اراء و مقالات

أول «تطبيع وزاري»: غاز مصري إلى لبنان ولاحقاً «كهرباء أردنية» عبر الأراضي السورية

الجميع في انتظار ردة فعل إيران على نتائج اجتماع عمان

عمان – «القدس العربي»: انعقاد اجتماع فني وتقني ووزاري رباعى في العاصمة الأردنية عمان، يعني سياسياً بأن الفرصة باتت متاحة فعلاً للالتزام بما سبق أن اتفقت عليه قيادة كل من مصر والأردن بخصوص عودة سوريا إلى حضنها العربي، أو إلى الجامعة العربية، وفي أسرع وقت ممكن.
على هذا الأساس، وأملاً في التفاهم على تزويد لبنان تحديداً بكميات من الغاز المصري، استضافت العاصمة الأردنية الأربعاء، اجتماعاً يمثل الدول الأربع في مجال الطاقة حصرياً.
يجتمع وزراء الطاقة في لبنان وسوريا ومصر في ضيافة وزير الطاقة الأردني في اجتماع تنسيقي تم ترتيبه، حسب المصادر المطلعة، ضمن أرفع المستويات. والهدف من هذا الاجتماع، البحث في الإمكانية الفنية لتزويد لبنان بغاز مصري على أن يعبر عبر الأنابيب الأردنية والأراضي السورية إلى الجانب اللبناني.

الجميع في انتظار ردة فعل إيران على نتائج اجتماع عمان

هذا الاتفاق له علاقه حصرية بتوريد الغاز المصري إلى لبنان .والبحث لا يزال جارياً عن إمكانية تزويد لبنان بكهرباء أردنية عبر الأراضي السورية، وإن كانت التقارير الفنية الواردة من دمشق حتى الآن تشير إلى ضرورة توفير مخصصات مالية يبدو أنها ضخمة لخطوط نقل الكهرباء التي تضررت بسبب الحرب والعمليات العسكرية داخل الأراضي السورية في اتجاه الجمهورية اللبنانية، حيث إن الأردن ومصر يعملان معاً ليس فقط في سياق القضية الفلسطينية، ولكن أيضاً في سياق الأزمة الحادة في لبنان.
الاجتماع مع وزير الطاقة السوري سيكون الأول من نوعه منذ عام 2011 والحديث له علاقة بترتيبات تصدير الغاز المصري الذي يصل أصلاً إلى الأردن، ويبدو أنه تتوفر إمكانية فنية لعبوره عبر سوريا في اتجاه لبنان، على أساس أن رعاية مصر والأردن للبنان في وقت الأزمة الحادة الحالية وعبر لافتة الطاقة هو الخيار البديل للمجتمع الدولي، حتى لا تستثمر إيران في أزمة الطاقة اللبنانية، وحتى تفشل جميع المخططات الأخرى.
إلى ذلك، يعتبر التنسيق من أجل عبور الغاز المصري ثم عبور الكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا في وقت لاحق هو أداة القياس الأكبر سياسياً ودبلوماسياً لإمكانية إقناع جميع الأطراف بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وبالتالي تطبيق الاستراتيجية التي كان قد دعا لها الملك الأردني عبد الله الثاني في هذا السياق.
يبدو أن توريد الكهرباء إلى لبنان عبر الأردن يحتاج إلى مخصصات مالية وتواجهه تعقيدات فنية كبيرة، لكنها ستبقى قيد البحث على الطاولة، خصوصاً أن الجانب الأردني تعهد بإجراء الاتصالات دولية الطابع لهذا الغرض مع المجتمع الدولي، فيما الجانب السوري أظهر مرونة سياسية لكنه تحدث عن مشكلات أمنية وأخرى فنية قد تعيق استقرار تدفق الكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية وتوريدها إلى اللبنانيين.
الجديد في الموضوع أن المسائل الفنية والأمنية في هذا السياق بدأت تُبحث. والجديد أيضاً أن الولايات المتحدة في إدارتها الحالية، تدعم هذه الخيارات وتؤكد لجميع الأطراف بأن تزويد لبنان بالطاقة، بما في ذلك الغاز والكهرباء، هو هدف يمكن أن يساعده المجتمع الدولي وتغطيه قرارات الأمم المتحدة، وبالتالي الظروف السياسية مهيأة لمثل هذه النقلة، لكن طبيعة الحصار الأمريكي على سوريا قد تعيق الجانب الفني المتمثل بصيانة خطوط استقبال الكهرباء المتضررة عبر الأراضي السورية.
وتعتبر هذه الترتيبات، وإن كانت قد تتخذ الآن شكل الإجراءات الفنية والتقنية وتتضمن لقاءات وزارية على مستوى الخدمات في الدول المحيطة بلبنان، إلا أنها في الوقت نفسه بمثابة خطوة سياسية تعيد تأهيل وإدماج العلاقات السورية اللبنانية من جهة، وتجعل الاتصال والتواصل مع الحكومة السورية جزءاً من استراتيجية الترتيبات في المنطقة عموماً بالنسبة لدول مقربة من الغرب، أو محسوبة على الإدارة الأمريكية الحالية مثل مصر والأردن. ويبدو أن الهدف النهائي مجمع عليه بخصوص إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، وبالتالي هذه الخطوات التقاربية الفنية جزء من استراتيجية عمل واشتباك لها علاقة بهذا المحور.
لكن الأحداث الأمنية المعقدة التي اندلعت في مدينة درعا جنوبي سوريا قد تكون بمثابة رسالة توحي بأن مشروع ربط لبنان بالكهرباء الأردنية والغاز المصري يواجه بعض التحديات، خصوصاً أنه يوفر البديل عن الخدمات التي يمكن أن تقدمها إيران عبر «حزب الله» اللبناني، وبالتالي التنافس اليوم شديد بين دول محور الاعتدال العربي، ومحور المقاومة ممثلاً بإيران. واحتياجات الشعب اللبناني الملحة جداً هي المفصل، وهي التي تقع في الطريق إزاء مثل هذه التنافس.
وبالتالي، لا أحد يعلم إلى أين يمكن أن تقود مثل هذه الاجتماعات الفنية، خصوصاً أن القوة الإيرانية العسكرية والأمنية عبر مجموعات مسلحة هي الموجودة في الميدان، وتحديداً في جنوب سوريا، حيث أنابيب الغاز التي يفترض أن تنقل الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن، وحيث شبكات الكهرباء التي تحتاج إلى صيانة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى