اراء و مقالات

شبح ملف الطاقة الأردني: غاز «العدو» يفوز و«انكماش» محتمل في أضخم استثمار بتمويل «صيني» بعد نصيحة غامضة

وزيرة الطاقة لـ «القدس العربي»: ندرس كل الخيارات بما يضمن المصالح الوطنية

 

 يتعرض أضخم وأبرز مشروع في مجال إنتاج الطاقة بغطاء تمويلي «صيني» إلى الانكماش بيروقراطياً وسياسياً بالتوقيت نفسه في الأردن، وسط قناعة بعض الأطراف بأن المستفيد من الطريق الرسمي والبيروقراطي هي اتفاقية الغاز الإسرائيلي التي لا تزال صامدة رغم حالة العداء واحتمالات التناقض والصراع بين الأردن وإسرائيل على خلفية مشروع الضم.
الحديث هنا عن مشروع الصخر الزيتي والاستثمار في إنتاج الكهرباء منه. وهو مشروع سبق أن أثار عاصفة من الجدل بسبب ما تقول الحكومة إنه ارتفاع في كلفة إنتاج الطاقة منه، مع أن الأمر يتعلق بمشروع لعدة أطراف مستثمرة حظي بغطاء تمويلي صيني لأول مرة يقدر بملياري دولار.
فاجأ رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز المعنيين بوجع ملف الطاقة، الأسبوع الماضي، بتصريح مقتبض يكشف النقاب فيه عن أن الحكومة بدأت تدرس آلية للدخول بشراكة أو استحواذ، تهدف إلى السيطرة على مشروع الصخر الزيتي.
ولا يعلم الفرقاء بأن تصريح الرزاز نتج على الأرجح عن معلومات جديدة مثيرة قدمت له تتحدث عن احتواء الضغط الأمريكي والإسرائيلي بعملية منهجية عميقة سريعة تحت عنوان إعادة التفاوض والشراكة المحتملة حول المشروع الضخم، بحيث يتم إبعاد الممول الصيني ولا تضطر الخزينة الأردنية لمواجهة عملية تحكيم يتم تدويلها يتخللها دفع شروط جزائية كبيرة.

وزيرة الطاقة لـ «القدس العربي»: ندرس كل الخيارات بما يضمن المصالح الوطنية

يبدو أن الرزاز بدأ يفكر في هذا السياق بعد حديث لم يكشف النقاب عنه مع شخصية أردنية لها علاقة مباشرة بملف مشروع الصخر الزيتي والعطارات. وبصيغة تحاول التعقيب على تداعيات المداهمات الضريبية وتحقيقات المال الموسع جداً، التي يتصور بعض الخبراء أن الهدف الأعمق لها هو إبعاد شبح التمويل الصيني وعدم تمكين الصين من التواجد بأي صيغة في عمق بنية الاقتصاد الأردني.
بدت عبارة الرزاز عن شكل جديد محتمل للمشروع العملاق في إطار تفكير مستقل لحكومته، ولكن الوقائع تؤشر إلى أن بعض الأطراف الأردنية التي وفرت الغطاء للمشروع بتمويله الصيني، وبعد ضغط عنيف عليها، قد تكون هي التي عرضت التسوية الجديدة، وقوامها أن تدخل الحكومة نفسها في شراكة محتملة تردد بأن لها علاقة بشراء ولو 10% من قيمة المشروع .
ويعني ذلك بالنتيجة أن وجود حصة ملكية في أسهم المشروع الضخم للحكومة قد يمكنها من الاطلاع على كل التفصيلات في الداخل، وإذا ما زادت هذه الحصة عبر قطاع خاص أردني يمكن في النتيجة إخراج الغطاء الصيني من المعادلة بأقل كلفة ممكنة وبدون مواجهة استحقاق الشروط الجزائية الضخمة.
قال الرزاز بوضوح إن حكومته تفكر الآن بالأمر، ومن المرجح أنه يريد إنهاء تلك المقايضة والمقاربة والمقارنة المزعجة باتفاقية الغاز الإسرائيلي. لكنه لم يكشف النقاب عن المعلومات الجديدة التي دفعته في هذا الاتجاه، وهو اتجاه قد يفسر إيجابياً وفي سياق حراك منطقي لتجنب الخسائر ولخروج عائلة الطراونة الاستثمارية الكبيرة من المعادلة وبخسائر معقولة أيضاً.
في الأثناء، تعكف وزارة الطاقة فعلاً على دراسة الأمر، وهو ما قالته في تعليق، بعد نقاش لـ»القدس العربي»، وزيرة الطاقة هالة زواتي، وهي تؤكد حرصها وحرص الحكومة الشديد والدائم على أن ينعم الأردن بخيراته الطبيعية، وضمن معادلة بكلفة مناسبة ودون إرهاق الأردنيين.
الوزيرة زواتي تعتبر المشروع بوضعه الحالي غير مجد، والتكلفة السنوية كبيرة جداً، وستنخفض ويصبح المشروع منتجاً أكثر إذا ما امتلكت الحكومة المشروع. لكن المسألة تدرس بهدوء شديد، والخيارات تناقش بانفتاح، والعمل متواصل بكل جهد وعلى أساس معادلة منصفة تمثل مصالح الشعب الأردني. وتنفي الوزيرة زواتي، بكل اللهجات واللغات، الحديث عن امتلاك المشروع بهدف إيقافه، وتصر على أن وزارتها والحكومة تدرسان الخيارات في بعدها المتعلق بمصلحة الاقتصاد الوطني وليس في أي سياق سياسي من أي نوع.
وكانت الحكومة قد جمدت العمل بالمشروع الضخم، وطالبت بإعادة التفاوض على أسعار الكميات التي ستنتج من الكهرباء بعد التيقن من أن الأسعار الموقعة عليها في اتفاقية المشروع مجحفة وغير منصفة.
وخططت الحكومة جيداً لإعادة التفاوض بهدف تخفيف العبء عن الخزينة، لكن الجانب الصيني لوح باللجوء إلى التحكيم والتعويض بالشرط الجزائي بعدما وصفت الاتفاقية الموقعة في عهد حكومة سابقة بأنها جريمة. وثمة جديد على طاولة الرزاز حول هذا الملف الشائك، لم يحسم أمره بعد، ونتجت عنه معطيات طازجة توفرت للرزاز بعد مصارحة أو نصيحة ما واضح أن الذكاء لا ينقصها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى