اراء و مقالاتمقالات وآراء

الأردن: نجحت «الدولة» وأخفقت «الحكومة» تقييمات جريئة بعنوان «هدم» جزء من المعبد البيروقراطي

مصفوفات ووثائق وخطط التحفيز بتوقيع الرزاز قد تنضم للمتحف

يختصرها اللاعب الأبرز في المسار الاقتصادي بالبرلمان الأردني، الدكتور خير أبو صعليك، من الآخر وهو يحاول التشخيص والاقتراح بعد احتواء عاصفة «كورونا».
قالها أبو صعليك في مشروعه المكتوب المرسل إلى مكتب «القدس العربي»، ببساطة وصراحة: خطة وإستراتيجية 2025 خرجت عن السكة الآن، ولم تعد الفرضيات التي بنيت عليها قائمة وأخذت معها أيضاً ما سمّاه رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز بـ»خطة التحفيز الاقتصادي». أبو صعليك وبجرأة يقول في الخلاصة: نحتاج إلى خطة اقتصادية الآن للدولة وليس للحكومة، تحاول تنشيط اليقين، وهي خطة عابرة للحكومة وأقرب لثورة اقتصادية بيضاء.

وطبعاً الاسم الذي اختاره الرجل هو «خطة مارشال وطنية» . لكن دراسة أبو صعليك تتحدث عن ترك مسار «تصحيح الوضع البيروقراطي» إلى إجراءات «هدم» البناء البيروقراطي القديم، خصوصاً في مجالات الاستثمار والترخيص والعمل والأراضي والجمارك. هاجم أيضاً «تشدد» البنوك مع القطاع الخاص، وكشف عن السر الأعظم في «أطماع القطاع المصرفي»، حيث ترغب البنوك في «إقراض» الحكومة وليس القطاع الخاص أو الناس، وهو أمر سبق أبو صعليك فعلاً في التحذير منه رئيسُ الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، الذي اقترح بدوره أمام «القدس العربي» بعد «نجاح الدولة» بواجبها سياسات ضغط ومراقبة أكثر صرامة في مجال التسهيلات البنكية.
قبل ذلك، كانت «القدس العربي» قد استمعت لأبو صعليك مرتين على الأقل قبل أزمة كورونا يعبر عن حاجة ملحة إلى قراءة السيناريو اللبناني والعراقي، متمنياً أن تبحث الحكومة عن ملاذات آمنة في خيارات الاقتصاد. وقبل نعي أبو صعليك ضمنياً لرؤية 2025 وخطة التحفيز، كان وزير الزراعة بالوكالة صالح الخرابشة قد نعى الاستراتيجية الزراعية الوطنية التي أبلغ وزير الزراعة السابق المقال إبراهيم شحاحدة بدوره «القدس العربي» بأنها كانت النبراس الهادي له ولزملائه في العمل الزراعي. وخرابشة أيضاً قالها بوضوح: الاستراتيجية الزراعية القديمة لم تعد صالحة للمستقبل.
السؤال هو الآن: بعد الاجماع الوطني على أن «الدولة» تحركت بفعالية وبأجهزتها السيادية في احتواء ضربات فيروس كورونا.. هل تقف النخب عند النعي والحسرة لأطنان من استراتيجيات الماضي أم تقدم «بدائل» ويتم تفعيل «الاستجابة» التي يتحدث عنها الرفاعي وأبو صعليك؟
يبدو سؤالاً صعباً إلى حد ما، ليس فقط لأن «أفكار الخبراء والمختصين» تخضع لـ»فلترة غير مفهومة» من المستوى التنفيذي والاستشاري قبل وصولها لأصحاب القرار المرجعي فقط، ولكن أيضاً لأن رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بدأ «يكثر من الاجتهاد في الأمور الفنية والقطاعية» بعد «تمكين» تجربته باستبعاد خيارات التغيير الوزاري وبعد «إخضاع «مجلس السياسات له.
هنا لا يرغب الرزاز مثلاً في دعم التفاصيل التي تقترحها وزيرة السياحة مجد شويكة. ولديه «تصور» لم يناقش مع المختصين في كيفية البدء بتدشين اتجاه زراعي ناشط ومنتج بالتلازم مع تصور لـ»هندسة» تعديل وزاري لاحقاً يقود إلى مفهوم «وزارة رشيقة» خالية من وزراء «يعيقون حركة» الحكومة والرئيس معاً.
تلك في كل حال ليست المشكلة الأساسية هنا. بل الفكرة التي تحاول خطة مارشال الموقعة باسم أبو صعليك اقتراحها بعنوان نجحت الدولة في أزمة كورونا.. أخفقت الحكومة، واللعب باستراتيجيات الماضي لم يعد منتجاً، و»هدم المعبد البيروقراطي» القديم في المسائل الاقتصادية والاستثمارية هو الحل وليس التصحيح على طريقة الرزاز بواسطة «التسلل ونظام القطعة».
عملياً، ما لا يقوله الجميع أن الحاجة ملحة ليس لأداء جديد بل لرئيس حكومة يبدل بمواصفاته ومصفوفاته، ويبدو الرزاز قادراً على ذلك ومعه طاقم يؤمن بالهدم على طريقة أبو صعليك، خصوصاً في مناطق كانت مستقرة ونافذة طوال عقود في العمق البيروقراطي، مثل الجمارك والتعامل الضريبي وسياسات الترخيص والتدخل الأمني بالاستثمارات.
لا توجد أدلة على أن الحكومة الحالية قادرة فعلاً على التجاوب مع قرارات مهمة ومثيرة مطلوبة خارج سياق الحديث اللفظي الإعلامي الاستهلاكي عن الإصلاح الإداري، خصوصاً أن بعض اتجاهات المرحلة باتت واضحة تماماً عندما يتعلق الأمر بمراحل ما بعد احتواء كورونا.
وزير الصحة الدكتور سعد جابر، وفي آخر تجلياته الإعلامية صباح الإثنين، صرح بأن الوضع البيئي «جيد جداً» في المملكة. ومجدداً اعتبر عضو اللجنة الوبائية الوزير السابق وعالم الوبائيات الدكتور عزمي محافظة، بأن «التشدد» في الحظر عليه أن يتبع المعدل الفيروسي والأعداد التي تسجل كإصابات لم تصل لمستوى متقدم يقلق القطاع الصحي ويقرع جرس الإنذار.
والأولوية باتت لصالح «عودة الدورة الاقتصادية» والاستعداد لمواجهات وأيام وأشهر وأسابيع وصفها وزير المالية محمد العسعس بأنها صعبة وفيها قدر من الغموض.
مواجهة الاستحقاق الاقتصادي تتطلب مواجهة الحقائق على الأرض اليوم.. هنا حصرياً المعركة الأساسية بعدما انضمت الاستراتيجيات والمصفوفات والخطط التحفيزية التي طالما تحدث عنها الرزاز -أو ستنضم- إلى المتحف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى