اراء و مقالات

البيروقراط الأردني «العنيد» هل «ينصفه» الرزاز؟… عودة «مديرة» أقصاها لوبي «العطاءات» واستمرار «التحقيقات»

المهندسة الشيشاني تعود واستذكار للزبن والعبيدات

تبدو الرسالة رمزية وبيروقراطية، لكنها سياسية قبل أي اعتبار آخر. رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز، يوعز بإعادة مديرة سابقة في وزارة الأشغال إلى وظيفتها، في الوقت الذي تغرق فيه البلاد والمناخات النخبوية بكل أصناف وأنواع النميمة والتكهن والجدل بملف العطاءات والمقاولات. الموظفة التي أوعز الرزاز بإعادتها إلى وظيفتها هي المهندسة الصلبة بيروقراطياً هدى الشيشاني.
الشيشاني اشتهرت قبل ثلاث سنوات بإثارة معركة مع وزير الأشغال في ذلك الوقت، وتحدثت مع البرلمان والصحافة عن أخطاء وتجاوزات بطريقة أدت إلى إقصائها عن وظيفتها، قبل أن يقرر الرزاز إعادتها إلى الموقع ذاته في الإدارة التي تتابع عطاءات الحكومة. وليس سراً أن المهندسة الشيشاني دخلت في اشتباك وخصومة علناً مع وزير الأشغال الأسبق الذي يخضع للتحقيق الآن، سامي الهلسة.

المهندسة الشيشاني تعود واستذكار للزبن والعبيدات

وليس سراً أن خبيرة عطاءات وزارة الأشغال المقالة تعود إلى وظيفتها في إيحاء يناكف أيضاً رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة. فالشيشاني وفي عهد الوزير الهلسة كانت قد أوحت علناً بأن شبكة نافذة في قطاع العطاءات والمقاولات أطاحت بها. وعليه، فخطوة الرزاز شعبوية أيضاً؛ لأن الشيشاني اكتسب قدراً من الشعبية على هامش الجدل بأوامر التغيير في عطاء طريق ضخم هو طريق الصحراوي. ولا يمكن توقع الجهة التي يناكفها الرزاز هنا، لكن الرسالة إدارية أيضاً وتوحي في عمق مؤسسات القطاع العام بأن الحكومة الحالية تميل إلى الإنصاف ويمكنها أن تعيد موظفين من الدرجة الأولى فقدوا وظائفهم سابقاً في صراع مع مراكز قوى ونفوذ.
غريب جداً أن رسالة الإدارة هنا من الرزاز لم تشمل مسؤولين بيروقراطيين مهمين أيضاً في إطار التصدي لشبهات الفساد، فالمدير المثير للجدل والمهم لدائرة المواصفات والمقاييس سابقاً، حيدر الزبن، لا ينتبه الرزاز لإعادته إلى موقعه أو إلى موقع آخر. وأشهر بيروقراطي تصدى للفساد في مجال الغذاء والدواء، وهو الدكتور هايل عبيدات، لم يعد في موقعه في إدارة المؤسسة العامة للغذاء والدواء التي تعتبر من مؤسسات الرقابة المهمة جداً، حيث نقل العبيدات إلى موقع وظيفي آخر خارج اختصاصه وخبرته المتراكمة لسنوات.
رسائل الحكومة هنا تتجاهل خبيرين من وزن الزبن وعبيدات، كان لهما حضور قوي في البيروقراط العنيد، بينما تلتقط مسألة مثل إعادة الشيشاني إلى وظيفتها في عمق الجدل الوطني بملف المقاولات وفساد الأوامر التغييرية، وفي عمق الجدل العام حول العطاءات وتحقيقات الفساد. بكل اللغات واللهجات، يكتسب الرزاز المزيد من الحضور في المسار الشعبي باعتباره رئيساً للوزراء من خارج النادي التقليدي، وباعتبار حكومته إذا سقطت لاحقاً لأي سبب وبأي ظرف سيكون الانطباع أنها ستخرج من المعادلة، لأنها قررت كسر ظهر الفساد مثلاً أو استعادة المال العام.
قبل أيام، تحدث الرزاز عن استعادة فعلية لأكثر من 90 مليون دينار من أموال الخزينة والضريبة، وعن ملفات بين يدي القضاء تحت عنوان استعادة مال الدولة بأكثر من 200 مليون دينار. تلك طبعاً أخبار سارة للرأي العام، لكنها ليست تفصيلية، وتعزف على وتر شغف الجمهور برؤية تحقيقات عميقة وجدية ضد الفساد والفاسدين، وإن كانت أرقام وعمليات قد تلحق أضراراً بسمعة القطاع العام عبر المبالغة والتهويل أو باحتمالات الجذب الاستثماري؛ لأن خبيراً اقتصادياً من وزن الوزير السابق الدكتور محمد الحلايقة، يصر على أن مكاسب وفوائد التحقيقات الوطنية مرهونة بالعدالة والمسطرة الواحدة والإنصاف وعدم الانتقاء والشفافية التامة.
وهي الشفافية نفسها التي قرر رئيس كتلة الإصلاح البرلمانية الدكتور عبد الله العكايلة، المطالبة بها عندما وجه، أمس الأول، أول سؤال دستوري للحكومة تحت عنوان استعادة المال العام. العكايلة طلب في سؤاله الموجه حصرياً للرزاز، تزويده – كنائب في السلطة التشريعية – بكل التفاصيل والحيثيات الرقمية المتعلقة بما بعد المداهمات الضريبية واستعادة المال العام بعد التحقيقات. ويريد العكايلة دستورياً هذه المرة أن يعرف المبالغ التي استعادتها الخزينة وتلك التي في الطريق لاستعادتها وكيف ستنفق. وتقدم العكايلة بسؤاله رغم أن الرزاز سبق أن أفصح عن بعض الأرقام وأبلغ بأن حكومته ستبلغ الجمهور عن كيفية إنفاق المبالغ المعادة، وفي أي بند بالميزانية ستنفق، حيث تحديات بالجملة تحت ستار تداعيات أزمة الفيروس كورونا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى