اراء و مقالاتمقالات وآراء

«منصة الجسور الإلكترونية» لا تفتح إلا قليلاً: مئات العائلات وآلاف الأردنيين «عالقون» في «الوطن المحتل»

المنصة الإلكترونية تفتح لعدة دقائق فقط».. هذه العبارة ترددت على نقاشات النافذة الإلكترونية لمئات الأشخاص من الأردنيين الذين قادتهم صدفة الفيروس فقط للبقاء في الأرض الفلسطينية المحتلة، وبالتالي عدم العودة إلى أهاليهم وعائلاتهم ومصالحهم في الأردن وللشهر العاشر على التوالي عملياً.
طبعاً، لا يمكن التدقيق في الجوانب الفنية أو غير الفنية التي تنتج عن فتح المنصة الإلكترونية المختصة بعودة الأردنيين إلى بلادهم، وفي النافذة المخصصة حصرياً للجسور والمعابر مع فلسطين المحتلة. لكن الحكومة، من جانبها، لا تقدم إجابة شافية أو واضحة، وخلية الأزمة التي تدير المنصة – حسب عبد الله أحمد، أحد العالقين مع طفليه- تكتفي عند تلقي الشكاوى والملاحظات بتلك الإشارة الإلكترونية على أسفل شاشة المنصة التي تعتذر عن استقبال المزيد من الطلبات وتطالب المواطنين بالمحاولة مرة أخرى ضمنياً.
وقفت «القدس العربي» مباشرة على حالات متنوعة وأفقية يبدو أن لها علاقة بأردنيين من حاملي البطاقة الصفراء، وهي البطاقة النموذجية جداً بالنسبة لوزارة الداخلية الأردنية، وتمنح لمواطنين أردنيي الجنسية لهم حق الزيارة والإقامة في الأرض المحتلة بموجب عملية إدارية أمنية تشجعها السلطات الأردنية لا بل تمتدحها من باب الحفاظ على صمود الأهل وعدم تفريغ الأرض. الأردنيون من حملة البطاقات الصفراء، وعددهم – بطبيعة الحال – بعشرات الآلاف، هم نواة الوصل والعمل على الجسور والمعابر بين الضفتين، لكن عندما أغلقت البلاد في آذار الماضي، علق هؤلاء أو من كان منهم في الضفة الغربية تحت بند الظرف القاهر، مثل غيرهم من الأردنيين في الخارج، وعندما بدأت المملكة تستعيد عافيتها الصحية، طلب من أردنيي الخارج التسجيل بمنصة تتبع خلية الأزمة؛ لتنظيم عودتهم بالتنسيق مع وزارة الخارجية وبصورة منظمة تحافظ على مصالح وصحة الجميع. يبدو أن وزارة الخارجية اهتمت آنذاك بمختلف شرائح الأردنيين في الخارج قبل إغلاقات كورونا، واستثنت من الاهتمام الأردنيين الذين عبروا الجسور لأسباب عائلية ومصلحية، فعلقت مئات العائلات.

تواصل خليل الأفندي مع مكتب «القدس العربي» في عمان، وزوده بنسخ مصورة عن تعليقات الأردنيين على صفحاتهم التواصلية بسبب ما يجري معهم، فمنصة الجسور الإلكترونية لا تفتح، وإن فتحت فلفترة قصيرة جداً، ومتابعتها مسألة بدأت تثير القلق، فيما فتحت المطارات والحدود. وأصبح الأردني، أينما كان، يستطيع العودة شريطة التسجيل إلكترونياً بمنصة فحص الفايروس كورونا. لا يمكن مقابل المعاناة التي يعيشها آلاف العالقين في الضفة الغربية تحديداً مع أطفالهم ونسائهم، معرفة ما الذي يحصل مع المنصة الإلكترونية في نافذة الجسور وفي نافذة محددة. وخلية الأزمة بطبيعة الحال هدفها حماية صحة الشعب الأردني، لكن البلاد فتحت، والقطاعات الاقتصادية المغلقة فتحت، واللقاح موجود، والمناعة توسعت- حسب عالم الوبائيات الأكثر خبرة الدكتور عزمي المحافظة. تلك أسباب – برأي عضو مجلس النواب المختص الدكتور عبد الرحيم الأزايدة- تعني أن مسألة الأردنيين في الخارج ينبغي أن تراجع، وأن عودة أبناء الأردن من الأرض الفلسطينية المحتلة مسألة حق مكفول بالدستور والقانون، وعلى الحكومة -كما أبلغ الأزايدة «القدس العربي»- أن تتصرف في هذا السياق. لكن السؤال: لماذا لا تتصرف حكومة الأردن؟
ثمة من يعتقد أن الاعتبارات هنا تحديداً قد لا تكون صحية ووقائية. تلك نظرية تحتاج إلى الاختبار أيضاً، فالأردني ينبغي أن تيسر له دولته الحق بالعودة أينما كان وفي أي وقت، ومجلس النواب يفترض أن يقوم بواجبه، كما يؤكد النائب نصار القيسي، على أن تؤخذ بالاعتبار بروتوكولات مقتضيات الوقاية الصحية. وثمة ما يزعج ويجعل عدم فتح المنصة مكلفاً ومقلقاً أكثر للأردنيين العالقين.
يتحدث العالقون في الرسائل التي أوصلت لـ»القدس العربي» عن استنفاد المال الذي يحملونه، وعن أكثر من عشرة آلاف أردني على الأقل يراجعون على مدار اليوم أملاً في فتح المنصة. كما يتحدثون عن حالة استغلال بشعة من قبل مكاتب سياحية بدأت تحصل على المال دون إنجاز تعبئة الطلب الإلكتروني، خلافاً لفوارق نفقات وكلف معيشة الغالبية من العالقين منذ عدة أشهر بعدما حملوا مالاً يكفيهم كضيوف.
صحيح طبعاً أن وزارة الداخلية توفر ملاذاً خاصاً لمساعدة أي حالات إنسانية تقتضي ظروفها العودة الفورية، لكن الصحيح -بالمقابل- بالنسبة لرواية ضحايا البعد عن وطنهم من الأردنيين حملة البطاقات الصفراء، فإن الوقت يمر ويستنفد، ومتابعة المنصة الإلكترونية مسألة مجهدة ومضنية، والعائلات بعضها انقسم بين الضفتين، والمعاناة تزيد ولا بد من إعادة النظر في العدد الذي تسمح منصة خلية الأزمة باستقبال طلباته من هذه الشريحة، أو توفير بروتوكول مختلف بما يحافظ على الوقاية الصحية ولا يلحق ضرراً بالناس، كما يؤكد القطب البرلماني خليل عطية.
الغريب أن عشرة آلاف أردني على الأقل عالقون، فيما أغلقت المنصات عملياً، ورفعت غالبية ساحقة من قيود العودة، وفتحت الحدود حتى مع الدول التي ينتشر فيها الوباء بكثافة، مثل سورية والسعودية والعراق.
خوفاً في المحصلة من أي تفسير خارج السياق أو مرتبط بخلفية سياسية، على حكومة الأردن أن توضح ما يجري، وتجد وسيلة بديلة عن منصة إلكترونية باسم الأزمة لا تفتح، فيما الأزمة نفسها لم تعد كما كانت بعد فتح جميع القطاعات وإلغاء الحظر وبعد اللقاح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى