطراف من أجل مصالحنا؟
يبقى الجواب معلقاً، خصوصاً أن مؤسسة الشرعية الفلسطينية نفسها أوراقها مختلطة قليلاً قبل الانتخابات. وهنا يقول الخبير السياسي الكبير ووزير البلاط الأردني الأسبق الدكتور مروان المعشر، وأمام «القدس العربي» ومن باب التشخيص والتحليل فقط، بأنه لم يعد وغيره يفهمون طبيعة وبنية النظام الفلسطيني.
ويخشى المعشر بأن يخلخل عدم تطور أو نمو النظام الفلسطيني، في السنوات الأخيرة، قواعد الندية مع الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً في مرحلة حساسة قوامها إدارة جديدة في واشنطن تريد دفن مرحلة الرئيس دونالد ترامب والتأسيس لمرحلة جديدة، وهي إدارة تؤمن وتقول بمشروع حل الدولتين لكنها لن تفرضه ولا يوجد ما يؤشر على أنها تفرضه. ولوحظ في الأثناء بأن سياسيين كباراً في عمان بدأوا ينتقدون، علناً، أداء السلطة الفلسطينية.
وبين هؤلاء المفكر السياسي عدنان أبو عودة، الذي وجه مؤخراً في فعالية عامة ملاحظات نقدية خشنة إلى حد ما تجاه النخبة الفلسطينية، واصفاً إياها بأنها تخفق في الحرب والسلام.
وجهة نظر أبو عودة سبق أن استمعت لها «القدس العربي» عدة مرات، وفكرتها باختصار التركيز على نقل أسوأ ما في السلطة والأنظمة العربية من ممارسات وتحييد الخبراء والمثقفين وغياب المناجزة في القدرة على تحليل ما يريده الإسرائيليون، وقبل ذلك ما تسعى إليه برامج المشروع الصهيوني الذي يدير الأمور عن بعد.
تلك وجهة نظر مفكر سياسي. لكن على الأرض وفي الميدان والواقع، قد تختلف المعايير وإن كانت عمان تراقب التفاصيل ولديها ثوابت تتحرك انطلاقاً منها. وهي الآن ثوابت تؤكد دعم الخيار الفلسطيني والتحدث مع المؤسسات الشرعية فقط، وتجنب كل الفصائل المعارضة، خلافاً لاتجاهات ظهرت مؤخراً تخشى من اكتساح حركة حماس لانتخابات التشريعي إذا ما جرت على الأسس المعلنة بوثيقة المصالحة، وإذا ما خاضتها حركة فتح في ظل غياب مصالحات تنظيمية داخلية. لدى الأردن وجهة نظر في التفاصيل دوماً، لكنها لا تظهر للجمهور، وأحياناً لا تظهر أيضاً حتى للنخب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى