اراء و مقالاتمقالات وآراء

جريمة مروّعة تهزّ الأردنيين… بتر يدي طفل وفقء عينيه ثأراً

هزت الأردنيين جريمة بشعة ومروعة شملت بتر يدين وفقءعينين لطفل، أمس، في مدينة الزرقاء,

وطوال 24 ساعة بعد بث فيديو مرعب لجريمة ضد طفل ارتكبت في أحد أحياء المدينة، تابع الملك عبد الله الثاني – شخصياً – الحدث المروع، فأصدر سلسلة أوامر بدأت من إخضاع المجرمين واعتقالهم وانتهت بأمر ملكي بنقل الطفل الضحية إلى الخدمات الطبية العسكرية على أمل إنقاذ ما يمكن من بقاياه.
وشاهد عشرات الآلاف من الأردنيين شريط فيديو مصورا لنتيجة تلك الجريمة. الفيديو صادم للغاية، ويظهر فيه الفتى الضحية جراء جريمة ثأر من عمّ له على خلاف حصل قبل عشر سنوات، مرمياً على الرصيف في أحد شوارع الزرقاء بعينين مفقوءتين ويدين مبتورتين.

خبراء القانون يتحدثون عن «جرائم إرهاب» وقصور في «العقوبات» والملك غاضب

وسأل الناشط والمحامي الأردني المعروف محمد طقاطقة، أمام «القدس العربي»: عن أي وحوش نتحدث هنا؟ تلك، برأي طقاطقة، جريمة تفوق التصور والخيال، فحتى التعذيب في العصور الوسطى لم يصل إلى هذا المستوى من الوحشية.
أصر طقاطقة على أن بتر يدي الطفل الضحية وفقء عينيه ليست جريمة عادية حتى بالمفهوم القانوني، بل «أم الجرائم» فهي ليست ضد شخص بل ضد المجتمع والوطن برمته، وتنتمي إلى الجرائم الكبرى التي توازي الخيانة العظمى، فما حصل بشع جداً وغير مسبوق، وعلى السلطات التعامل معه على أساس التشريعات التي تكافح الإرهاب وليس على أساس القوانين العادية.
يقف المحامي طقاطقة وآخرون من خبراء القانون على قصور كبير في تشريعات قانون العقوبات، سبق أن اشتكى منه مديرون كبار للأمن العام أمام «القدس العربي».
وهنا تذكير بأن ترويع المجتمع أصبح حرفة وسط التغاضي البيروقراطي أحياناً، وينتقل إلى مستوى التنظيم الدقيق والشبكات النشطة التي يتم تجاهلها ويستعملها بعض النافذين هنا أو هناك، خصوصاً أن ظاهرة الإتاوات والخاوات التي تفرض على التجار قديمة، وسبق أن أحجمت حكومات عدة عن مواجهتها.
واستفزت جريمة الزرقاء القصر الملكي الأردني، وأثارت موجة عاتية من الصخب الشعبي، لأن تفاصيلها غير مألوفة وغير مسبوقة، ولأنها صورت بالفيديو الذي شاهده الرأي العام وبكثافة، حيث فتى ألقي على رصيف بعد بتر يديه وفقء عينيه بطريقة وحشية وبواسطة بلطة «آلة حادة تستخدم في قطع الأشجار والأخشاب».
والطفل الضحية كان يحدث أحد المارة مباشرة بعد الاعتداء عليه، قائلاً «لقد خطفوني… وأعرف من هم» لكن الحقيقة أن الأجهزة الأمنية تعرف هوية الخاطفين أيضاً، فأحدهم لا بل أبرزهم كان قد أفرج عنه بكفالة من قبل الحاكم الإداري قبل ساعات من الجريمة، وبعد توسط شخصيات معروفة في محافظة الزرقاء، الأمر الذي يحصل بين الحين والآخر، ويوفر غطاء باسم تواطؤ المجتمع أيضاً.
الغضب الملكي لم يعد ممكناً تجاهله الآن. وسياسياً على الأرجح، ستقود الجريمة تلك إلى فتح العديد من الملفات المسكوت عنها تماماً، والتي يفتحها المجتمع غاضباً وقسراً الآن عشية الانتخابات البرلمانية، كما ستضطر الدولة لفتحها إزاء بشاعة وتصوير ما حصل، مهما كانت الكلفة.
وعلى المحك اليوم ملفات كانت تشكل بالعادة خطوطاً حمراء لا يتحدث عنها العامة، والسبب في ذلك أن أربعة أشرار من أرباب السوابق قرروا توجيه رسالتهم البشعة وتصويرها بالفيديو ضد الدولة والمجتمع وبصورة علنية بغاية الاستهتار والاستفزاز.
الملف أصبح ساخناً للغاية وانفجر في حضن الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور بشر الخصاونة، ووزير العدل بسام التلهوني وصف ما حصل بأنه ترويع للمجتمع. وهي صيغة تعني بأن وزارة العدل عليها الآن واجب كبير واستثنائي، فالحديث منقول ومتواتر وقديم عن قصور التشريعات، وعن خلل في قانون العقوبات يتيح لهؤلاء المجرمين البقاء أحراراً.
والحديث لم يعد سراً عن مرشحين في الانتخابات أو نواب سبق أن استخدموا أو سيستخدمون بعد الآن شرائح البلطجية في عملياتهم. وكذلك عن تلك الاجتهادات والنظريات البيروقراطية في إدارة نمط من العلاقات لأغراض بناء المصادر في المعلومات.
كل تلك الملفات ينبغي أن تفتح بعد تصوير واحدة من أبشع الجرائم التي لا يمكن تخيلها، حيث دليل قوي وساطع وبالبرهان ضد الدولة وهيبتها والقانون في حال الاستمرار بتبرير النوم أحياناً مع فارضي الخوات وأصحاب السوابق وعتاة المجرمين، على فراش واحد ولو مؤقتاً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى