اراء و مقالات

«الجدعنة المصرية» وفزعتها للأردن: شكرا لكن… و«الجهل» عندما يقابل «حرب الكفار» في أوكرانيا

نشعر بوجودها لكن ليت الحكومة تحددها بصورة أكثر تفصيلا لنا نحن معشر المواطنين.
أتحدث عن”قوى الشر المؤدلج السوداوية” التي تحدث عنها دولة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، وسط حزمة مايكروفونات للفضائيات المصرية، من بينها ثلاثة ممثلين لشبكة النيل.
بالتأكيد الأردن مستهدف .وبالتأكيد يقصد دولته جهات محددة يمكن ترسيمها وتفصيلها ولو على قاعدة “إعرف عدوك”.
ثقتنا مرتفعة في أن الأردن أفضل بكثير مع علاقات إستراتجية في العمق المصري، أشار المستضاف على شاشة تلفزيون «المملكة»، وهو يتحدث عن “تعاون اقتصادي” مثمر بين البلدين من صنف “تلمس أثره الشعوب”.
لكن ما نلمسه، حتى الآن هو “فزعة” الإعلام التلفزيوني الرسمي المصري لشقيقه الأردني، وهي دلالة أكيدة مع الشكر طبعا لـ”الجدعان” على حالة البؤس المهني التي وصل إليها الإعلام الوطني الأردني.

الإنتاج المصري والرواية الأردنية

في اختصار ومن الآخر: الجدعنة المصرية الموجهة آخر ما يقنع وينفع الأردنيين، ومن خطط في عمان والقاهرة لتدخل “الإنتاج المصري” لصالح الرواية الأردنية، عليه أن يتراجع فورا ودون مقدمات فهو “يدمر أكثر” ما تبقى من مصداقية للخطاب الأردني.
وبدلا من الاحتفال بفزعة الجدعان مع الشكر لهم دوما وأبدا، علنا ننتبه فجأة لحاجتنا الملحة لإعلام حقيقي ولإعلاميين صادقين ومهنيين، ليس من نوع “يكره ويحب” عندما يتسلم باسم الولاء موقعه القيادي.
تراجعوا فورا. نرجوكم عن معلبات الـ”هشك بشك” المصرية، فقد صنعت حتى الآن ثورتان ولا نحتاج كأردنيين لخبرات وزير الإعلام المصري إياه وهو يقول لـ”وزيرنا يوما”:” معارضة إيه حضرتك! إحنا جماجم الكلاب دول نطحنها ونخلطها بالإسمنت اللي بنبني عليه أساسات الكباري في 6 أكتوبر”!
الأشقاء خبراء في خلط الإسمنت والجماجم، وعليه لا نحتاج خبراتهم واقتضى التنويه لأن آخر جهة حكومية تستطيع مساعدتنا في “الاستهداف” هي تلك التي تحاصر أهلنا في قطاع غزة وتحشر أهله لساعات في حافلات بدون تهوية.

أبو علي بوتين

يطلق عليه الرفاق في اليسار “أبو علي بوتين” .
مؤخرا على شاشة “المملكة” المحلية وبالصدفة في حوارية “الجزيرة” استبعد معلقان بالتزامن أن يفعلها فلاديمير بوتين ويؤسس لحالة اشتباك تنتهي بحالة حرب مع أن الحرب قامت.
بالصدفة أيضا راقبنا الفضائية السورية ليومين وحاولنا فهم خارطتها الإخبارية في متابعة وتغطية “أزمة أوكرانيا”. بصراحة لا حس ولا خبر، وكأن العرس الروسي – الأوكراني عند الجيران أو أهل درعا فقط.
فجأة تحولنا جميعا إلى قوم نجيد التحليل وقراءة الممحي ومنصات العالم العربي تواصل عزفها على تكهنات الحرب على أساس أنها “بين الكفار” فقط، مع أن أحدهم حاول لفت نظر خطباء الجمعة إلى أن الكفار والمؤمنين والملحدين في الشرق والغرب سيدفعون معا ثمن أي حرب تندلع، فسعر الغاز و”تنكة” البنزين على الأقل سيطال العلالي في الشرق المؤمن، مما يعني ارتفاع سعر قرص الفلافل وساندويشة الشاورما.
أعجبني خطاب قصير للرفيق “العم بوتين” أعادت بثه قناة “الشرق” يتحدث فيه صاحبنا عن استراتيجته في الاشتباك العسكري، قائلا إن بلاده عندما يحاول أي بلد قصفها ستعلم في لحظة إنطلاق الصاروخ وسترد عليه وبقوة قبل وصوله إلى أراضي روسيا.
يعني “أبو علي” يراقب من شاشة كل “سايبرات الكون” والأهم أن ملة الكفر ليست واحدة، كما تعلمنا فقد ختم بوتين خطابه العرمرمي قائلا: سيموت أعداؤنا وسيموت بعضنا أيضا. قتلانا شهداء وقتلى العدو في جهنم.
بكل بساطة، قالها بوتين وهو يبتسم “قتلى الصاروخ الروسي في النار والعكس يصبح شهيدا”، لكن دون إشارة للجنة .
بوتين هنا يفكر تماما طريقة «أبو غازي» خطيب مسجد حارتنا في عمان نفسها.

كبسولة الزمن

طبعا يستحق الأمر أكثر بكثير من 9 مايكروفونات وكاميرات لمحطات فضائية وتلفزيونية محلية، بعضها لا يشاهدها إلا مالكها ومراسل القهوة والشاي.
تابعنا ما قاله خبير الآثار الأردني المبدع الدكتور محمد طراونة على شاشة “رؤيا” حول الاكتشاف الأثري المثير المظهر لأن حضارة بشرية في الأردن وتحديدا في البادية الشرقية سبقت التاريخ المسجل حتى الآن.
كان البروفيسور المعني يشرح بحماس حيث اكتشفت خبرات أردنية المعلم الإنساني التاريخي ولم نلحظ أن المحاور سأله أمام الكاميرا عن سبب تسمية الاكتشاف بـ”كبسولة زمنية”. نعم تستحق تلك الكبسولة إنصاف البلد وليس الإصرار على السخرية منها، وزميل شاب أحسن القول عندما تعرض لـ”كبسولة الجهل” في التعامل مع الكبسولة المكتشفة، وهي عبارة عن تجمع حجري معماري مخصص للصيد هو أقدم ما في العالم الآن ونظيره يسبقه بـ3 آلاف عام دفعة واحدة.
السخرية من الروح مرض عضال، وسلبية البعض على المنصات تحديدا تثير الغثيان فعلا .
أبدع الطاقم العامل على الاكتشاف المثير الجديد وسجل هدفا عميقا يحتاجه الأردن قيادة وشعبا في ظل الإنكسارات، ولو كنت في موقع وزير السياحة – لا سمح الله – لفعلتها وأعلنتها في مهرجان دولي وليس فقط في مؤتمر صحافي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى