اراء و مقالات

الأردن مجددا: «جيب المواطن هو الحل»

تبدأ الخطوة الأولى في الحل، بمعنى حل الطبقة السياسية والبيروقراطية والتكنوقراطية الحالية وإحالتها إلى التقاعد، وتشكيل ملاذ لطاقم وطني بيروقراطي، يتولى الأمور، ويبحث عن حلول

ما هو الحل؟
هذا هو السؤال الاستفهامي أو الاستنكاري الذي يطرحه كل سياسي أو مسؤول أو وزير على من يناقشه بنوايا الحكومة في اللجوء دوما بنفقاتها الرأسمالية إلى «جيب المواطن».
جيب المواطن الأردني اليوم «مثقوب» والحكومة تعلم جيدا أن رفع أسعار المحروقات مجددا يرفع كلفة منظومة الخدمات أيضا والسلع التي يحتاجها المجتمع.
ما هو الحل؟ سؤال استنكاري يستخدمه الضعفاء والبائسون لإحراج من يسألهم في ظل تزايد كلفة المديونية الخارجية وتضاعف المديونية الداخلية، وفي ظل ما حذر منه الخبراء تحت عنوان الانزلاق نحو السيناريو اللبناني لا سمح الله.
لا نريد لبلادنا الانزلاق نحو أي سيناريو، وصيغة السؤال تعني بأن المسؤول الذي يعالج مواطنا أو صاحب رأي بمثل هذا السؤال يبدأ الحل من إقالته عمليا، فواجب وضع الحلول على الحكومات والنخب التي تختار لتمثيل الناس في دوائر القرار.
ولو كان المواطن العادي أو المعلق الإعلامي أو الناشط السياسي من الشرائح التي تعرف ما هو الحل لما كانت الحاجة ملحة لوجود حكومة أصلا.
المفروض جدلا أن من يعرف الحلول هم أولئك الذين يتم تغذيتهم وتسمينهم وزرعهم على أكتاف الشعب الأردني، تارة باسم تمثيله تحت عنوان التمثيل تدجيل، وتارة باسم مناطق أو عشائر أو مكونات اجتماعية حيث ماكينة صناعة الرموز والأدوات والوزراء، قد تكون الماكينة الوحيدة الخلاقة لأنها تبتكر يوميا تلك الوصفات الشخصانية والأجنداتية التي تكرس الشللية أولا وتدار الأمور بموجبها ثانيا على شكل عصابة بيروقراطية. وثالثا وهو الأهم تسحب من رصيد النظام والدولة كلما تم تجريب مسؤول أو وزير، وأخفق أو فشل لأي سبب من الأسباب.
ما هو الحل؟ ليس السؤال الذي يطرح في مكانه وزمانه الواضح الملموس والمؤكد. ومعشر المواطنين هم الجهة التي يفترض أن تسأل السلطات عن غياب الحلول طوال العقود الماضية، وعن تراكم وتكدس الأزمات، خصوصا وأن البلاد فيها أكثر من خمسة آلاف مواطن على الأقل، ممن يحملون الألقاب الوظيفية والبيروقراطية، ويصرون على أن يخاطبهم المجتمع ورفاقهم في أجهزة ومؤسسات الدولة بألقابهم.
الحكومة مؤخرا عالجتنا بمقولة «لا تملك الخزينة ترف البقاء في دعم المحروقات والمشتقات».

تبدأ الخطوة الأولى في الحل، بمعنى حل الطبقة السياسية والبيروقراطية والتكنوقراطية الحالية وإحالتها إلى التقاعد، وتشكيل ملاذ لطاقم وطني بيروقراطي، يتولى الأمور، ويبحث عن حلول

حسنا: لماذا فقدت الخزينة هذه القدرة بصورة محددة؟ لماذا لا تخفض الضريبة على المحروقات بدلا من رفع الدعم إن كان حقيقيا؟
أي حلول هنا تبدأ من عند أصحاب الحل والعقد وأقترح بكل بساطة وباختصار أن يبدأ الحل حصريا من عند أي مسؤول أو سياسي أو موظف كبير أو صغير يطرح سؤالا مثل ما هو الحل؟
إقالة بعض هؤلاء والتخلص منهم واجب القرار ومن هنا تبدأ أول خطوة بالحل. بكل حال تقول الحكومة إنها لم ترفع ضريبة جديدة، وقد يكون هذا صحيحا، لكن الإفلات من كمين المحروقات الذي سيؤدي إلى تكديس الحراك الشعبي وتنشيطه مجددا إذا لم تستدرك أوساط القرار هو مقاربة مختلفة اليوم تعني الكثير.
بكل بساطة على الحكومة أن تبدأ بتخفيض الضرائب التي تحصل عليها الخزينة من بند المحروقات، وإيجاد طريقة لتوفير النفقات وتعويض الفاقد على الخزينة في هذا السياق، وتلك وصفة بصراحة سمعتها من مختص بيروقراطي واقتصادي حريص على حالة الاستقرار العام.
باختصار نعتقد بأن الحل يبدأ من فوق وليس من تحت، وبأن المواطن الأردني هو آخر محطة في طرح هذا السؤال وللإجابة مباشرة نقول لكم: يا قوم، يا من تسكنون طبقات المجتمع العليا حتى الآن ولا تستمعون لتلك التنهدات التي وردت في صوت متقاعد عسكري يبكي على الهواء مباشرة، أو شاب أنزلته شرطية بصعوبة عن أعلى جسر في العاصمة عمان بعدما حاول الانتحار، يا قوم عليكم الانتباه. والحل يبدأ من عندكم وعبركم بشكل أساسي.
ونتحدث هنا عن النخبة التي يتم اختيارها وعن مقاربات لتجنب الانزلاق والعثرات بالعودة إلى قواعد اللعب الصحيح في اختيار الكفاءات مادامت البلاد لا يوجد فيها أحزاب وانتخابات حقيقية يمكنها أن تفرز قادة المجتمع بحيث يتم تحميلهم المسؤولية. ومادام الجميع برسم التعيين، سواء المعين أو حتى المنتخب حتى اللحظة على الأقل.
ضروري جدا الآن وليس غدا العبث في قواعد أزمة الأدوات، واختيار مسؤولين ووزراء وموظفين كبار من الصنف الذي يشعر ولو قليلا مع المواطن. وبالتالي من هنا تبدأ الخطوة الأولى في الحل بمعنى حل الطبقة السياسية والبيروقراطية والتكنوقراطية الحالية وإحالتها إلى التقاعد، وتشكيل ملاذ لطاقم وطني بيروقراطي، يتولى الأمور، ويبحث عن حلول لأن ضعف المؤسسة والدولة وضعف مصداقيتهما بعد الآن مرتبطان حصرا ليس بالإصرار على نبذ التشكيك العام، ولكن بالإصرار على منع المسؤولين الحاليين، إذا لم يتسن استبدالهم بطبيعة الحال من طرح سؤال استفهامي على الناس من طراز ما هو الحل؟
الحل مطلوب من الدولة وليس من الشعب وعلى تلك الأسطوانة أن تتوقف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى