اراء و مقالاتمقالات وآراء

هل تفكر السلطة في «استئصالهم» فعلاً؟… «إخوان» الأردن وهم يفقدون «شخصيتهم القانونية»: تفكيك أم «تفتيت»؟

 

 لسبب أو لآخر «لا يريد» الفاعلون في مطبخ الإخوان المسلمين الأردني «الاجتهاد» في المساحة الإدارية والقانونية التي تطالب، ضمنياً ومنذ أكثر من عامين، بـ»تصويب ملف ترخيص الجماعة».
ليس سراً أن بعض رموز الإخوان اعتبروا «أي محاولة للتصويب»، منذ تم تسمين الانشقاق ضدهم بعد مناخات «الربيع العربي»، ضرباً «من العبث» لا مبرر له؛ لأن الملف – باختصار شديد – لا يزال «أمنياً» في المسألة الإخوانية، وأخفق الفرقاء جميعاً في نقلة إلى «المستوى السياسي».
وليس سراً أن «القدس العربي» سمعت مباشرة من قيادات بارزة في الحركة الإسلامية، مثل الشيخ مراد العضايلة والشيخ زكي بني أرشيد، في بدايات أزمة الانشقاق قبل سنوات.. ذلك العزف على الوتر الذي يصر على أن «الإخوان» في نسختهم الأردنية على الأقل أقرب إلى «فكرة عابرة وعميقة ونسيج اجتماعي»، ولا يمكن – وليس من الحكمة – اختصارهم بـ»يافطة أو مقر أو حتى رخصة».

قرار محكمة «التمييز» يطرح سؤالين في الأفق الوطني حول «نقابة المعلمين» والاستحقاق الانتخابي

يمكن، طبعاً، سياسياً مناقشة هذا المنطق على أساس أنه أدى، في سنوات الاشتباك على ملكية العقارات والمقرات، إلى»تقصير إداري» في اتخاذ خطوات ينبغي أن تتخذ وبصيغة انتهت بتسليم «خصوم الجماعة الأم» في الخارطة والسلطة «ذخيرة» تستخدمها في المعركة المضادة ضد «النسيج والفكرة».
لكن يمكن في المقابل الإصغاء إلى منسوب التعقل الذي يتضمنه استفسار وطني بسيط للمراقب العام الحالي للجماعة المعتدل جداً الشيخ عبد الحميد الذنيبات وبحضور «القدس العربي» في أمسية نقاشية خاصة ومغلقة، وهو يسأل: دلوني.. على أي مصلحة وطنية تنتج عن تفكيك واستهداف الحركة الإسلامية الراشدة في هذا الوطن؟
عملياً، لن يجد الشيخ الذنيبات ورفاقه في البيت الإخواني أي مسؤول خارج سياق التحريض يقدم لهم، فعلاً وحقاً، دليلاً ما على مصلحة للدولة أو للوطن في حال «مطاردة وإقصاء» مكون أساسي بحجم الإخوان المسلمين.
مؤخراً، عزف نقيب المهندسين أحمد سماره الزعبي – وهو بالمناسبة خصم نقابي للإخوان المسلمين – على وتر السؤال الحساس، على هامش نقاش مع «القدس العربي» وهو يحاول فهم مبررات التوسع في استهداف مؤسسات المجتمع المدني، سائلاً: تفكيك، أم انتقلنا إلى مرحلة «تفتيت».. من المستفيد؟
في كل حال، ما بين «تقصير محتمل ومغرور خدم الخصوم» في متابعة «تصويب ملف ترخيص الجماعة» . ووجهة نظر «تنظيمية» تجاهلت التصويب الذي تحدثت عنه محكمة التمييز ضمنياً.
بين هذا وذاك، يمكن القول بأن جماعة الإخوان المسلمين الأردنية العميقة «لا تحفل» كثيراً، و»لن تتأذى»، كما يتوقع خصومها في حال «انتقال ملكية» مقراتها وأموالها غير المنقولة إلى غاضبين من رحمها شكلوا إطاراً مرخصاً باسم «جمعية الإخوان المسلمين»، الوريث الشرعي الآن للمقرات.
وبين هذا وتلك، اتخذت محكمة التمييز العليا قرارها المنتظر بعد أكثر من عامين على التداول والمرافعات والمرافقات، والقائل باختصار بأن الجماعة «فاقدة لشخصيتها القانونية وفي حكم المنحلة، وذلك لأنها لم تقم بتصويب أوضاعها حسب القوانين الأردنية».
محكمة التمييز لا تتأثر هنا، وهي تنظر بـ«الشكل» وليس بالمضمون فقط، في العوامل السياسية. وعندما تقرأ المعطيات والملفات لا تتعامل مع الأفكار الكبيرة باسم النسيج الاجتماعي أو خلافه، وإن كان القرار يطوي صفحة ويفتح أخرى في أحد أبرز ملفات الاشتباك المحلية، وهو التصادم مع تنظيم ضخم يمثل الحركة الاجتماعية والسياسية الأثقل والأعرض والأضخم في المملكة.
«لا أحد في الوطن يستفيد من استهداف الحركة الإسلامية».. هذه العبارة يكررها على مسامع «القدس العربي» ناشط سياسي فاعل مثل المهندس مروان الفاعوري.
والشيخ العضايلة أراد عدة مرات التذكير بأن «الإصلاح والوطن» أهم بكثير من أي حديث عن «يافطة أو رخصة» ومن أي نزاع على ملكية «حفنة أثاث» هنا أو هناك، والأهم أن «ينجو الوطن».
القانون معيار الجميع، ولا خصومات عندما يتعلق الأمر بالالتزام به.. هذا ما سمعته «القدس العربي» أيضاً من وزير الداخلية القوي سلامة حماد، عندما تعلق الأمر بأكثر من محطة في ملف التيار الإسلامي.
وفي الوقت نفسه، كان قطب البرلمان البارز خليل عطية يعلق: قرار محكمة التمييز واجب الخضوع التام له وبدون نقاش، لكن جماعة الإخوان وبمعزل عن القرار، مكون لا مزاودة عليه في عمق النسيج الاجتماعي، وعلى السلطة الحكومية أن تحترم ذلك.
وعليه.. تلك هي المعادلة اليوم؛ فالقرار الصادر عن أعلى محكمة أردنية يكتسب صفة «القانون» ويحسم الخلاف حول «الشخصية القانونية الوريثة» باسم الإخوان المسلمين الذين -بدورهم- لديهم «فائض» من الحضور وفي عمق المعادلة ومن العبث التفكير باستئصاله، فقد تم تنفيذ عشرات الوصفات التحريضية في الماضي وبقي الإخوان في مستوى «التعقل» بمواجهة سلسلة من «الاستفزازات المراهقة» وطنياً. عدم تسرع الإخوان تنظيمياً في الرد والتعليق على قرار «لا يشكل مفاجأة فعلية لهم» هو دليل على قدرتهم على «هضم النتائج»؛ فقد كانت المسألة بالنسبة لهم -وتستطيع «القدس العربي» أن ترجح ذلك- ليست أكثر من «إشارة» تساعد في فهم بوصلة المرحلة والتموضع في الكمون التكتيكي. فالجماعة في النهاية ومع الخضوع التام لسلطات القضاء، ليست ولن تكون ولا يمكنها أن تكون، فعلاً، مجرد «يافطة أو رخصة أو مقر».
وبقيت مسألتان بعد عملية الخض الإعلامية مجدداً في قرار قضائي يؤدي عملياً إلى حل الإخوان المسلمين في شكلهم الترخيصي القانوني فقط. الأولى لها علاقة بالسؤال التالي: هل سيعيد قرار «التمييز» خلط الأوراق في الجانب السياسي المتعلق بالأزمة المكتومة الآن، والتي يمكن أن تنفجر مجدداً بأي وقت بتوقيع «نقابة المعلمين»؟
أما المسألة الثانية فمرتبطة بحقيقة أن الجماعة الإخوانية التي «فقدت الآن شخصيتها القانونية» موجوده بواقع «10 نواب» في عمق البرلمان والتشريع.
والبلاد على واجهة «الاستحقاق الانتخابي» الذي يعلم الجميع بأن «ضبط إيقاعه» مهمة صعبة جداً بدون الجماعة الأم و»مخزنها من الأصوات»، مع أن حزب جبهة العمل الإسلامي جاهز لـ»وراثة» الدور والحضور والثقل الإخواني والتنظيم بجملة تكتيكية متحفزة، فيما «ورثة» الجماعة ثبت عدة مرات عدم جاهزيتهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى