اراء و مقالاتمقالات وآراء

حكومة الأردن لـ «كورونا فقط»… هل يطيح الرزاز بكلاسيكيات «المحاصصة» عبر تعديل أو «إعادة تشكيل»؟

الوزير جابر يثير الجدل مجدداً ورسائله تتدخل في كل الشؤون السياسية والسيادية

 

يعود وزير الصحة الأردني المثير للجدل، وبعد إعلان الحظر الشامل اليوم، إلى الظهور مجدداً على شاشة الجزيرة ليتحدث للأردنيين والعالم عن صعوبة فتح المطار واستئناف الرحلات الجوية قبل الأول من تموز المقبل.
لدى الوزير سعد جابر «حكاية نجاح»، بتقديره الشخصي، قرر الحفاظ عليها أو الانسحاب من المشهد الوزاري دونها حتى عندما يتعلق الأمر بملفات لا علاقة له فيها، خصوصاً أن فتح المطار من القرارات السيادية العليا التي لا تعتمد فقط على الاعتبارات الصحية. يتشدد الوزير جابر وسط مساندة شعبوية أحياناً بكل الإجراءات، وفي إحدى المراحل نجح في استقطاب وزير الأوقاف الدكتور محمد الخلايلة لصفه ضد حتى توصيات لجنة الوباء التي أوصت بترتيبات خاصة لفتح المساجد ودور المعابد في وقت لاحق، مع أن وزير الأوقاف اعتبر القرار لوزارته وليس لأي طرف آخر.

في كل حال، المفترض أن يتحدث عن المطار والنقل بعموم تصنيفاته وزير النقل الشاب والجديد في الحكومة خالد سيف، الذي يجد بدوره صعوبات في التموقع وسط الحالة البيروقراطية العامة التي لا يعرف عنها شيئاً ضمن سلسلة تجاذبات داخل الحكومة يعتقد المراقبون أنها تتلاعب بهوية وتركيبة المجلس الوزاري الحالية. لكن الوزير جابر، انطلاقاً من موقعه والتقدم الذي حققه الاحتواء الفيروسي تحت إشرافه، يمد أجنحته لغالبية المساحات؛ فهو يتحدث عن المساجد والكنائس والمطار والحدود والجامعات والمدارس، وقراراته الإجرائية تؤثر بالصلب في رزق التجار وحركة الناس في مشهد غير مسبوق ولم تعتد عليه حتى المؤسسات الأردنية في وزارة طوال الوقت مهمة وأساسية، لكنها لم تكن يوماً تتحكم سياسياً في البوصلة إلى هذا الحد.
حتى عندما يتعلق الأمر بلجنة الأوبئة التي تقود الميدان في معركة التصدي للفيروس ومطاردته، يبدو أن الوزير جابر نجح في إخضاعها وإحكام السيطرة على ما يخرج منها أو يعبر عنها من تعليقات علمية وصحية، في الوقت الذي يعتبر الوزير نفسه فيه ممثل الحكومة ومرجعها في قرارات وتوصيات لجنة الأوبئة، على حد تعبير وزير الأوقاف.
بعض القلقين من نمو نفوذ الوزير جابر يأخذون عليه التصرف كـ»طبيب» متشدد في إجراءات الحظر والتحدث – من دون خبرة- عن سلسلة من الملفات والقضايا السياسية والبيروقراطية التي تدفع بقية الوزراء، خصوصاً في الطاقم الاقتصادي، للبحث عن مناورات وسط أزقة الإجراءات وقنواتها. لذلك، تزداد في أروقة القرار القناعات بأن التعديل الوزاري المقبل، عليه أن يراعي وجود طاقم اقتصادي قادر على المناولة والتفعيل في ضوء الأولوية الاقتصادية التي ينبغي أن تطغى اليوم على بقية الأولويات وتسير بـالتوازي مع احتياطات «صـحية وقائية» فعالة، كما شدد رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفـاعي في نقاش عام أمام «القدس العربي» وعبر سلسلة مقالات.
ولا يبدو هنا أن الطاقم الاقتصادي مستقر، خصوصاً في ظل عدم وجود «خطة استراتيجية شاملة» متفق عليها وبروز زحام في الأجندات والتصورات، مع أن اللجنة الاستشارية العليا التي شكلها رئيس الحكومة تقدمت بوثائق يعتد بها بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومع أن عدة إستراتيجيات وتصورات وضعت بين يدي الحكومة ومركز الأزمات، من بينها تلك التي حملت من باب المـقايسة السـياسية اسم مشروع مارشال بتوقيع البرلماني خـير أبو صعليك، وكذلك الوصفـات المنـظمة التي صـدرت عن لجان المجلس الاقتصادي الاجتماعي. وعليه، لا توجد وسيلة أو أداة قيـاس يمكن عبرها التوثق من «نتائج أفضل» في حال وضع مصفوفات على طريقة الرئيس الرزاز والالتزام بها.
ولا تتوفر تقنيات للقياس السياسي أيضاً إذا ما تم تمكين الرزاز من إجراء تعديل وزاري موسع على فريقه تحت عناوين الوزارة الرشيقة التي باتت من متطلبات البنك الدولي، لأن الاعتبارات التي تؤدي إلى اختيار الوزراء أصلاً «غير مهنية» وتنسجم مع المحاصصة الجهوية والجغرافية والعشائرية وتتمسك بحسابات بعيداً عن الأساس المهني، مرة لها علاقة بحلفاء وأصدقاء رئيس الوزراء، ومرات لها علاقة بحصة بقية المؤسسات ومراكز القوى من المقاعد الوزارية داخل الحكومة.
مراعاة كل تلك الاعتبارات، حتى إذا وصل الأمر إلى تفويض بتعديل وزاري على نمط «إعادة تشكيل» ودمج وزارات، قد يكون من المهام الصعبة، مع أن الفرصة في ظل جائحة كورونا متاحة تماماً الآن وأكثر من أي وقت مضى للإطاحة بكل معلبات وكلاسيكيات اختيار الوزراء والتركيز على الجوانب المهنية والقدرات، الأمر الذي يطالب به الشارع اليوم وينبغي أن تطالب به جميع مراكز القوة في دوائر القرار. وذلك مهم وأساسي في ظل إصرار وزير الصحة حصرياً على التصرف داخل الحكومة على أساس أنها «وزارة كورونا فقط»، مع أن المطلوب من التعديل أو إعادة التشكيل تخصيص فريق لكورونا فقط.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى