اراء و مقالات

«تمكين» المرأة الأردنية: «لم يترشح أحد»… الشباب والأحزاب «غياب» وانتخابات البلديات «تعاني مسبقاً»

عمان – «القدس العربي» : مجدداً، يمكن ببساطة الوقوف سياسياً ووطنياً أمام الجملة المعترضة الباطنية التي يمكن استنتاجها من حيثيات السجلات والأرقام المتعلقة بانتخابات البلديات واللامركزية الوشيكة بالأردن.
ليس سراً الآن أنه عندما تعلق الأمر بموسم «تمكين المرأة»، قفزت في نسخة الانتخابات المحلية صيغة «لم يترشح أحد»؛ بمعنى أنه لم ترصد ولو حالة واحدة في وقت التسجيل تقدمت فيها امرأة لرئاسة بلدية، وهي مسألة ينبغي أن تبحث بكل الأحوال.
وعندما يتعلق الأمر بتطوير القانون المختص في اتجاه تمكين المرأة، وجد الخبراء بأن عدد النساء المترشحات في النسبة العامة ورغم المساحة الفضفاضة التي منحت للمرأة، أقل من عدد المقاعد المخصصة. يعني ذلك الكثير في ملف المرأة، وأهم ما يعنيه في واقع الاشتباك السياسي أن المرأة الأردنية في الأطراف والمحافظات على الأقل، وجزئياً في المدن الكبيرة، لا تشتري رواية مهرجان تمكين المرأة التي اعتبرت من ملامح وأسس ورسائل بنية تحديث المنظومة السياسية في البلاد، أو على الأقل لم تشترِها بعد.
تلك طبعاً مفارقة رقمية لا بد من التوقف عندها وتعني الكثير حتى بالنسبة لخبير استراتيجي مثل الدكتور عامر السبايلة، الذي كان عضواً في لجنة فرعية منبثقة عن اللجنة الملكية العريضة تحت عنوان تمكين المرأة.
بمعنى أن كلام نخب عمان والحكومة المتعلق بإنصاف المرأة ومساواتها لم ينعكس بأي صورة على واقع خريطة المرشحات، على الرغم من وجود مقاعد شبه مجانية هنا تحت عنوان تمكين النساء، وهو أمر يعيد التذكير بما حذر منه علناً وعبر «القدس العربي» عدة مرات الدكتور محمد الحلايقة، بعنوان ضرورة العمل على توفير حاضنة اجتماعية تدعم مقررات وصياغات التحديث. وهو أيضاً ما وافق عليه أمام «القدس العربي» رئيس مجلس الأعيان المخضرم فيصل الفايز، وهو يقترح على هامش ندوة مغلقة بأن الكثير من العمل وسط المجتمع كان ينبغي أن يحصل.

مفارقات متعددة

في كل حال، مفارقات انتخابات البلديات واللامركزية متعددة ولا تقف عند حدود، فخريطة المرشحين التي يزيد عدد الأعضاء فيها عن أربعة آلاف مرشح وقبل نحو ثلاثة أسابيع من يوم الاقتراع، لا يوجد فيها أيضاً عناصر شابة أو شبابية بالحجم المأمول، بالرغم من كل دعوات صناع القرار من أعلى الهرم إلى أدناه تحت عنوان تمكين الشباب أيضاً.
قد يعني ذلك بالنتيجة والاستنتاج أن شريحتين هما الأعرض في المجتمع، مثل النساء والشباب، في موقف عازف أو حائر بالرغم من الإغراءات الشديدة التي تخاطبهما عبرها مع التعديلات والتشريعات منهجية تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
هل يعني ذلك وجود أزمة مستنسخة لها علاقة بمصداقية خطاب التحديث نفسه؟
الإجابة على هذا السؤال حائرة قليلاً، وتحتاج إلى سقف زمني واختبار قبل الغرق في الفرضيات، والانطباع العام بين أعضاء اللجنة الملكية حتى الآن يشير إلى أن الشارع الأردني يتحسس المجسات ويحتاج لمزيد من الضمانات بعدما حصلت الدولة العميقة بالتعديلات الدستورية الأخيرة على فائض من الضمانات التي تتجنب عبرها منزلق تقاسم السلطة لاحقاً مع أي تيارات حزبية. لكن مشكلة الانتخابات البلدية لا تقف عند هذه الحدود؛ فالأحزاب القديمة الكلاسيكية وتلك الجديدة تحت التأسيس ضمن معطيات الاستعداد لتقاسم السلطة والدولة والحضور، لا تبدو مهتمة أيضاً بانتخابات البلديات واللامركزية.
والتيار الإسلامي الذي يمنح مثل هذه النسخة الانتخابية زخماً سياسياً بالعادة قرر تعليق مشاركته في العملية، وعرض الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد العضايلة أسباب ومبررات القرار دون أن ترد عليها السلطات.
سجلّ التيار الإسلامي يتحدث عن تدخل مبكر ضد مرشحيه واستدعاء ممثلي حزبه في بعض المناطق أمنياً، مما يؤشر على هندسة محتملة أيضاً لتلك الانتخابات.

«حليمة لم تتغير»

والمرشحون المستغلون الطامحون بالمشاركة حتى الآن يتبادلون بهمس بعض مؤشرات التدخل الرسمي المبكرة من النوع الذي يشعر به الخبير، لكن لا يستطيع إثباته، حيث اتجاه واضح يميل لمرشحين من فئة الأفضل حظاً، وحيث أيضاً غياب ملموس للتجارب الحزبية التي تخضع للإنشاء والتكوين الآن، وحيث نقابة المهندسين تصدر بياناً باسم التيار المهني الحر يرفض الاتكاء على التيار في انتحال اسم لبعض قوائم مرشحي البلديات في العاصمة عمان.
ثمة تدخلات مبكرة بصورة مرجحة، لكن المبالغة في حجمها وارد أيضاً.
وكل الحيثيات التي تظهرها التحضيرات حتى الآن توحي بأن الكثيرمن الأمور لم تتغير في المساحة المخصصة في المجالس واللامركزية، الذي يطرح سؤالاً بالحجم الوطني العائلي عما يجري خلف الستارة والكواليس، وعن إدارة تنفيذية وإجرائية تظهر استعداداً تلقائياً مرة جديدة لخدش برنامج تحديث المنظومة السياسية العام مقابل متطلبات هندسية لا تزال ضرورية وغير مفهومة.
في مقايسات الشيخ العضايلة مجدداً، ومع غيره، استعارات لمفاهيم وعبارات شعبية؛ حيث حليمة لم تغير عادتها القديمة، وحيث الغمزة العتيقة ترافق الحاج، وحيث قرائن ومؤشرات على أن كلام أو وعود شخصيات بارزة جداً في القرار كلفت بإسناد المنظومة بما فيها رئيس الوزراء الحالي الدكتور بشر الخصاونة ونظيره الأسبق سمير الرفاعي، لاتزال تحتاج اختبارات، وقد لا توفر ضمانات كافية لإقناع الجمهور.
قال الرئيس فيصل الفايز، إن على الحركة الإسلامية أن تجيب على أسئلة محددة، وهي تصر على موقف عدمي من عدم المشاركة في الانتخابات.
ويرد الإسلاميون وغيرهم بالإشارة إلى عدمية موقف السلطة بالمقابل، لأن العقيدة البيروقراطية في الملفين، الانتخابات والعمل الحزبي، لم تتغير بعد، مع أن «القدس العربي» سمعت من كبار المسؤولين إصراراً على ضرورة المضي قدماً إلى الأمام وتغيير تلك العقائد المستقرة لصالح تحديث المنظومة السياسية في البلاد ومنهجيتها.
في منسوب المفارقات مخاوف مبكرة جداً من نسبة عزوف محتملة كبيرة عن التوجه إلى صناديق الاقتراع في انتخابات البلديات واللامركزية. وفي الجعبة والسياق سؤال طرحه الرفاعي علناً في وقت مبكر، ويطرحه كل المراقبين الآن بأثر رجعي، دون أي إجابة حقيقية من أي نوع.
لماذا وعلى أي أساس أصر نائب رئيس الوزراء توفيق كريشان، على إجراء انتخابات البلديات واللامركزية في البرنامج الزمني المقترح وحتى قبل انتهاء تحضيرات تحديث المنظومة السياسية؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى