اراء و مقالات

مصالح الأردن في العراق «قد تعاني» بعد استلام السوداني ووضع كل البيض في سلة الكاظمي

يرى مراقبون بان علاقات ذات بعد اتخذ شكلا إستراتيجيا في السنوات الثلاث الماضية التي كان الكاظمي فيها صديقا وفيا للأردن وكانت عمان داعما قويا له.

عمان ـ «القدس العربي»: في التصور الجيوسياسي المتسارع اليوم لشبكة العلاقات والمبادرات والمشاريع الأردنية التي تحمل صفة واسم «الحزمة العراقية» يمكن مبكرا وقبل الاختبارات المباشرة تلمس أنماط جديدة عراقيا من الاحتكاك المضاد للمصالح الوطنية أو المرسومة خصوصا بعد التغيير الدراماتيكي الأخير في قيادة المنظومة العراقية التي تحكم الأمور في بغداد اليوم.

بعد تمكن رئيس الوزراء الجديد محمد شياع السوداني من اعتلاء منصة رئاسة الوزراء بالرغم من كل الاتجاهات المعاكسة لوجوده، بعض الهواجس والمخاوف عند طبقة كبار المصدرين على الأقل صارت تنمو وتزحف أردنيا.
قفزة السوداني في بغداد حصلت بصيغة يعتقد انها تؤثر سلبا على العديد من المشاريع التي برمجتها حكومة عمان حصرا مع رئيس الوزراء الأسبق وحليف عمان القوي وصديقها وصاحب المبادرات بالمقابل الاقتصادية والتجارية وتلك المتعلقة بقطاع النقل والتكامل معها الدكتور مصطفى الكاظمي.
يغيب الكاظمي عن المشهد ويجلس السوداني في موقعه فتقلق بعض الدوائر المهتمة في عمان.
على المحك بعد التغيير الأخير في منظومة «الهرم العراقي» سلسلة مثيرة ومهمة من الطروحات الأردنية في ظل وجود رئيس وزراء من وزن السوداني محسوب بالمطلق على اللوبي الإيراني الذي كان قد تمترس وراء التحرش طوال سنوات بالمصالح الأردنية ليس السياسية فقط، ولكن أيضا ذات الطابع الاقتصادي والتجاري.
صوت قادة فاعلون في التجربة الاقتصادية والتجارية الأردنية وأبرزهم رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق لصالح مقاربة وطنية أعمق وأكثر تأثيرا في التعاطي مع دعم وإسناد احتجاجات التعاون الثنائي مع الأسرة العراقية.
والعراق حتى برأي خبير اقتصادي مثل الدكتور أنور خفش شريك تجاري واقتصادي كبير جدا لابد من الاستثمار به ومعه طوال الوقت.
هنا يرى مراقبون بالجملة بان على المحك العراقي اليوم علاقات ذات بعد اتخذ شكلا إستراتيجيا في السنوات الثلاث الماضية التي كان الكاظمي فيها صديقا وفيا للأردن وكانت عمان داعما قويا له ولحالة استقرار سياسي أثناء رئاسته للوزراء في العراق الجار المهم.
مؤخرا فقط سلط رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات في محاضرة مثيرة له الضوء على منطقة الفراغ في المصالح الأردنية مع العراق وأشار بوضوح إلى ان مشروع النفط العراقي الأردني تحدث الأردن والعراق به حتى اللحظة منذ عام 1984 متوقعا ان لا يمر مثل هذا المشروع بسبب ما وصفه في محاضرته بانه عدم وجود ضمانات بان لا تعتدي إسرائيل على هذا الأنبوب.
كان عبيدات يضرب مثالا على مخاطر الجوار التي تؤثر للغاية على مصالح بلاده في صيغة سبق لخبير كبير من وزن عبد الكريم الكباريتي أن حذر منها أيضا عندما تحدث عن مصالح بلاده في ميزان بلدين مجاورين كبيرين لدى إيران نفوذ كبير جدا فيهما.
في كل حال الهواجس الأردنية بعد رئاسة السوداني صاحب السجل السابق في المجال الحيوي لإعاقة مصالح الأردن الاقتصادية في السوق العراقية لا يقف عند إرجاء محتمل للمرة العاشرة لمشروع الناقل أو الأنبوب النفطي، فعلى المحك أيضا سلسلة أو حزمة اقتراحات الأردن بخصوص مشروع التكامل الثلاثي. وهنا خسائر محتملة لأكثر من 13 اتفاقية وقعت بين البلدين وبعضها في الإطار الثلاثي مع جمهورية مصر العربية على صعيد النقل والتجارة واللوجستيات والتعاون الصحي والتعاون في المجالات الاستشارية. وأغلب التقدير ان النقابات المعنية بالهندسة والإنشاءات والمقاولات في الأردن قد لا تتاح لها مساحة مرنة للتعاطي مع السوق العراقية في ظل حكومة يمكن القول ببساطة بعيدا عن توازنات المصالح يترأسها السوداني وتربطها بالحكومة الأردنية خلافات سياسية لا يمكن إنكارها، وميزان علاقات يعتقد بانه من الصنف الذي يتأثر بخشونة بالعوامل الإيرانية وهنا لا يقف الأمر عند حدود التكامل وتفرعاته ثلاثيا مع مصر والأردن وقد يتجه نحو خلافات سياسية أكثر علنية في ظل قناعة السوداني بان العلاقات الأردنية الإيرانية لا تزال متردية أو سيئة أو لم يحصل فيها أي تطور بالرغم من الرسائل المهمة التي وجهها قبل أسابيع للإيرانيين رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة عندما فتح المجال أمام مصالحات دبلوماسية وسياسية وحالة تشاور رافضا الإقرار بان إيران تحاول الاعتداء والمساس بالمصالح القومية الأردنية الداخلية.
تلك الرسالة من الخصاونة قالت مصادر مطلعة وعميقة انها تقف عند حدودها الإعلامية ولن تعكس تطورا في الذهنية الأردنية المرتبطة بالاشتباك مع الإيرانيين والتقارب منهم كما يقترح قادة سياسيون كبار في النخبة الأردنية من بينهم الرئيسان عبيدات والكباريتي وغيرهما.
وهذا يعني عمليا وفي الخلاصة والاستنتاج ان الأردن اليوم في اختبار التعاطي مع حكومة يترأسها السوداني وهو نوع من التعاطي يختلف في النمط بالضرورة عن التعاطي مع حكومة كان يترأسها الكاظمي ووضع عمليا كل طبق البيض الأردني وبحماس غير مفهوم في سلتها.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى