اراء و مقالاتمقالات وآراء

انتخابات الأردن 2020: ضرب “المال السياسي” يزيد تعقيدات “الإنفاق” ومرشح “الحشوة” كلفته أعلى

يناضل الطاقم العامل في الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات في الأردن لإظهار الدقة والاحتراف عند التدخل بالتفاصيل أكثر من أي اعتبار آخر.

مؤخرا أعلنت الهيئة بشفافية عن حصول أخطاء شكلت من أجلها لجنة تحقيق في مفاعيل صفحة  التواصل الرسمية التابعة للهيئة. وقبل ذلك أعلنت عن تحقيق أولي في ثلاثة ملفات أو شكاوي لها علاقة بشبهة الرشوة الانتخابية.

 يحصل ذلك فيما دخلت غرفة العمليات التي تحضر لإنجاح الانتخابات في تلك المفارقة المقلقة التي تسعى للتسلل إلى عمق المشهد الانتخابي بصورة تمتثل للتعليمات العليا والمرجعية ضد المال السياسي، وبالوقت نفسه توفير مخرج أو ملاذ استراتيجي لحرص المرشحين على انفاق المال.

 ثمة من يعتقد حتى في صفوف الموظفين الرسميين بأن مضايقة الانفاق المالي بصورة مبالغ فيها تحت عنوان الامتثال لتعليمات محاربة المال السياسي، يمكن ان تساند في تشكيل بيئة سلبية تحد من عدد المقترعين وبالنتيجة من نسبة الاقتراع.

البوصلة البيروقراطية هنا ستجد طريقها في البحث عن التوازن المطلوب وهيئة الإشراف على الانتخابات تستطيع التمييز ما بين الانفاق الشرعي والقانوني على الحملات الانتخابية وبين ما وصفه يوما رئيس الهيئة اليساري الدكتور خالد الكلالدة بالمال الأسود.

ويبدو أن رسالة التحذير من المال السياسي قبل الانتخابات وصلت فعلا إلى طيف واسع من المرشحين قبل نحو 8 أسابيع من يوم الاقتراع.

لكن لذلك تأثير في الميدان، حيث ساهم القلق من شبهة أو تهمة المال السياسي في تذويب طبقة “مرشحي الحشوات” وهم مرشحون غير مؤهلين للنجاح يلتحقون بالقوائم الانتخابية لأطماع مادية على الأرجح.

هؤلاء في نظام الحشوات لم يعد من الممكن ترتيب أي اتفاق  بدلا من نفقاتهم لأن القائمة في العادة لا تفرز إلا مرشحا واحدا قويا.

 وفي النتيجة أصبح تشكيل قائمة خطوة بمثابة المهمة الصعبة تساعد في إفراز نوعيات متقدمة من المرشحين لها فرص نجاح أفقية. هذا مؤشر مربك لغرف إدارة الانتخابات ومربك للمرشحين وقوائمهم خلافا لأنه طازج ومستجد ويعني بأن المرشح القوي والمتمكن حتى يفلت بمقعد لا مناص أمامه إلا التحالف في قائمة مع مرشحين أقوياء لا تنطبق عليهم معايير الحشوات.

وما يحصل هنا يحول النجاح بتشكيل قائمة متزنة لمهمة صعبة ومعقدة إضافة إلى انه يضطر المرشحين وخصوصا الكبار منهم لتغييرات تكتيكية جوهرية بالتحالف، مع أن بعض النتائج ستصبح خارج التوقع جراء هذا التعقيد في تشكيلات القوائم.

ومع أن الطرف الوحيد الذي يمكنه الاستفادة في التفاضل العددي هنا هو الحركة الإسلامية قبل وأكثر من غيره والمجازفة قد تكون كبيرة إذا ما اضطرت الجهات المختصة للتدخل أكثر من أجل تقليص فرص الإسلامين المنظميين أو فرص أصحاب الصوت المرتفع والمعارض والمناكف. ويعني التقليص في هذا المفصل تحديدا المجازفة بخدش منظومة النزاهة، وهو أمر قد لا تسمح به الاعتبارات العميقة خصوصا وان نسبة عزوف كبيرة متوقعة عن الاقتراع في الأطراف والمحافظات وليس في المدن الكبرى فقط في الموسم الحالي لأسباب متعددة أهمها الاستعصاء الحرياتي والاحتقان الاقتصادي والمعيشي.

 وإذا تم التسليم بأن الشارع الأردني وعلى حد وصف البرلماني السابق سامح المجالي محتقن قليلا ولا يظهر الاهتمام الكافي بالانتخابات، فمنطق الحسابات السياسية سيقول في هذه الحالة بان نسبة المشاركة ستكون الأضعف. وبأن الحملات على الانفاق خوفا من تأثير المال السياسي ستنضم إلى ذوبان شريحة الحشوات في تأليب المجتمع ضد العملية الانتخابية  خصوصا مع توسع لاحظه وتحدث عنه لـ”القدس العربي” ولغيرها رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري في عدد الغاضبين والمحتقنين أو الكاظمين للغضب.

لذلك تبدو مهمة التحضير للانتخابات حقيقية أيضا معقدة خصوصا وقد راقبت “القدس العربي” سلسلة كبيرة بمئات التعليقات على تقاريرها عن الانتخابات وهي تشكك بالنتائج مسبقا وتطعن بشرعية العملية ليس فقط في نطاق العبث أو التدخل أو حتى التزوير، ولكن الأكثر حساسية في نطاق فقدان الإيمان بضرورة وجود مجلس للنواب أصلا.

تلك قد تبدو المحطة المربكة والمقلقة فعلا والتي تظهر اليوم بأن الإيمان بوجود برلمان تأثر جذريا وبعمق بسياسات الإقصاء الحكومية المنهجية لمجلس النواب واستهداف رموزه وسمعتهم أحيانا منذ بدأ الاشتباك مع فيروس كورونا حيث لم يسمح باجتماع واحد لمجلس نواب معطل ومشكوك بنزاهة بعض أقطابه وأهم رموزه.

قد تدفع الانتخابات الوشيكة من حيث نسبة الإيمان والمشاركة فيها ثمن الاستهداف المنظم وتحييد مجلس النواب طوال الأشهر السبعة الماضية وبدون مبرر واضح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى