اراء و مقالاتمقالات وآراء

بين خلطة “الشاي” و”البابونج” مقاربات في “التعشيب” السياسي عند الإسلاميين الأردنيين عشية الانتخابات

يواجه الجناح المؤمن بأهمية المشاركة من الإسلاميين الأردنيين بانتخابات 2020 سلسلة مطبات وكمائن تعرقل طموحه، في الوقت الذي تحرص فيه قيادات في الحركة الإسلامية على وحدة حزب جبهة العمل الإسلامي وانضباط التنظيمات الإخوانية عبر منع أي تأثير سلبي للتجاذب الانتخابي.

الفرصة هنا متاحة أكثر من أي وقت مضى للتفكير البطيء والزاحف.

 في محيط الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المعارض الشيخ مراد العضايلة، يتم التحرك في ملف الانتخابات بدقة وحذر ولسببين.

السبب الأول يتمثل في أن إصرار قيادة مطبخ الحركة الإسلامية على المشاركة في الانتخابات يتطلب وحدة مواقف مكتبي التنفيذ ومجلسي الشورى في جماعة الإخوان وفي حزبها.

دون ذلك أقر القيادي الشيخ زكي بني أرشيد وعلى هامش نقاش تفاعلي شاركت به “القدس العربي” بحضور بعض الشخصيات الوطنية بأن عدم الذهاب إلى الانتخابات بموقف موحد من مؤسسات الحركة يعني “قرب الاصطدام بالحائط”.

أما السبب الثاني فيتمثل في حرص الشيخ العضايلة على ان لا تسجل سوابق تدعو للانقسام داخل هيئة الحزب وبين كوادره عندما يأخذ أي قرار له علاقة  بالمشاركة بالانتخابات أو مقاطعتها.

 تحدث العضايلة مع “القدس العربي” بالعموميات وطالب بخطوات انفراجية تقنع ليس فقط الإسلاميين بل الأردنيين بأن المناخ مناسب لانتخابات عامة، مقرا بأن المناخ الحالي بما فيه من انتهاكات للحريات وملاحقات للإسلاميين أو غيرهم من النشطاء سالب بالنتيجة، ولا يواتي أجواء انتخابات تحتاج لتخفيف الاحتقان العام والاسترخاء قليلا حيث الأعصاب مشدودة عند الجميع.

صارح العضايلة مسؤولين كبار التقاهم بمخاوفه.

لكنه يبدو مهتما قبل أي اعتبار آخر بأن تكون الأجواء إيجابية داخل مؤسسات الحزب وعناصره، بمعنى أن لا يؤثر الموقف من مقاطعة الانتخابات أو المشاركة فيها بتأسيس تجاذبات داخلية تخدم أجندة خصوم الحركة وهم متعددون في الخريطة السياسية.

 ينجح الشيخ العضايلة بمهمته ويحاول ضبط الايقاع. ويتم كما علمت “القدس العربي” من مصادر حكومية،  تأجيل اجتماع مهم لمجلس شورى حزب الجبهة قبل حسم أمر المشاركة بالانتخابات من عدمها على أمل أن ينضج حوار داخلي يناقش كل المعطيات.

 لكن دعاة المشاركة من رموز التيار الإسلامي يبدو انهم يتحركون بلا ذخيرة حقيقية لا بل بذخيرة معاكسة فخخت مسبقا حوافز المشاركة في الانتخابات، فنقابة المعلمين لا تزال مغلقة وثمة مذكرة أرسلها العضايلة لرئيس الوزراء عمر الرزاز يلوح فيها بالكشف التفصيلي عن كل مظاهر التدخل البيروقراطي والسلطوي ضد مشاركة الإسلاميين في الانتخابات المقبلة. في تلك المذكرة تلميح مباشر لتدخلات أمنية تحاول هندسة الخريطة الانتخابية وبالنص الصريح.

والعضايلة وصف المسألة باختصار مجددا أمام “القدس العربي” وليس فقط على طاولة وزير التنمية السياسية موسى المعايطة عندما قال: إذا أحضرت بعض الماء المغلي وقليل من السكر وعبوة بابونج فستحصل بالنتيجة على مزيج بكأس بابونج لا يمكن اعتباره على أي نحو أو تسميته بكأس من الشاي.

الخلط بين البابونج والشاي كاد الفكرة التي يحاول فيها الشيخ العضايلة التأشير على تدخلات بيروقراطية ومؤسساتية برفقة اجتهادات بصورة تحاول هندسة هوية وشكل مجلس النواب المقبل مؤكدا بأن الادعاء بعد خلط البابونج بوجود كأس شاي غير دقيق.

الرسائل الملغزة هنا تحاول أن تقول إن الحكومة تتدخل في قائمة مرشحين محتملين باسم التيار الإسلامي عبر الضغط لتغيير ملامح قوائم قيد الترشيح.

تلك رسائل بتقدير المعايطة وبني أرشيد ورفاقهما في الحركة الإسلامية وحتى بتقدير القطب البرلماني الدكتور عبد الله العكايلة، تعني بأن الرغبة بمشاركة الإسلاميين بانتخابات قد تكون أقرب إلى مكيدة أو كمين أو تضليل أو على الأقل لا تعكس الموقف الحقيقي، لأن النتيجة ستكون هندسة المجلس وبوصلة القوائم.

لكن مشاركة الإسلاميين أو غيرهم مطلوبة إلى حد بعيد، لأن أحد أبرز تحديات الانتخابات المقبلة له علاقة بأرقام المشاركة ونسبتها المتواضعة جدا بموجب استطلاعات عميقة بقيت خلف الستارة الآن في الوقت الذي لا تريد القيادة الحالية للحركة الإسلامية التورط فيه بسيناريو مشاركة يمكن أن يضعفها مستقبلا في مطب داخلي محتمل أيضا سيؤدي إلى إضعاف القيادة الحالية للتيار بعد مجازفة الانتخابات.

 وهنا تحديدا وفي هذه المساحة الضيقة تصبح مفارقة الفوارق بين الشاي والبابونج أساسية في لعبة تسييس المسألة برمتها، لأن الجميع في عمق دوائر الحيرة الانتخابية قبل نحو 7 أسابيع على الأقل من يوم الاقتراع الموعود ولإن قطاعات أوسع بدأت تخشى نتائج “التعشيب” والتنميط السياسي على هذا النحو.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى