اراء و مقالات

بين نتنياهو وبشار الأسد: ملف «نقص المياه» الأردني إلى الواجهة ورسائل بلغة «الأمن الخشن» لكبار لصوص المزارع والآبار

عمان – «القدس العربي» : بدأ العطش والنقص الحاد المتوقع في مياه الأردنيين، الصيف الحالي، يدفع الحكومة والسلطات إلى الخيار الأمني في فصل مثير متوقع أن يكون له أيضاً، مع بدايات الصيف اللاهب بالقريب الوشيك، تداعيات بالجملة في قطاع فُتح قسراً الآن، أو ملف ملغوم بالعديد من الأسرار والمشكلات، لا بل شبهات الفساد… وهو الملف المائي.

رسائل في السياق الأمني

السلطات الأردنية وجهت، ظهر الخميس، أولى الرسائل في السياق الأمني، فقد توجهت قوة من البادية وقوات الدرك إلى إحدى المزارع التي يملكها شخص نافذ، وتضمنت العملية الأمنية ضبط اعتداءات على خط المياه الرئيسي جنوبي العاصمة عمان، والسيطرة على ما نسبته 950 ألف متر مكعب سنوياً يسرقها هذا الشخص تحديداً من المياه الرسمية، ويستخدمها في مزارعه الخاصة للري أو في تعبئة صهاريج لبيعها لحسابه الشخصي، حسب تصريح لوزارة المياه.
تلك أول عمليه تلجأ فيها السلطات إلى الأمن الخشن، ويفترض أنها ضمن سلسلة عمليات أمنية الطابع هذه المرة لمواجهة شبكة من كبار لصوص المياه الذين تم الإعلان أصلاً عنهم الأسبوع الماضي بتصريح مثير لوزير المياه محمد النجار، يتحدث فيه عن 5 شخصيات بخلفية عشائرية تسرق سنوياً من مياه الأردنيين والخزينة ما قيمته نحو 8 مليون لتر مكعب من الماء. وهي القيمة المائية نفسها التي تناضل السلطات الأردنية للحصول عليها بالتفاوض من الجانب الإسرائيلي.
ويبدو هنا أن الحاجة الحادة للمياه وتوقع صيف حار ولاهب فيه نقص من المياه، يدفع السلطات الأردنية الرئيسية نحو العمل ضمن قواعد الاشتباك الجديدة، بحيث تقرر على مستوى مركز القرار عدم السكوت بعد الآن عن سرقات ولصوص المياه، والسبب على الأرجح هو ما كانت قد ألمحت إليه وزارة المياه والري من احتمالية حصول نقص حاد في مياه الصيف الحالي قد يدفع الوزارة إلى إعاده برمجة ضخ المياه للمواطنين.
الاستعانة بقوات الدرك والبادية هي خطوة أولى ورسالة للمجتمعات المحلية جنوبي العاصمة عمان، حيث تكثر سرقات المياه سواء من حوض مياه نهر الديسي الرئيسي القادم من الجنوب والحدود مع السعودية في اتجاه ري العاصمة عمان وتأمين مياه الاستعمال المنزلي والشرب لها، أو سواء من الآبار الجوفية غير المرخصة والتي يتم حفرها لأغراض استخدام شخصي أو من أنابيب المياه.
الحديث في تلك الرسالة عن بداية أمنية للتعامل مع المسألة، خصوصاً أن الوزير النجار تحدث عن خمسة مواطنين بخلفية عشائرية فقط، الأمر الذي يثير الجدل.
قبل ذلك بطبيعة الحال، قفزت السلطات الأردنية بملف الأمن المائي أيضاً إلى مستوى التحقيقات والنيابة، فقد تم إحالة عطاء قالت هيئة مكافحة الفساد إن فيه شبهات ويخص أحد وزراء المياه السابقين، ويتعلق الأمر بعطاء مرتبط بشركة الوزير أو مسؤولين في وزارة المياه كبار كانوا مساهمين فيها، إضافة إلى إعلان سابق لهيئة الفساد تحدث عن إحالة ملف آخر للنيابة عنوانه وزير مياه سابق وقع اتفاقيات مع آبار وهمية أو غير مرخصة.
ويعني ذلك أن حديث الوزير النجار بأن خمسة أشخاص يسرقون كمية ضخمة من مياه الأردنيين، يرافقه اليوم تدقيقات هيئة مكافحة الفساد عن شبهات فساد في ملف عطاء مالي ضخم، في الوقت الذي يتلاعب فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفي إطار المناكفات السياسية مع الأردن، بالحصة المخصصة بموجب اتفاقية وادي عربه للأردنيين.
وأيضاً في الوقت الذي لفت فيه عضو البرلمان البارز عبد الكريم الدغمي، النظر إلى أن الأردن يفاوض العدو الإسرائيلي للحصول على حقوقه من أحواض المياه المشتركة بالقرب من طبريا، فيما يدفع ثمن المياه الفلسطينية المسروقة في الوقت الذي كان ينبغي فيه العمل مع دولة عربية شقيقة جاهزة لتأمين احتياجات الأردن من المياه.
تلميحات الدغمي لها علاقة بسوريا تحديداً، وبالتالي بدأت تظهر، بناء على تلك التلميحات في الصحافة الأردنية، مقالات تلفت النظر إلى ضرورة استئناف الاتصالات والعلاقات مع الجار السوري، حتى يتسنى تفعيل الاتفاق القديم حول تقاسم مياه حوض نهر اليرموك. وهو تقاسم كان قد تم تجميده لعدة سنوات في الواقع بسبب الأحداث الأمنية ووجود مشهد أمني منفلت في محيط الجانب السوري وشمالي الأردن.

لا إشارات مباشرة بعد

لا يوجد بعد إشارات مباشرة إلى أن حاجة الأردن إلى المياه قد تدفعه في اتجاه تغيير قواعد اللعب السياسي مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. لكن توجد مؤشرات قوية تؤدي إلى بناء استنتاجات حول نقص متوقع وحاد الصيف المقبل للمياه في الأردن دفع محلياً حتى الآن في اتجاه الخيار الأمني.
وهو خيار يعني بأن الدولة ترغب بالسيطرة على الآبار الجوفية الكبيرة والسيطرة التامة على المياه الفاقدة والمسروقة من حوض مياه نهر الديسي، مما قد يثير العديد من علامات الجدل والنقاش، خصوصاً على مستوى الواجهات العشائرية التي يمر منها خط مياه الديسي، مما يبرر وجود فرقة من قوات البادية في المداهمات المائية التي جرت الخميس. وهي مداهمات يعتقد أنها ستتكرر في الأيام والأسـابيع القليلة المقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى