اراء و مقالات

عيب “يا مهندسين”… بين “بروفسور تونس” وجنرال السودان وصلة “اللطم القومي” على الهواء

لو كنت مكان النقابي الإسلامي الفاضل بادي الرفايعة لما استعنت بصورة مبثوثة من “فضائية النظام السوري”  ويظهر فيها نقيب المهندسين  الفاضل أيضا وجدا أحمد سمارة الزعبي مع وفد باستقبال الرئيس السوري بشار الأسد.

لا زلت شخصيا عند قولي القديم: الوفود التي تحج إلى “أي ديكتاتور عربي” باسم عباءة الشعب الأردني قدمت مساهمة فعالة في تلك الإغماءة التي يعقبها “تضخم الذات” عند رؤساء انظمة التعسف قبل السقوط دوما.

نقابة المهندسين “لها مصالح حيوية جدا” في العمق السوري ومن الطبيعي أن يحاول نقيبها زيارة دمشق لرعاية تلك المصالح.

سوريا آن لها أن تعود بعد إغلاق ملف “المؤامرة”.

وعندما سألتني على الهواء مباشرة شاشة رؤيا عن موقفي الآن قلت بوضوح أن النظام السوري لا يزال مستبدا  ويحتاج للإصلاح وهو مسؤول أيضا عن إدخال “دببة المؤامرة” لكرم الشام المدهش لكنه بصراحة نظام “صمد” وفعل ذلك في مواجهة “مؤامرة حقيقية” لكنها لا تزال مفتوحة والاستدراك الوحيد في دمشق ان يعود الرئيس بشار وحكومته إلى “قواعد اللعب النظيف” والإصلاح السياسي والعدالة والإنصاف حتى لا يتكرر السيناريو، فالشعب السوري يستحق الكرامة والعيش الكريم.

نعود للجزئية الأردنية في المشهد: النقيب الزعبي لم يبالغ ولم يمنح النظام السوري شيكا على بياض ولم يحمل معه عباءة ولم يهدد أحدا في عمان بخطفه وتعليقه من أجزاء حساسة في ساحة المرجة.

تلك صورة “مهنية” وسياسية وفيها واقعية سياسية لا تصلح لإعادة النشر نكاية في سياق تنافس انتخابي.

أحترم الرفايعة وأختلف معه في الرد عبر تلك الصورة عن الشاشة السورية وأدعو صديقا نحترمه مثل نقيب المهندسين للانتباه والصبر وتمثيل الجميع والحرص على “نزاهة التصويت” على الخلافات والعمل في سياق وطني لضم الجميع تحت جناحي النقابة الأم التي نحترمها ونقدرها كأردنيين ونعتبرها مظلة للجميع.

مشهد الهتافات ومن جميع التيارات “غير لائق” و”قريتنا صغيرة” كما يقال واتهام مهندسين بـ”البلطجة” مبالغة درامية مؤسفة لا تنافسها إلا مبالغة إضافية باسم “تطهير النقابة”… تلك نقابة للجميع… كانت “قائدة” وينبغي ان تبقى… ما حصل وقد يحصل “معيب” يا مهندسي الأردن.

اللطم القومي

“إحنا فين والعالم فين”… هذه العبارة  يمكن استذكارها في حفل وناسة  جماعي على مستوى الأمة لإظهار الأسف على الحال العام وممارسة اللطم القومي.

في نشرة إخبارية لا تتعدى أربع دقائق مدير قناة الجزيرة كان يتحدث او يتلو ثلاثة  أخبار  بالتزامن.

 الأول له علاقة بإضراب  النشطاء المدنيين عن الطعام في تونس احتجاجا على الدكتاتورية والتعسف وما وصف بالانقلاب الدستوري والثاني له علاقة بالحفاة والجياع في الخرطوم وهم ينزلون للشارع مجددا تحت عنوان المطالبة بعودة الحكم المدني  فيما الجنرال الأقرب الى صيغة  الدكتاتور الذي يحكم السودان يبدو مهتما  بالتواصل مع إسرائيل وتقديم وجبات متتابعة من الولاء المسموم للدول الغربية أكثر من إطلاق الرصاص على شعبه في الشوارع.

في الخبر الثالث بالتتابع  أيضا وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تطلق القمر المسبار الجديد الذي يعتبر الأضخم في التاريخ.

المفارقة كبيرة هنا خلال دقائق قليلة، فالدول التي تغزو الفضاء وتطلق  المركبات الفضائية لا تتخذ أي  خطوات تعسفية مضادة للحريات والديمقراطية في شعوبها رغم أنها  توفر كل أنماط الترف الاجتماعي والاقتصادي وحتى الفضائي بينما الأنظمة التي تراكم الجوع والعطش والفقر في الشرائح مجتمعاتها تذهب باتجاه التعسف والدكتاتورية وإطلاق الرصاص على الناس.

أليست تلك مفارقه تستحق التأمل مع قليل من “اللطم القومي” فعلا تصفيقا للأستاذ البروفسور قيس سعيّد والجنرال الأخ عبد الفتاح البرهان ولا تنسوا طبيب العيون الزعيم ايضا.

لطمية سفير واشنطن

ينقل تلفزيون الأردن الرسمي التصريحات التي أدلى بها السفير الأمريكي في عمان عن “اتفاقية خطاب النوايا” وطبيعة وخطورة “أزمة المياه” في الأردن وتحتفي شاشة “المملكة” بدموع التماسيح الدبلوماسية الأمريكية على  “الشعب الذي سيعطش جدا قريبا”.

يعرف الجميع ان “لطمية السفير” على أزمة المياه في الأردن لم تكتب في كتاب ولم ترد على لسان أي أردني فيما يصر خبير المياه الدكتور سعد أبو حمور للرد على سيناريو البدائل  المطروح في برنامج حواري عبر “المملكة” بالإشارة إلى “أموال كبيرة يحتاجها استخراج المياه الجوفية”.

ما يثير القلق في مناورات السفارة الأمريكية ان السيد السفير بدأ يتحدث بدلا من “الوزير المختص” في حكومة الأردن، ويدخل في التفاصيل مستلهما تجربة  زميلته السابقة التي سألت يوما عن ما إذا كان النشامى قد جربوا “طهي المنسف”  بلحوم الستيك الأمريكية الشهيرة.

عندما يتحدث سفير أجنبي بتفاصيل فنية وبيروقراطية يصبح من حق أدبيات الاحتجاج لاحقا الإشارة إلى “المندوب السامي” الجديد لكن الأهم من أي استنتاج سطحي هو الأرضية التي تمنح سفيرا الحق بالتحدث للمواطنين بدلا من مسؤوليهم ودلالات ذلك الأعمق على تبلور فكرة أمريكية خطرة مضمونها “كفاءة الحكومة”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى