اراء و مقالاتمقالات وآراء

حكومة الأردن على «أطراف الأصابع» وطاقم الرزاز «مرهق»… لماذا يتغول «الصحي» على «الاقتصادي»؟

بدأ الكلام عن الحاجة إلى «وزارة أثقل»

حتى وزير إعلام سابق عميق ودبلوماسي في العادة من وزن الدكتور محمد المومني يخرج قليلاً عن صمته ويسأل عن «تغول الصحي على الاقتصادي والمعيشي» في حسابات الحكومة. وخلافاً لغيره من الناقدين والمستغربين، المومني «ناصح أمين». لكن يبدو أن حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز لا تريد الإصغاء إلى النصائح.
بل ثبت بالوجه القاطع بأن بعض الوزارات خلال أزمة الفيروس «أخطأت ولم تحاسب»، أو وعدت الأردنيين ببرامج تبين فيها مشكلات تدل على التسرع والارتجال، أو على الأقل – كما يرى بيروقراطي مطلع وخبير مثل سامح المجالي – على «خلل في نظام الاستجابة والتفعيل»، بمعنى عدم الجاهزية.
وثمة أمثلة في الساحة، آخرها المشكلات التي ظهرت في نظام التعليم عن بعد وإجراء امتحانات عن بعد أيضاً، وهو أمر قال تربوي عريق مثل الدكتور مصطفى العفوري أمام «القدس العربي» إنه يحتاج إلى ترتيبات ووقت أكثر ووضوح في الرؤية المتعلقة بمصير التعليم الخاص برمته وسط حزمة من «مشكلات لم تعالج». حتى عندما طرحت الحكومة برنامج «عودة الحياة إلى طبيعتها»، تحدث الجميع عن خلل في «منصات التصاريح» اشتكت منه علناً غرفة تجارة عمان، ولم يعالج.
يبدو أن الحفاظ على معادلة توازن بين «الصحي والأمني والاقتصادي» تحتاج إلى حكومة أثقل أو بمواصفات مختلفة.. يقال مثل هذا الكلام لأول مرة مؤخراً في نقاشات على هامش مجلس السياسات ضمن سيناريوهات كلف كبار المسؤولين بتقييمها.

وأي نقاش من هذا النوع مضاد لمصالح حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز، لكن الأخير لا يبدو «مهتماً» ولا معنياً… لا بل يقول مقربون جداً منه إنه بات يتمنى «الانسحاب والراحة».
على جبهة الطاقم الوزاري.. الارتجال متراكم، والإرهاق كبير، و»تعدد المرجعيات يعيق الحركة ولا يغذي التنوع الإداري، «حيث اشتكى أحد الوزراء السياسيين لـ»القدس العربي» من «كثرة الاتصالات الهاتفية» والتعليمات والاستيضاحات التي تصله من «كل الجهات».
طبيعة الأزمة بعد الفيروس وضعت عملياً حكومة الرزاز «على أطراف أصابعها»، وبقية المؤسسات العميقة وغير العميقة تبادر وتناور ولا تستطيع ترك مساحة التفعيل للاجتهاد الحكومي البطيء والزاحف في كثير من الأوقات.
لذلك وحصرياً على الأرجح، يتذمر وزراء بارزون من «تعدد المرجعيات»، فيما يتذمر موظفون ومسؤولون في المؤسسات المرجعية العاملة في الميدان من «ضعف استجابة وزراء الرزاز».
تلك بطبيعة الحال وصفة مربكة لا توازي سياسياً بالوزن النوعي النجاحات الأمنية والصحية، حيث يشير المومني في مقال منشور ومعه النائب خليل عطية، إلى تلك الإجراءات التي يتأخر بعضها ويعتبر بعضها الآخر غير مفهوم، خصوصاً وأن الأزمة التي قررت الرؤية الملكية حصرياً تجاوزها بكفاءة وتحويلها إلى «فرصة» كشفت مثل البرد عن كثير من مؤشرات ومظاهر الخلل، حيث معايير مثل الخبرة والافتقار للبيروقراط وانشغال التكنوقراط الموجود بالخطاب والإعلام على حساب الميدان والإنجاز في مطب سبق أن حذر منه نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي.
في كل مرة تخفق الحكومة في الشرح والتفصيل، تستفيد الروايات السلبية وتؤثر فعلاً على ميكانيزمات الاستثمار في ملف النجاح الطبي، الذي قال مبكراً رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، وبرؤية نقدية، أنه ينبغي أن يتفاعل بالتوازي مع التحريك والتنشيط الاقتصادي مع إقراره بأنها عملية صعبة.
هي في كل حال عملية صعبة ومعقدة. والروايات السلبية استفادت حقاً أكثر من مرة، بدءاً من قصة توزيع الخبز في بداية الأزمة والحظر، مروراً بأزمة التصاريح، وانتهاء بالخلل الذي يقول مختصون إنه اعترى أمر الدفاع الخاص بسوق العمل، ثم القصور في شروحات وآليات مسألة الضمان الاجتماعي وقروض القطاع البنكي، ولاحقاً عمل القطاعات التجارية، وكل ما تعج به الساحة من جدال وملاحظات «أجلها فعلاً» الجميع في الشارع والنخب والمعارضة لأكثر من ثلاثة أسابيع؛ تقديراً للحراك الملكي والعسكري الفعال واحتراماً للظرف العام ضمن أولوية الاشتباك مع الفيروس.
وهي عملية صعبة.. صحيح، لكنها مطلوبة من الحكومة ورئيس الوزراء الذي قدمت له المؤسسة ما لم يحظ به أي رئيس سابق، وهو تفعيل قانون الدفاع.. بمعنى صلاحيات شبه كاملة وغير مقيدة بالتصرف ينبغي على الوزراء أن ينجحوا في تنفيذها على أفضل سبيل ممكن، مع أن الظروف معقدة واستثنائية وغير مسبوقة، كما أعلن نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور محمد الذنيبات، ومع أن تعاكساً ظهر أحياناً في تصريحات المسؤولين ضمن خلايا الأزمة وعلى مسار اللجنة الوبائية وبصيغة لا تريح حتى دوائر القرار، لأن مطالبة الشعب بالانضباط والالتزام والتحمل والصبر تقتضي دوماً ظهور قدر أكبر من الانسجام في السلوك الرسمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى