اراء و مقالات

انتخابات البلديات واللامركزية الأردنية بدون إسلاميين وأحزاب: هل يتسلل مفهوم «الهندسة الرقمية»؟

لا تبدو انتخابات البلديات والمجالس اللامركزية مسيسة لا من حيث الشعار ولا البرامج ولا حتى من حيث تركيبة المرشحين حتى عندما يتعلق الأمر بمرشحي المناكفة.

عمان ـ «القدس العربي»: عادت لكن بخجل شديد بعض أعمدة الإعلانات الخاصة بالمجلس البلدي في العاصمة عمان تظهر في بعض الشوارع والأزقة وعند الدواوير والجسور إيذانا ببدء الحملة الانتخابية الخاصة بانتخابات غامضة إلى حد ما ومجهولة النتائج والتداعيات لمجالس البلديات والمجالس اللامركزية قررت الحكومة عقدها وتنظيمها في شهر أذار/مارس المقبل بالرغم من ما يتردد على المستوى الوطني من حالة تفشي كبيرة لفيروس كورونا قد تؤدي إلى تعطيل العام الدراسي مجددا.

وتعقد انتخابات البلديات الأردنية وسط استمرار تراكم التساؤلات السياسية حول النهايات والتداعيات المسجلة باسم عملية تحديث المنظومة السياسية حيث انتهت بتعديلات دستورية أثارت الجدل وتسببت ببعض المؤشرات التي لا يمكن إغفالها في الملف السياسي تحديدا فيما بدأت اللجنة القانونية بمجلس النواب بإجراء حوارات ذات بعد وطني لها علاقة بالسعي إلى اقرار قانونين جديدين للانتخابات والأحزاب.
ويفترض بنسخة الانتخابات البلدية المقبلة ان تؤدي إلى احتواء حالة الاحتقان السياسي والاقتصادي وأحيانا الاجتماعي على مستوى الأطراف والمحافظات.
لكن النشاط حتى الآن في حالة غير حماسية وفاترة إلى حد ما مع أن الهيئة الانتخابية اعلنت عن تسجيل أكثر من 4 آلاف مرشح لهذه النسخة واليافطات والصور الملونة ظهرت في عمان العاصمة وفي بعض أحيائها فقط ومن جهة أعضاء سابقين في مجلس أمانة العاصمة عمان أو من طامحين بأحد مقاعد مجلس المدينة العاصمة والذي يخضع بالعادة المكررة إلى «محاصصة عائلات» وتمثيلات مناطقية وعشائرية حتى في الحصة المتاحة للتنافس والاقتراع.
بكل حال وحتى الآن لا تبدو انتخابات البلديات والمجالس اللامركزية مسيسة لا من حيث الشعار ولا البرامج ولا حتى من حيث تركيبة المرشحين حتى عندما يتعلق الأمر بمرشحي المناكفة مثل النائب الأسبق غازي هوامله الذي أعلن نيته الترشح لرئاسة بلدية الطفيلة جنوبي البلاد. الأحزاب السياسية الموجودة في الساحة وتلك التي تتزاحم للإعلان عن نفسها خلال مرحلة المنظومة الجديدة لا يبدو ان لها حصة حقيقية ووافرة من عدد المرشحين في الوقت الذي بدأت فيه تقارير شبه رسمية تحذر من تداعيات الحرص الشديد على العزوف عن المشاركة في تلك الانتخابات حيث المشهد السياسي عموما غير واضح والعمل السياسي بالاستعصاء كما يؤكد الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ مراد عضايلة .
والجدل أكثر في مستويات التوافق بين النخب السياسية بما في ذلك المحلية بالأطراف والمحافظات وحيث لقاءات محتقنة لنخبة كبيرة من أبناء العشائر يبدو انها غاضبة أو رافضة للتعديلات الدستورية أو تربط ملف تحديث المنظومة السياسية بإشارات مرتابة ومريبة وحصريا عندما يتعلق الأمر بمجلس الأمن القومي الجديد أو مفردة «الأردنيات» وسيناريو «التجنيس».
العنصر الأكبر والأكثر إثارة في تحضيرات انتخابات البلديات قد يكون استباق الحدث من جهة جبهة العمل الإسلامي أكبر الأحزاب السياسية حيث ان مشاركته في انتخابات البلديات واللامركزية بالعادة تدفع باتجاه إضفاء طابع سياسي على هذه النسخة من الانتخابات.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات جاهزيتها للتعامل مع الاستحقاق الدستوري الجديد حذرت وعبر تصريح لركنها الإعلامي باسمها جهاد المومني، من ان مفهوم هندسة الانتخابات الذي رافق انتخابات مجلس النواب السابقة «لا يبدو واقعيا» ولا يعكس واقع الحال. وهو تصريح لهيئة الانتخابات أثار ردود فعل متباينة وأحيانا ساخرة على مستوى منصات التواصل الاجتماعي. فتعبير الهندسة ارتبط بشكل كبير في وجدان الجمهور والنخب وحتى بعض المؤسسات الرسمية والرسميين بالنسخة الأخيرة من الانتخابات النيابية ويخشى كثير من الخبراء اليوم أن يتطور «مفهوم الهندسة» بالاتجاه الأذكى وهو مسار «الهندسة الرقمية» أو هندسة «الأبعاد الثلاثية» بمعنى تجنب العبث المباشر والإستثمار في «فراغات الإسلاميين والمسيسين» وترتيب أوراق «انتخابات المناطق» عبر خريطة «المرشحين».
علي جبهة موازية غياب التيار الإسلامي عن المشاركة في الانتخابات البلدية واللامركزية المقبلة قد يؤدي إلى حصر المضمون السياسي ولكنه قد يؤثر في سياق عدم ظهور زخم حزبي وسياسي في هذه النسخة.
والأهم ما يتردد في أوساط التيار الإسلامي عن توجهات داخل الحزب الأكبر أو بين أحزاب المعارضة في البلاد بان لا يقف الموقف عند تعليق المشاركة في الانتخابات بمعنى عدم تسمية مرشحين والعزوف عن الذهاب إلى صناديق تلك الانتخابات.
وقد يذهب موقف الحزب باتجاه السعي وسط المجتمع في المحافظات والأطراف والمدن الكبرى أيضا لثني المرشحين عن التقدم لتلك الانتخابات، لكن خوض الانتخابات البلدية ونجاحها وأهم ملامح النجاح هو نسبة المشاركة، أصبح بمثابة التحدي الشخصي بالنسبة للرجل الثاني في الحكومة وزير الحكم المحلي ونائب رئيس الوزراء توفيق كريشان.
تلك الانتخابات تعقد في ظروف معقدة صحيا واقتصاديا ومعيشيا بدلالة الإعلان عن عدد الإصابات الكبير ودخول البلاد في حالة التفشي الفيروسي لذروتها الرابعة، الأمر الذي يمكن ان يساهم في إنحسار قوة ونفوذ تلك الانتخابات.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى